تعيد فاجعة حريق قاعة الأعراس في (بغديدا – قرقوش – قضاء الحمدانية) حجم استشراء الفساد في كل مؤسسات الدولة (العراقية)، لتصل فصول الفساد في التلاعب بمواد الإنشاء التي تدخل في عملية بناء القاعات.. والمستشفيات.. والمدارس.. والمباني الحكومية في (العراق) والاشتراطات اللازم توفرها، وحالة قاعة (هيثم) مثال لذلك، والتي احترقت إثناء حفل الزفاف بوجود أكثر من إلف شخص كانوا متواجدين للاحتفال بعرس احد أبناء المدينة؛ حيث نشب حرق هائل في كل أرجاء القاعة لكون القاعة كانت مغلفة بمواد سريعة الاشتعال؛ وهي مواد مخالفة لشروط الأمانة والسلامة في المشاريع الإنشائية والبناء؛ ونتيجة هذا الاحتراق لم يتمكن المحتفلين الخروج نتيجة انطفاء الكهرباء.. وقلة عدد الأبواب.. ومنافذ الخروج؛ فأحترق المئات وهم في داخلها كانوا في أوج أفراحهم يحتفلون بحفلة عرس لأحد أبناء المدينة؛ وقد اشتعلت القاعة بأكملها وانهار سقفها على من كان في داخلها، حيث يقدر عدد المدعون إلى العرس أكثر من إلف شخص – كما قلنا سابقا – لان مواد إنشاء القاعة كانت (لا) تتفق مع شروط السلامة الإنشائية وإجراءات الحماية المدنية .
وكيفية معالجة أوجه الخلل بما يحدث من إهمال واضح وغياب الرقابة الإنشائية في مدن وقصبات (العراق)؛ لابد من إجراءات قانونية رادعة وعدم التهاون مع أي مخالفة من هذا النوع؛ خصوصا في ظل حساسية التعامل مع هذه البنيات التي تقطف أرواح المئات من الأبرياء هنا وهناك؛ والتي تتقاطع المسؤوليات ما بين الإدارة المحلية والسلطات الحكومية ذات الشأن، ومن الضروري الاستفادة مما حدث في (بغديدا) حتى لا تتكرر الكارثة مرة أخرى، فحق أولئك الضحايا الذين قضوا جراء الحادث سيتحقق بالكشف عن أسباب ومسببات الحادث؛ ومكامن القصور والإهمال، التي يجب على جهات المعنية بالتحقيقات أن تعلنها صراحة مهما كان درجة الحزبية أو مناصب المسئولين عنها، وعدم الالتفاف بمبررات واهية لا تعقل؛ ليتم إغلاق الملف دون الوصول إلى نتائج مرضية لأهالي (بغديدا) المنكوبين، فهذا الحادث ما هو إلا جرس إنذار عن حجم الخطر الذي يمكن أن يتكرر في المستقبل لو اكتفينا بإدانات إعلامية لا تقدم ولا تؤخر من شيء.. وبخطابات الدعم والتضامن وإعادة تأهيل هذه القاعة أو من عدمها وتعويض ذوي الضحايا .
هذه القاعة قد تملك ترخيصا رسميا؛ ولكن تم وفق أساليب خارجه عن القانون بتقديم الرشا واستخدام نفوذ هذه الجهة أو تلك من أحزاب السلطة وميلشياتها العاملة في المنطقة، لأن ما يسود في الساحة (العراقية) من استشراء الفساد لم يعد يخفي على احد؛ إذ إن الفصائل المسلحة وأحزاب السلطة تستحوذ على شبكة كبيرة من الأملاك ومصادر التمويل والاستثمار في هذه القطاعات.
