18 ديسمبر، 2024 4:05 م

بغداد والإتفاق النفطي مع الإقليم

بغداد والإتفاق النفطي مع الإقليم

العنوان اعلاه هو Photo Copy للعنوان الذي تداولته وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية لذلك الإتفاق , وهو تسمية او عنونة غير دقيقة وغير موضوعية وتحمل في بطنها ما تحمل من ملابساتٍ ذات غطاءٍ لغوي – خارجي , ولتغطيةٍ مقصودةٍ او غير مقصودة , وربما لكليهما .

اذا اخذنا هنا ” اولاً ” الشّق الثاني من العنوان , اي ” مع الأقليم ” , فعموم أقليم كردستان لم يكن مشتركاً في التوقيع على هذا الأتفاق ولا مُطّلعاً على تفاصيله وحيثياته , ولا الى ما قادَ الى انجازه < اذا ما اُعتبر ذلك كأنجاز > , لكنّ ما يراد به تمثيل كلّ كردستان .! فهو فقط ” الحزب الديمقراطي الكردستاني ” وتحديداً القيادة البرزانية , فأين دَور ” الإتحاد الوطني الكردستاني ” المُغيّب عن هذا الأتفاق , كما هل من حسابٍ ما للعديد من الأحزاب الكردستانية الأخرى التي لم يجرِ لها أيّ حساب , بجانب النُخب الكردستانية المستقلّة وفي المجالات التخصصية المختلفة .

وبالعودة الى الشقّ الأول < بغداد > , فإنّ هذا الإتفاق لايمثّل سوى السيد السوداني وبعض كابينته الوزارية لاغير , فلَم يجرِ الإستماع ولمْ يجرِ استلام ايّ اشارةٍ في فضاءات الإعلام عن موافقةٍ بالإجماع او الأغلبية لأعضاء مجلس النواب عن هذا الإتفاق ولا بالتزكية , ولا حتى بالمباركة .! , كما لم يكن هنالك رأيٌ ما من ” التيّار او التيار الآخر ” .

الأتفاق النفطي هذا هو مسألةٌ اكثر من ستراتيجية تخصّ وتمسّ كافة شرائح المجمتمع العراقي , ولا تتعلّق بموافقة من رئيس وزراء او اطار او ما الى ذلك من مرادفاتٍ ومشتقاتٍ سيايسية او حزبية , كما لوحظ عبر الميكروسكوب الإعلامي أنّ المحكمة الأتحادية لم ترتأي إبداءَ أيّ رأيٍ في او على هذه الأتفاقية النفطية الخاصة , وربما ارتأت أنّ ذلك لا يستوجب إبداء أيّ رأيٍ ” مهما كان ” في ذلك وبما يتعلّق بأحوال ذلك وما حولها وما يحيطها داخلياً وخارجياً .!

   إذ نَشُقُّ شَقّاً آخراً في العنوان المعنون وتشقّقاته اوشقوقه , فبعد مرورِ  24ساعةٍ على اعلان التوقيع على ما جرى الأتفاق عليه نفطيّاً بين رئيس الوزراء السيد السوداني ورئيس الأقليم الأستاذ البرزاني , اعلنت او صرّحت النائبة السابقة السيدة الفاضلة آلاء الطالباني  بأنّ ” الأقليم ” لم يقدّم أيّ تنازلاتٍ لبغداد في هذا الأتفاق .! ويصعب التشكيك في تصريح النائبة .

فمن تنازل لمن .؟ وما مضمون هذا التنازل المفترض , وما مقداره الذي يرسم علائماً ورموزاً حيرى لدى عموم الجمهور العراقي  , لكنه وَ وسْطَ افتقاد الكثير من العراقيين لمصادر الأخبار او التي لا تقع ضمن اهتماماته الأولية جرّاء المعاناة المتعددة الأوجه والزوايا المتقابلة , فإنّ عدداً من الصحف الغربية وبعضها امريكية , قد قامت بتعريةٍ كاملة وفاضحة لهذا الأتفاق النفطي < واذ يصعب جرد ونشر كلّ ما تعرّضت له تلكم الصحف بالكشف والنقد المتضاد لذلك الأتفاق النفطي > , آثرنا هنا اختيار ما ذكرته جريدة ” الواشنطن اكسامنر – Washington Examiner

