23 ديسمبر، 2024 9:54 ص

بغداد يوم كانت حاضرة الدنيا وعروسة مزدانة بالعقود واللاليء والدرر..!!

بغداد يوم كانت حاضرة الدنيا وعروسة مزدانة بالعقود واللاليء والدرر..!!

عيون بغداد تكتحل هذه الايام في ذكرى تأسيسها ، قبل 1252 عاما من الزمان ، يوم كانت ، عاصمة الخلافة ، وقبلة الدنيا ، وزهو الحالمين بمجد العز وشموخ الكبرياء ..

بغداد التي البسها ابو جعفر المنصور تاج عرسها ، واقام لها اول قلعة هنا في هذه المدينة الحالمة بأن تعود اليها ليالي زهوها ومجدها، واذا بالتاريخ يركلها خارج أسواره لكي لاتبدو هكذا، جميلة غناء كما كانت على مر الزمان!!

وجاء هارون الرشيد ، ليجعل من بغداد التاريخ والشموخ ، عروسة غانية وهي مثقلة بالجواهر واللاليء والعقود والدرر ، تزدان بكل عبق التاريخ وشموخ الكبرياء العربي الاصيل، شهدت اعظم معالم الحضارة والتمدن في عهدها التليد!!

مدينة عربية راحت تحاكي كبرى مدن العالم، وقد اهدى مؤسسها ابو جعفر المنصور ساعة مائية رائعة الى شارلمان  ملك فرنسا انذاك لكي تدلهم على الوقت، ولتؤكد عبقرية اهل العراق في انهم كانوا السباقين في احترام الزمن وايلاء معالم الصناعة لتكون احدى فنونهم في مباهاة الدنيا!!

أما بغداد اليوم ، فالحزن يكاد يكون الطاغي على الوجوه التي اضناها ظلم الزمان وجوره الرهيب ، وقد تحولت معالمها الى أوكار خربة..وها هي معالم شارع الرشيد البهي وقد تحول الى قاذورات وازبال ومحلات خربة وشوارع مقفرة، تحكي قصة الزمن الاغبر الذي احال نهارها الى ليال دامسة!!

ماذا عسانا ان نقول في حق بغداد ، وابنائها يذبحون ويقتلون على أرصفة الشوارع وقرب أكوام القمامة ، تحت دعاوى التكفير والطائفية وحراب الاحتلال الذي تعدد اشكاله والوانه، وكل جاء لينتقم من اهل العراق، على طريقته الخاصة ، ليمعن فيهم خراب الديار!!

وماذا سيقول التاريخ بحق بغداد في حاضرها، وهي التي كانت قبل عقود من الزمان موئل كل حالم بمجد او باحث عن الاصالة او يريد ان يرتشف من عبق التاريخ ما يروي ظمأه الى بهائها ونورها وحضارتها الشامخة، يوم كانت عاصمة الدنيا وتاج عرسها ، وملاذ الباحثين عن العظمة والشموخ بين مدن الدنيا!!

وماذا عسانا ان نحتفل اليوم بذكرى تأسيسها وهي تبكي لياليها الخربة واضوائها الخافتة وشوارعها التي تحولت الى اطلال دارسة، لم تعد حتى الحيوانات والكلاب السائبة تتقبل ان تمر من معالمها الخربة!!

كثيرون هم الذين بكوا على بغداد وتذكروا لياليها وايام زهوها وعزها وفخارها، واذا بها ارملة هي الالفاظ والصور كما يقول الشاعر العربي الكبير رحمه الله نزار قباني، فلا ماء يسيل على دفاترنا ولا شمس ولا قمر!!

وأمانة بغداد اضاعت علينا حتى يوم احتفالنا بذكرى تأسيسها ، اذ كان الاحتفال بها قبل عقود من السنين يجري في الثاني والعشرين من نيسان ، وقد حولتها امانة بغداد قبل اعوام الى الخامس عشر من تشرين الثاني، دون ان يكون هناك سند تأريخي أكيد لهذه الانتقالة!!

تحية حارة من الاعماق لعاصمة الخلافة العباسية، حاضرة العراق الشماء، ليلة عرسها، أيا كانت ، اليوم او قبل أشهر، فلا يهم متى ولدت او بزغت في فجر الحضارة، لأنها كبيرة في عيون ملايين محبيها وعشاقها ومن هاموا في بحور عشقها وغرامها وعلومها وآدابها ومعالم آثارها البهية!!

ولا بد من ان يأتي اليوم الذي تكتحل بغداد من جديد، لترفع عن كاهلها، قحط السنين العجاف، ولتعود ، أم الخير وصاحبة القدح المعلى ، كما كانت، واهلوها الكرام يبلغونها تحيتهم، وهم من يسقونها بماء دموعهم، ومن عصارة عقولهم ، ليعيدوا اليها وجهها العربي البهي، وكل عام وبغداد دار السلام، بألف خير وعافية، ياحاضرة الدنيا والتاريخ وكل ما يرفع الرأس عاليا الى السماء!!