وهناك اليوم ليس فحسب في مدينة (الموصل) بل في كل محافظات (العراق)؛ عشرات الفصائل تستحوذ على مشاريع ضخمة، تدر عليهم ملايين دولارات يوميا، مثل المتاجرة بالأراضي الزراعية.. وجني الرسوم والإتاوات من أصحاب المشاريع والمحال التجارية.. ومن استخراج النفط ونقله.. كما وتشارك الجهات المسلحة المتنفذة بعمليات بيع وشراء العقارات ذات القيمة العالية، مستغلين الأوضاع الآمنة في مدينة (الموصل) وضواحيها؛ بعد القضاء على تنظيمات (الداعشية الإرهابية) التي دمرت المدينة وخصوصا تلك الواقعة في المدينة القديمة بـ(الموصل) ومحيطها، فدخلت الميلشيات والفصائل العراقية المسلحة ما بعد تحرير المدينة؛ خط الاستثمار وحصلت على امتيازات ضخمة من الأموال المخصصة لإعادة الأعمار وذلك بتسهيلات قدمها مسئولين رفيعي المستوى داخل مدينة (الموصل) .
كما حصلت هذه الفصائل على تمويلات ضخمة جراء تهريب النفط؛ خصوصا من حقول (القيارة)؛ واغلب عمليات النقل تجري عن طريق شاحنات تذهب باتجاه (إيران) و(أفغانستان)، وبمعدل مئة شاحنة يوميا؛ كما إن بعض الفصائل ابتكرت أساليب أخرى لتثبيت وجودها داخل مدينة (الموصل) وضواحيها وخاصة في (سهل نينوى)؛ منها الاستحواذ على أملاك تخص (الوقف السني) و(أملاك المسيحيين الأشوريين) الذين تركوا مركز المدينة (الموصل) ونزحوا قسرا من المدينة نتيجة تهديدهم لمباشر من قبل تنظيمات (داعش الإرهابية) .
وهذه الفصائل والميلشيات (العراقية) استطاعوا تكوين إمبراطورية مالية في كل مدن (العراق)؛ وبحكم نفوذهم؛ فإنهم يستطيعوا التغلغل إلى جميع المشاريع في التمويل والبناء بدون إخضاعها لشروط السلامة، ومنها (قاعة الإعراس في بغديدا )، ومهما يكن فان هذه القاعة أصبحت بقوة الأمر الواقع قاعة رسمية فتحت أبوابها لاستقبال طلبات المواطنين لإقامة حفلاتهم وإعراسهم .
وهذا الحال يجر على مثيلاتها من القاعات المشيدة هنا وهناك، واغلبها (لا) تكون مجهزة بشروط الأمانة لاستقبال مئات المدعوين بشكل منتظم ومكثف؛ وبطبيعة الحال لم تراع بها إجراءات السلامة من وجود مداخل ومخارج للهروب من القاعة إثناء حدوث أي طارئ، ولم تجهز بتجهيزات اللازمة لذلك من حيث البنية الأساسية.. من الكهرباء.. والمياه.. وغيرها من الخدمات .
ويبدو إن النفوذ الذي مارسته هذه الميلشيات والأحزاب على السلطات المختصة في (نينوى) ليتم افتتاح القاعة دون شروط المطلوبة لذلك ومنع التدقيق في إجراءات وشروط السلامة العامة، وهو حادث مشابه لغرق العبارة عام 2019 وقد تسببت وقتها بمصرع وإصابة المئات وفقدان آخرين، وقد تبين لاحقا إن الملف تورطت به إحدى الفصائل المتنفذة في (الموصل) .
وعندما نراجع لأحداث تاريخية مرت على الشعب (العراقي) ما بعد 2003 والى يومنا هذا نجد بان (العراق) بنظامه الحالي وخصوصا بما هو معني بسلامة وامن المواطن؛ نرى ظاهرة تكرار الفواجع.. والكوارث.. والمصائب على مدار هذه السنوات؛ نذكر منها حادث (جسر الأئمة) الذي حدث في العام 2005 ، وحادثة الإرهابية التي حدثت في (كنيسة سيدة النجاة في الكرادة – بغداد) عام 2010 ، واحتلال مدينة (الموصل) من قبل فصائل الإرهابية في عام 2014 ، كما نذكر بحريق (مستشفى اليرموك) وحريق (مستشفى الحسين في ذي قار) و(مستشفى ابن الخطيب في بغداد) وغيرها…….