” , حيثُ اشارت واعتبرت أنّ : < الأتفاق – الصفقة > ما هو إلاّ دعم امريكي لفساد القيادة البرزانية – على حدّ قولها , ووصفت الصحيفة بأنّ الصفقة التي جرى عقدها بين اربيل وبغداد , واستئناف ضخّ النفط من الأقليم الى السوق النفطية الدولية بأنّه < خطأ ستراتيجي > , مشيرةً الى أنّ رئيس الوزراء السوداني اضاع فرصةً تأريخية لتحجيم فساد عائلة البرزاني ” على حدّ قول الصحيفة ” , واضافت : انّ العائلة البرزانية الحاكمة ومن خلال السيطرة على مقدّرات النفط التي بلغت 22 مليون دولار يومياً , قد تمكّنت من توسيع ومضاعفة نفوذها على حساب الأحزاب المنافسة الأخرى , واستخدمت او استثمرت الدعم الأمريكي لِ < تقويض سلطة بغداد والسيطرة على موارد عموم كردستان > , وكشفت الصحيفة الأمريكية هذه بأنّ ما يزيد عن %70 من رواتب موظفي الأقليم لا يتم دفعها او تسديدها من قبل حكومة البرزاني , لكنه ينتهي بها المطاف الى حساباتٍ مصرفيةٍ خاصة والى شؤؤونٍ تتعلق بالعائلة الحاكمة .. اضافت الصحيفة ايضاً : < أنّ الإيقاف او التوقف الأخير لتصدير النفط – قبل الأتفاق الأخير – وعجز حكومة البرزاني عن تسديد الديون الى الشركات الدولية , كان من المفترض والمتوقع أن يتم تجييره وتوظيفه او استغلاله واستثماره من قِبل حكومة بغداد لإقصاء نفوذ العائلة البرزانية الحاكمة والمتحكّمة , ووضع الفرامل أمام فسادها , وقد ذهبت ال ” واشنطن اكسامنر ” الى ابعد من ذلك بقولها : < بأنْ لم يسبق في تأريخ العراق أن يدخل رئيس الوزراء الى طاولة المفاوضات مع البرزانيين بعوامل قوة كهذه ! ولم يسبق للقيادة البرزانية أن التزمت بكلمة او وعد اطلقته للحكومة > .!

استرسلت ال Washington Examiner  بأنّ السيد السوداني قد ارتكب ” خطأً ستراتيجياً ” في الرابع من شهر نيسان حين قام بالتوقيع بقلمه على اعادة ضخ النفط من اقليم كردستان الى السوق الدولية , وبالتالي فأنه انقذَ العائلة الكردية الحاكمة من مصيرٍ ” مُحقّق ” .!

  بإختزالٍ مشدد لما طال وكبح جماحه من الإطالة والأستطالة , فقد ورد في مقال الصحيفة أنّ الولايات المتحدة شاركت بفاعلية حيوية في ” قمع الشعب الكردي و استهداف المنافسين السياسيين لعائلة البرزاني الحاكمة , من خلال الأموال الأمريكية لدعم قوات ” البيشمركة ” الخاصة بالقيادة الكردية الحاكمة , والتي وصلت الى اكثر من ربع مليار دولار سنويّاً .

بإختصارٍ واختزالٍ آخر ” ومع تقليصٍ ” لما كشفته الجريدة الأمريكية , فقد اختتمت مقالتها التحليلة بأنّ كلّ العراقيين سوف يدفعون ثمن هذه ” الصفقة ” , ولن يكون هنالك استقرار في العراق طالما تدعم الولايات المتحدة افراد وعوائل وشخصيات ممثّلة كأحزاب ترى بأنّ طريقها الى القوة والسيطرة يمرّ عبر فشل العراق وليس نجاحه .!

  ما ذكرناه في اعلاه و وسطه ومن خلف سطوره , فهو فقط متروكٌ للقارئ العراقي والعربي فيما يصل اليه في استقرائه , على الأقل .!