في مجتمعاتنا العربية هنالك ثقافة جمعية لا يختلف عليها المغربي والمشرقي، وهي اولاد الذوات والامتداد التاريخي للعوائل وتربية الصالونات الأدبية والثقافية والسياسية وحتى القبلية التي يشار بتسميتها في العراق (اولاد المضايف او الأصول).
بدءا لو اخذنا ما قام به السفير السبهان بمعزل عن المعايير المزدوجة للحكومة العراقية، فإنها تصرفات تؤشر لتجاوز حدود اللياقة الدبلوماسية، وكان على السفير ان يحترم بغداد والعراق بعراقة شعبه دون الأخذ بعين الاعتبار تردي اداء شخوص السلطة.
كما اعتقد ان الغلو الذي تعاملت به الخارجية العراقية في التصدي الى تصريح السفير السبهان كان فظّا، لان العلاقات الدبلوماسية بين الدول تقاس بموازين الذهب المصفى بدقتها ومعاييرها.. وان العراق فاقد لتلك المعايير بسبب تبعية كابينة السلطة بجميع طيوفها الى القرار الايراني… وكذلك التدخلات الإيرانية السافرة في الشأن العراقي من قبل قيادة الحرس الثوري حيث له الكلمة الفصل على السلطة الحاكمة في بغداد.
اذا لو تحدثنا عن معايير السيادة وكيفية ردود الفعل على خروقاتها، فبغداد اخر من يتكلم عن السيادة مع دول المنطقة .. وحتى لا تنسب لي تهمة النظر للاشياء بزاوية واحدة .. انا اقول ان الغالبية من دول العالم مبتلاة بالتدخل لكنها تحزم امرها وتتعاون مع دولة كبيرة واحدة تعزز بواسطتها الاستقرار والمصالح، ولكن العجيب الغريب لمجموعة أفراد السلطة العراقية توقيع المعاهدات مع واشنطن والتمتع برعاية الحماية لمركز السلطة، وفتح الباب مشرعة لطهران تحكم البلاد باللؤم الفارسي والاذلال والتشفي لبغداد.
نرجع للتنديد الذي قامت به وزارة الخارجية العراقية لتصريح السفير السعودي رغم افتقاد الوزارة لمعيارية التعامل مع الجميع .. وان الحكومة اتخذت الموقف بناءا على الأوامر الصادرة من طهران لاستبعاد التواجد العربي بغية استمرار الأسر للشيعة العرب بواسطة ازلامها في بغداد… حتى لا تكون الرياض عنصرا فاعلا في ديناميكية القرار العربي لاسترداد بغداد لعمقها العربي …لكنه يسجل خطوة إيجابية بالاتجاه الصحيح لأمرين:
الاول: يمكن اعتماد تلك المعيارية بالتعامل مع السفير السعودي لبنة أولى لمطالبتنا الحكومة لاحقا، بما يلزم التعامل به اتجاه تدخلات ايران السافرة ونذكّر على سبيل المثال:
زيارة رحيمي للعراق حيث قال:” كل ما يشتهيه الإيرانيون في العراق” .. ويلحقها تصريح يونسي مستشار الرئيس روحاني :
“إيران أصبحت إمبراطورية کما کانت عبر التأريخ و عاصمتها بغداد حاليا”
الثاني: ان وزارة الخارجية قدمت الاحتجاج للسفير السعودي بواسطة وكيل وزير الخارجية العراقي د. نزار الخيرالله وهو ابن عائلة عريقة وجده الشيخ موحان الخيرالله من أعيان العراق الأفاضل، يؤشر رسالة الى الجانب السعودي ان مثل شخصية وكيل الوزارة الخيرالله له حق الرفعة والأنفة الاجتماعية للاعتراض على طريقة التعامل التي صدرت من السفير السبهان … لذلك تلقف الرسالة الوزير الذكي الجبير وقدم اعتذاره سريعا لان تفهم الرياض معايير اولاد الذوات ومن حقهم ان يسجلوا اعتراضا لموقف يصدر من الغير بشائبة عدم اللياقة في التعامل … وان الرياض بوزيرها الجبير سجلت كبلد عروبي تمتد جذوره في عمق التاريخ اعتذارا لائقا للعراق.
[email protected]
ومضة القول:
“الطيور على اشكالها تقع”