ولعل السؤال الذي لم نحصل الإجابة عليه طوال هذه السنين من (القضاء العراقي) أو (الحكومة التنفيذية) أو حتى (التشريعية) مراقبة ومتابعة أداء أجهزة الدولة وإعلان أسماء الجناة والجهات التي تقف وراء هذه الإحداث المؤسفة، وهذا يدل حجم الإهمال والتقصير وطبيعة تبعات السماح لهذه الكوارث الإنسانية وليس الطبيعية من إن تمر مرور الكرام دون محاسبه ودون ردع لمنع تكرارها.. بل أنها ازدادت عددا وحجما………!
………….؟
لذلك نؤكد بان حدوث الكوارث احد أسبابها هو تراكم الأخطاء الإدارية وهي متعددة الإطراف ولو بدرجات ومسؤوليات مختلفة، ومن هنا لابد.. بل من الضروري استحضار الإدامة والسلامة في تصاميم البناء في كل المشاريع ووفق إستراتجية إدارة المخاطر ووفق طرق الإدارة المنطقية والمنهجية والمنظمة لكل القطاعات العامة والخاصة في تحديد المخاطر المحتملة سواء التي وقعت أو التي لم تقع؛ وإيجاد آليات معالجتها بعد تشخيصها وتحليلها وتقدير درجة خطورتها وسبل الحلول والإشراف عليها ميدانيا؛ وهي ممارسة وإجراءات سليمة تساعد في تطوير اتخاذ القرارات، باعتبار ذلك أسلوب منطقي ومنظم وممكن لتحديد ظروف العمل المحتملة المستقبلية وتجنب الخسائر أو تقليل من آثراها السلبية إن وقعت؛ لكي لا تكون هذه المخاطر والحوادث تأثيرا عكسيا على نفسية المواطنين وزحزحة إيمانهم بإدارة الدولة .. وكذلك يزحزح ثقة المستثمرين الذين يرغبون في استثمار أموالهم في بناء مشاريع إستراتجية تخدم الوطن والمواطنين والاقتصاد (العراقي) .
وأخر تقارير الصادرة من مديرية الدفاع المدني في مدينة (الموصل) تشير بان حريق قاعة (هيثم) ناجم عن استخدام مواد بناء سريعة الاشتعال وفعلا قد تداعت خلال دقائق عند اندلاع النيران، فضلا عن افتقار القاعة إلى متطلبات الأمانة من بينها منظومات الإنذار والإطفاء، إما أبواب الطوارئ في قاعة الأفراح فقد كانت مغلقة وقت الحريق .
وهذا الحريق تسبب بوفاة أكثر من 144 شخص والعدد قابل لازدياد؛ بينما إصابة بحدود 500 شخص بعض من هذه الإصابات خطيرة جدا؛ علما بان قسم من المصابين بالحروق الخطيرة تم نقلهم إلى (تركيا) ومحافظة (اربيل)، رغم إن الجهات المعنية قللت من نسبة هذه الأعداد لعدم إثارة سخط المواطنين و(الشعب العراقي) – الذي تواصلوا مع الحدث إثناء وقوعه؛ لان المتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي كانوا يبثون لقطات مفجعه لصور المنكوبين بهذا الحادث الأليم من داخل القاعة وخارجها – ضد أجهزة الدولة بعد تأخر الدفاع المدني من وصول إلى مكان الحادث؛ وكذلك الأجهزة الأمنية ذات الصلة بانتشال الجثث.. والمساعدة في إخراج المصابين.. ومحاوله إطفاء الحريق.. والى غيرها من وسائل الأمانة والحماية الأزمة توفرها في مثل هكذا حوادث .
علما بان (بغديدا) وهي منطقه ذات أغلبية (آشورية مسيحية) كانت من بين عشرات القرى والمدن في (سهل نينوى الآشوري ) التي استولى عليها مقاتلو (داعش الإرهابية) بعد إعلان الخلافة الإسلامية في مدينة (الموصل وسهل نينوى)، وأهالي (بغديدا) أثناء اجتياح (داعش) للقضاء فر أغلب سكانها إلى محافظة (دهوك) و(اربيل) خوفا من الاضطهاد والموت على يد التنظيم الإرهابي (داعش)، وحين تم دحر هذا التنظيم الإرهابي من مدينة (الموصل) ومن (الحمدانية) في 2016 عاد أهالي (بغديدا) إلى مساكنهم وأراضيهم واخذوا يواصلون الأعمار ما تم تخريبه من قبل الإرهابيين (الدواعش) بعد زوال تهديد التنظيم، ولم يشعروا بخيبة أمل إلا بعد مأساة وفاجعة الحريق ليتم تداول الحديث فيما بينهم أثناء دفن المشيعين جثامين أحبائهم قائلين :
((..لم يقتلنا تنظيم الدولة الإسلامية، لكن هذه الكارثة قتلتنا))، رغم أنهم ظلوا متمسكين بهوية الوطنية وانتمائهم الوطني في أحلك الظرف خاصة في زمن احتلال مناطقهم من قبل التنظيم الإرهابي (داعش).
