بعد ان اعيد تاهيل نفق ساحة التحرير (الباب الشرقي) للمشاة و تم افتتاحه و بعد ان اعيد تاهيل ساحة الخلاني و بعد ان رمم نفق الشورجة للمشاة و نفق الرصافي و نفق الشرطة و ساحة النسور اعيد ترميم و تاهيل هذه الانفاق للسابلة. افتتح غيرها للمشاة للحفاظ عليهم لان البشر هو اغلى و اثمن من الوجود و ان الوجود خلق من اجل البشر الذي كرمه الله والذي فيه روح الله (اذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)
ثم اعيد افتتاح شارع الرشيد قلب بغداد النابض و بعد ان اجريت له عملية القسطرة من ساحة حافظ القاضي الى ساحة الباب المعظم و ازيلت منه جميع الكتل الكونكريتية و اعيد طلاء الجدران فازدادت وهجا و لمعانا و عادت مكتبة مكنزي ترفد قرائها بامهات الكتب و عادت مكتبة اليقظة العربية تسبر اغوار التراث العربي الاصيل و اعيد افتتاح سينما الشعب و علاء الدين و روكسي و الرشيد للفن الرفيع ثم شهد شارع الرشيد افتتاح الاسواق المركزية و عاد العراقيون كما كانوا يتبضعون منها ثم افتتحت اسواق حسو اخوان لتنافس الاسواق المركزية ثم امتد الاعمار الى (ابي نؤاس) حيث شهد الماء و الخضراء و الوجه الحسن و عدنا نتمتع برؤية العجلات و المركبات و هي تعبر الجسر المعلق من الكرخ الى الرصافة و بالعكس و عاد مطربنا المحبوب فاضل عواد يردد (ارد انشد الصوبين كرخ و رصافة).
لم ينحصر البناء و الاعمار في الشوارع العامة بل امتدت يد الاعمار الى منطقة الفضل فازيلت منها النفايات و عادت مجاريها تعمل حتى لو هطلت الامطار لخمسين ساعة و كذلك محلة الشيخ عمر زاهية نظيفة و ها هي الشعلة (مدينة النور) تن
بعث منها رائحة الزهور كالياسمين و الشبوي الليلي محولة ليالي مدينة النور الى ليالي باريسية حيث يداعب النسيم قسمات الوجوه المتعبة وجوه الفقراء التي استنزفهم الزمن و استنزفهم المستنزفون. و اصبحت شوارع بغداد ناعمة ملساء كالحرير الصيني و لم تعد ترى الغبار المتطاير كالضباب فلا غبار ولا حفر ولا مطبات حتى ضجر (التنكجية) لان اصحاب العجلات او المركبات لم يعودوا بحاجة لفتح صدر المركبة و تصليحها فلا (تنكجي) ولا (فيترجي) فالشوارع الملساء خير دواء لعجلاتنا المرهقة. اما مدينة الصدر فقد اختفت منها جميع الكتل الكونكريتية والتي حولتها الى كوسوفو و صربيا و سراريفو و لم تعد ترى الا الحدائق الغناء في الكرخ و الرصافة حتى ان (نبوخذ نصر) انزعج لان زوجته سكنت بغداد و تركت الجنائن المعلقة. اما جانب الكرخ فقد ربط جسر الاعظمية-العطيفية بالخط السريع عند حي العدل فلم تعد ترى الشوارع مكتضة و اختفت الاشارات المرورية كما اختفت في اليابان قبل اكثر من عشرين عاما حتى صار بامكانك ان تصل من الاعظمية الى الفلوجة بخمس دقائق و من حي تونس الى الدورة بثلاث دقائق لان الخطوط السريعة اصبحت تضاهي شوارع اليابان و المانيا.
و افتتح مترو بغداد الذي حدثونا عنه قبل ثلاثين عاما اما جسر محمد القاسم فقد اعيدت اسيجته المسروقة و افتتح السوق المركزي في المنصور و كذلك سوق الشعب و البياع و المستنصرية فعدنا نشتري السلع الاصلية لا السلع التي لا نعرف مصادرها هل هبطت من المريخ ام جاءت مع الصواريخ و كثرت محطات تعبئة الوقود فلم تعد ترى طوابير المركبات اما النفط و الغاز فقد تبنت توزيعه منظمات انسانية و منظمات مدنية فهي تطرق بابك يوميا موفرة لك ما تريد و انت ترفض لانك لا تحتاج لهاتين المادتين حتى انني تذكرت الخليفة (عمر بن عبدالعزيز) (رض) و كيف كان يسال الناس عن حاجتهم و اختفى الفقر و الفقراء و اختفى الباحثون عن علب المشروبات الغازية في النفايات و الباحثون عن لقمة تسد رمقهم و تنقذهم من الجوع و عاد تكريم المتقاعدين فلا حاجة لذهابهم الى البنوك فالراتب ياتيهم لدورهم تكريما لهم لانهم خدموا الوطن سنين طوال و ضحوا بشبابهم و كيانهم من اجل الوطن عندها ان الاوان لخدمتهم. و كثرت الفنادق ذات الخمس نجوم و التسع نجوم و عادت الطيور فوقها تحوم فما عاد السواح يغادرون بغداد عاصمة الخلافة العباسية و التي ذكرها الشاعر الانكليزي (شيلي) في شعره و الروائي الانكليزي (جارلس دكنز)
حيث ذكر الف ليلة و ليلة حتى ان الروائي الانكليزي (ديفيد هربرت لورنس) شبه الحب العذري بانسياب نهرا دجلة و الفرات و شبه الزواج بالتقائهم في كرمة علي في القرنة في بصرة ادم و علي و الزبير. و لم تعد هناك مدارس من طين ولا بيوت من صفيح و الارض تتكلم العربي الفصيح و كثرت شاشات التلفزيون العملاقة في الحدائق العامة و الشوارع للترفيه عن الناس و تثقيفهم و اطلاعهم على اخر الاخبار المحلية و العربية و الدولية لان (من بات و لم يهتم بامور المسلمين فليس منهم) كما يقول الحبيب المصطفى محمد (ص) فلم يعد للناس رغبة بالعودة لمنازلهم لانهم يعيشون في حدائق غناء تشبه جنات عدن. و عادت هيبة رمضان شهر الطاعة و القران فلم تعد ترى التجاهر بالافطار و عادت شوراعنا ملساء مخططة بخطوط العبور و الناس يغمرهم السرور حيث يعبر الجميع بامان.
اما الكهرباء فلا سمح الله ان انقطعت او لو انقطعت و لو هو حرف امتناع لوجود فهي تعود اليك قبل ان يرتد اليك طرفك فهي اسرع من الكونكورد و الميراج و السوخوي و اسرع من هدهد سليمان (ع). لذا قرر المسؤولون في بغداد بعد ان سكنت الروح و طاب الفؤاد ان يقيموا اكبر دولاب هواء في العالم يضاهي دولاب لندن و للدولاب في اللغة العامية العراقية معنيين يا بغداد يا روحي و كبدي و شاغلة العباد يا من بعد الله شغلتي روحي و الفؤاد
[email protected]
