18 ديسمبر، 2024 5:21 م

بغداد وحملة شربل…

بغداد وحملة شربل…

قيل قديما.. من لم ير بغداد لم ير الدنيا ولا الناس.. نعم.. هي تلك المدينة التي تكسرت على اسوارها العديد من الحملات العسكرية و”سبيت” اكثر من مرة على مدى العقود والعهود، لكنها تعود لتقف على اعمدة حضارتها وإرثها التاريخي، مستندة بمنائر مساجدها ومراقدها الدينية وشوارعها التي نسجت عنها القصص والاساطير، لتزداد جمالًا وثقافة من مكتباتها والمدارس ومقاعد اقدم الجامعات، في رحلة امتدت لعشرات القرون، كانت فيها قبلة للباحثين عن العلم والفكر والحداثة.
لتكون بغداد “محط” أنظار الحاسدين والباحثين عن “لحظات سواد” لتشويه صورتها وتاريخها، بأدوات مختلفة مرة بجعلها مدينة أشباح لا يسكنها سوى “اليائسين من الحياة” ومرة يحولونها لعاصمة عصابات تنتشر في شوارعها اسلحة القتل ودماء الابرياء، والغاية واحدة “الخوف من تجاوز محنتها” ولعل مافعله من يمارس مهنة ترتيب الكلمات وصياغتها، (غسان شربل) الذي يدير صحيفة تمولها دولة عربية جارة، سجل سوابقها مزدحم بالمواقف السلبية من بلادنا والتي لا مجال لذكرها هنا، فهي تحتاج لعشرات المقالات والقصص، لكن هذه المرة تطوع شربل لقيادة “الإساءة” لبغداد من خلال صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، ليصفها بانها “مصنع الاغتيالات معهد الظلام الدامس” لتتحول بعد ساعات لحملة غزت منصات التواصل عنوانها “بغداد غير أمنة” تلقفها العديد من اصحاب مشاريع “الدفع المسبق” من خلال تضخيم الاحداث الامنية وتغير “جنسها” من قضايا جنائية ومشاجرات بين متخاصمين على الاموال والعقارات إلى “اغتيالات سياسية” تهدد الاقتصاد والاستقرار.
وقد يعاتبنا العديد من القراء.. ولسان حالهم يقول “بآن ابن شربل وموقفه لا يستحق كتابة مقالة مطولة او الخوض في كلامه بأكثر من اسطر معدودات على مواقع التواصل الاجتماعي، تكون كفيلة بالرد عليه”، لكن يا اعزائي… نحن نتحدث عن ظاهرة تصدرت منصات التلغرام وصفحات المدونين، حينما نفخت بالاحداث الامنية في بغداد وبعض المحافظات بين ليلة وضحاها ونسجت القصص والروايات عن شوارع يتجول فيها المسلحون بحرية ويختارون ضحاياهم كيفما يشاؤون بالطريقة التي يختارونها، وراح اخرون يرسمون لوحات من مخيلاتهم عن مناظر تعيدنا لشوارع تملؤها الجثث وكأننا في سنوات العنف الطائفي التي ذهبت إلى غير رجعة، حتى تحولت مراكز تحمل عناوين مهتمة بالصحافة وحرية الراي لمنصات اخبارية تركز فقط على نقل حوادث القتل من دون تفاصيل او الكشف عن الاسباب وتلمح لوجود بصمات سياسية فيها، ليصل الحال باحدها أن يتسأل “بدهشة” عن اسباب مشاجرة حصلت في ملعب شعبي لكرة القدم استخدم فيها “الدرنفيس” ليعلق عليها بعبارات “ماذا يحدث في البلاد”.
نحن هنا.. لا نقلل من وجود الحوادث الاجرامية او ننكر التنافس السياسي، لكنها ليست بالصورة التي اراد “اصحاب المصالح” ترويجها وتحويلها لظاهرة “تهز المجتمع” فالعديد من البلدان تشهد عمليات اغتيال منظمة وحوادث عنف يومية تصل في بعضها لحرب شوارع بين مافيات المخدرات والسلاح، والتأكد منها لا يحتاج “اقلاما مأجورة” انما فقط جولة سريعة بين الفضائيات والمحطات الاخبارية التي تنقل احداث المكسيك وبعض الولايات الامريكية، وحتى تكتمل الصورة، بإمكاننا اجراء متابعة دقيقة لمواقع بحثية عالميا تهتم بنشر احصائيات دقيقة عن مؤشرات الجريمة ونسب ارتفاعها.. ومنها موقع “نامبيو” سنجد انفسنا امام حقيقة حاول “المتصيدون” تجاوزها، فالعراق يحتل المرتبة التاسعة عربيا بمعدل الجريمة، والمركز 72 بين دول العالم ، في وقت يبلغ مؤشر الامان بجميع مدنه اكثر من 53 بالمئة، وهي نسبة جيدة مقارنة بالعديد من الدول العربية والعالمية التي لم تشهد “ربع” معاناتنا من الحروب والنكبات خلال السنوات الاربعون الماضية.
الخلاصة.. إن تضخيم الاحداث الامنية وانسياق العديد من الجيوش الالكترونية خلفا “غسان شربل” تثير العديد من التساؤلات عن الجهات المستفيدة؟!!.. لانها حصلت عقب قرارات المحكمة الاتحادية التي انصفت الموظفين في اقليم كردستان من خلال توطين رواتبهم بمصارف الحكومة المركزية بعد سنوات من التظاهرات والاحتجاج على تأخير حقوقهم، والقرار الاخر بتجريد السلطة في اربيل من صلاحية تنظيم الانتخابات البرلمانية والتي “ازعجت” قيادات الاقليم وحكومته… اخيرا… السؤال الذي لابد منه… كيف سنعالج الحملات المنظمة لتشويه صورة بغداد؟…