وجل هذه الإخفاقات.. والانتكاسات.. والمصائب.. والفواجع التي تصيب (العراقيين) وما تتركه من أثار نفسية عميقة في وجدانه وضميره ويشعر بآلامها المواطن (العراقي)؛ وهو الذي يدفع ثمن أخطاء الأخريين من أصحاب النفوذ والسلطة والمال الفاسد وبما يسود في البلاد من حالة الإهمال واضحة المعالم في كل أركان ومؤسسات الدولة من عدم الاكتراث ومتابعة شؤون المواطنين ورعايتهم وحفظ أمنم واستقرارهم، كل ذلك يعكس عمق مشاكل في (العراق)، وإنها ليست وليدة اليوم بل هي تراكمات عقود من سوء إدارة وإهمال الدولة لبناء الإنسان وتوفير مقومات العيش الكريم للمواطن (العراقي)؛ وهذا ما سبب في كثير من الأحيان تراجع إيمان المواطن بمؤسسات الدولة وعدم التعاون معها؛ لان الدولة ابتعدت عن مسارها الوطني وتعزيز نفوذها بالبرامج الوطنية وتلبية احتياجات المواطنين ولم تراع إلا مصالح نخب حاكمة وأصحاب نفوذ؛ بينما بقى الشعب مهمشا؛ وهذا ما أدى إلى استشراء السلوك الخاطئ اتجاه (الهوية الوطنية)؛ لان ساسة الدولة أخذوا مسار حكمهم وولائهم نحو التبعية للأخريين لتنفيذ أجنداتهم في البقاء في السلطة لأكثر فترة زمنية ممكنة ومها كان الثمن، وهذا السلوك الذي تمارسه قادة السلطة وأحزابها وميلشياتها ما هو إلا أسلوب ترهيب.. وتمييز.. وزرع الكراهية بين أبناء الشعب.. والظلم.. والتجويع؛ وهذه الممارسات الخاطئة التي تمارسها الطبقة الحاكمة منذ 2003 والى يومنا هذا؛ هي التي ابعد المواطن (العراقي) عن النخب الحاكمة.. وسياسة الدولة.. وعدم تأيدهم؛ وهو الأمر الذي قادهم لتظاهرات ضد نظام الحكم بين فترة وأخرى وكان أبرزها تظاهرات (التشرينية) التي تم تصفية عدد كبير من الشباب المتظاهرين بحجة أن المتظاهرين بعيدين عن ولائهم لدولة والوطن، ونست الطبقة الحاكمة بان (الولاء للوطن) يجب إن يرتكز على مبدأ المساواة.. والعدل.. والمحبة.. لتصبح أساسا للتعايش جميع مكونات الشعب في الوطن (العراق) دون تمييز وإقصاء، وهي مطالب (المتظاهرين التشرينين) التي كان ومازال يطالبون بها؛ ولكن مسار الحكم في (العراق) سار بعكس تيار الشعب المحب للحرية.. والعدل.. والتآخي.. والإنصاف، لذلك عمت الفوضى في مؤسسات الدولة باستشراء الفساد حد النخاع في كل مرافق الدولة وهو الأمر الذي وسع فجوة عدم الانسجام المواطن مع إدارة الدولة منذ 2003 والى يومنا هذا، لان الانسجام يتحقق حينما تكون تشريعات الدولة وسياساتها تعمل على تلبية احتياجات المواطنين وتطلعاتهم ويعززون في ذواتهم مشاعر الحب والانتماء الوطني لوطنهم (العراق)؛ وبخلافه فإن المواطنين سيشعرون بـ(الاغتراب) و(العزلة) وسيكونون أقل رغبة في الالتزام، وهذا هو احد أسباب الذي ساهم دخول (داعش) إلى (العراق) في حزيران من عام 2014 وإسقاط مدينة (الموصل) وأكثر من ثلاثة محافظات، لأننا لا يمكن تفسير (ثلاثمائة) من مقاتلي (الدواعش) يسيطروا على مدينة (الموصل) التي تعدادها السكاني كان يقدر بأكثر من (خمسة ملايين) نسمة؛ في غضون أربعة وعشرون ساعة فقط؛ ما لم يتم تأيد من قبل المواطنين لهؤلاء الإرهابيين؛ (لا) لحبهم لهم.. بل كان من اجل خلاصهم من حكم الطبقة الحاكمة في (بغداد)، وهو الأمر ذاته بل كان احد أسباب لاستفتاء من اجل انفصال (إقليم كردستان) عن (العراق) والذي حدث في 25 أيلول 2017 .
