17 نوفمبر، 2024 3:38 م
Search
Close this search box.

بغداد .. والبروتوكول الرئاسي المفقود ( 2 )

بغداد .. والبروتوكول الرئاسي المفقود ( 2 )

عطفاً على مقالتنا ليوم امس بهذا العنوان , وإذ حالةٌ من الإستياء < الآخذة بالإتّساع > تعمّ شرائحاً من الشارع العراقي أزاء الإستقبال الفاقد للإحترام واللياقة , والغير متكافئ بين منصب ومستوى رئيس الوزراء العراق ” الذي هو الرئيس الفعلي للعراق ” وبين عدم استقباله في مطار اربيل من قِبل رئيس الأقليم السيد نيجرفان البرزاني , ولا حتى من قِبَل السيد مسعود البرزاني الذي كان من المفترض ان يكون على رأس المستقبلين . كما تتضخّم وتتضاعف حالة الإستياء والإزدراء هذه وَسْطَ تجاذبات النقد واللوم وتتجاوز مرحلة العتاب , في ظلِّ صمت مطبق بين اعضاء مجلس النواب ” حتى بإدلاء تصريحٍ نقديٍ – شكليٍ ” تجاه ما حدث , وإذ من الطبيعي أنّ رئاسة الجمهورية غير معنيّةٍ بالأمر ولسببٍ معروف ومكشوف .! , ولا نتطرّق ثانيةً للموقف الذي بلا موقف لأحزاب الإسلام السياسي , والذي التزامهم الصمت بهذا الشأن يجعلهم وكأنهم في خانة الأقليم .!
بهدف وضع القرّاء وبالأحرى بعض القرّاء في صورةٍ شبه مجسّمة لجسامة وأهمية التعاطي والتعامل مع منصب رئيس الدولة في المستويات والأعراف البروتوكولية المتّبعة في دول العالم , فآثرنا هنا على سَوقِ مثالين لهما علاقة بهذا الشأن :
1 \ : فإثرَ نشوب ما جرى الإصطلاح عليه بحرب ايلول الأسود بين الجيش الأردني وتنظيمات المقاومة الفلسطينية للفترة بين 16 – 27 من شهر سيبتمبر- ايلول لعام 1970 واستمرت بعضها الى نحو منتصف سنة 1971 , وإضطرار وإرغام الفدائيين الفلسطينيين على مغادرة الأردن والإنتقال الى بيروت , فحدثت قطيعةٌ شديدة وطويلة المدى بين حكومة الملك حسين ومنظمة التحرير الفلسطينية , لكنّه شاءت الأحداث والظروف لإنعقاد مؤتمر قمة عربي في الأردن بعد نحو 10 سنينٍ , وكانت المقتضيات توجيه الدعوة للسيد ياسر عرفات لحضور المؤتمر , والذي وافق على مضض لقبول الدعوة . عند وصول طائرة عرفات الى الأجواء القريبة من مطارّ عمّان , اجرى الوفد المرافق له اتصالاً عبر لاسلكي الطائرة بالقيادة الأردنية لمعرفة مَن سيكون في استقبال عرفات على ارض المطار , وبعد دقيقتين جاء الجواب بأنّ وزير الخارجية الأردني سيغدو على رأس المستقبلين , رَدّ عرفات عبر وفده المرافق بأنّه سيقفل راجعاً من حيث أتى .! دلالةً على عدم اللياقة في التعامل بمستوىً غير متكافئ .! , لم تمضِ دقائقٌ قلائلٌ حتى جاء ردٌّ أردنيّ آخر بأنّ رئيس وزراء المملكة الأردنية سوف يستقبل عرفات , وتمّت الموافقة على ذلك .
2 \ : قُبيلَ مغادرته السلطة في عام 1981 , كان مقرراً أن يقوم الرئيس الفرنسي الراحل ” فاليري جيسكار ديستان ” بزيارةٍ الى بريطانيا ومقابلة الملكة الراحلة اليزابيث , وكانت المتطلبات البروتوكولية أن يقوم السفير الفرنسي في لندن بمتابعة كلّ التفاصيل والجزئيات المتعلقة بوصول رئيسه الى العاصمة البريطانية , طالب السفير زيارة وتفقّد قصر باكينغهام الملكي حيث سيجري اللقاء , لكنّه واثناء تجواله وتفقّده لاحظَ أنّ الكرسي المخصص للرئيس ديستان يخلو مما يُصطلح عليه من الذراعين الجانبيتين او ” الماسكتين” وعلى عكس الكرسي المخصص للملكة , فأعتبر السفير الفرنسي ذلك بأنه انتقاص من شخصية ومكانة الرئيس ديستان , واعترض بشدة مهدداً بإلغاء الزيارة , فما كان من ادارة قصر باكينغهام والخارجية البريطانية إلاّ الأستجابة لطلب السفير , واستبدال الكرسي بكرسيٍ وثير .! … أين ذاكَ وذلك ممّا جرى للسيد السوداني في مطار اربيل الدولي , وبدا عليه استيعاب واحتواء الحدث دونما إبداء ردّ فعلٍ ما .! وذلك ما يحمل اكثر من سببٍ وسببْ , كما ودونما أن يكشف الإعلام العراقي او المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء عن الفائدة المرجوة التي حصدتها او حصّلتها الحكومة المركزية في بغداد من هذه الزيارة , مقابل الأموال المرسلة الى الأقليم .!؟

أحدث المقالات