لان مفهوم واحد للهوية (العراقية) على مستوى البلد ككل مهددة باستمرار، لان (الهوية الوطنية) أخذت نصيبها من استشراء الفساد في المال العام.. وتهميش المواطنين.. وغطرسة وجبروت الجماعات السياسية التي تدير الدولة باسم الديمقراطية وهي ديمقراطية هجينة عرجاء .
لذلك ورغم الفاجعة القاسية التي ألمت كل أبناء منطقة (بغديدا)؛ إلا إن حبهم للوطن و(العراق) ووطنيتهم ظلت عميقة في قلوبهم وضمائرهم؛ لان الكثير من أبناء (بغديدا) شاركوا في جميع حروب البلاد ودخلوا في (الجيش العراقي) دفاعا عن أرضة وعرضه ومقدساته في كل محن التي عصفت بـ(العراق)، وقدموا في ذلك كوكبة من شهداء راحوا مستشهدين في سبيل الوطن (العراق)، وظل أهالي (بغديدا) يعتزون بالوطن ووطنيتهم متحفظين بهذه المشاعر الجياشة بالحب والوفاء في قلوبهم؛ وهذا ما التمسناه منهم حين استقبلوا استقبالا حار – رغم مصابهم – رئيس الوزراء.. ورئيس مجلس النواب.. ورئيس الجمهورية.. الذين جاءوا ليشارك أبناء (بغديدا) آلامهم.. وأوجاعهم.. ومصابهم؛ بفقدان كوكبة من أبنائهم راحوا ضحية فساء إداري ليس إلا .
بعد إن حاصر الفساد الإداري المستشري في البلاد كل مرافق حياتهم؛ فلم ينجوا منه؛ بعد إن تحطمت كل أمانيهم في مشاريع ينفذها الفاسدين؛ همهم هو الربح واقتناء المال بكل أساليب الفاسدة.. والقذرة.. والعبثية غير مكترثين لإعادة بناء الوطن بناء سليما، وفي ظل هذه المأساة فهناك اليوم إطراف سياسية تتراقص على جرح أهالي (بغديدا) من سماسرة السياسة لاستيلاء على المناصب الإدارية والهيمنة على الأرض لغايات في تغيير هوية (سهل نينوى الآشورية) التاريخية؛ وخلف كواليس تتزايد المنافسات والمزايدات؛ فالكل يفكر كيف يزيح منافسه الذي يراه عدوا له ولا يفكر في كيفية ترميم جراح أهالي (بغديدا)؛ وكيف يتم ترميم من كسر قلبه بفقدان اعز الناس؛ نعم لم يسلم أبناء (بغديدا) من الفاسدين.. والمتملقين.. والمجرمين؛ الذين هم سبب ما ابتلى به أبناء (بغديدا)؛ لان لا شيء وراء فاجعتهم سوى (الفساد).
نعم إن (الفساد) وراء (فاجعة بغديدا) .
نعم إن مشاعر (الشعب العراقي) كافة مع ذوي ضحايا ومصابي هذه الكارثة التي امتد صداها إلى خارج (العراق)، وان برقيات زعماء الدول تدل على الاهتمام الدولي والعالمي بهذه الفاجعة المؤلمة التي أصابت أهلنا في (بغديدا)