من بين آلاف المدن العديدة في العالم ، تم اختيار مدينة بغداد لتدخل قي تصنيف أفضل المدن عالميا لعام 2016 في قائمة Global Cities Index لأفضل مدن العالم ، والتي تنشرها سنويا شركة “أي تي كيرني” الاستشارية الدولية منذ العام 2008 ، والتي تعتمد 5 مؤشرات تتضمن (النشاط العملي ، رأس المال البشري ، تبادل المعلومات ، الخبرة الثقافية ، التعامل السياسي ) ، وحسب خبر نشره موقع ( كتابات ) فان هذه الشركة قد أدخلت 125 مدينة من العالم لتكون بغداد إحدى هذه المدن ، مما يدلل إن بغداد لا تزال تحتل مكانة دولية ولم تتخلى عن سمعتها التاريخية المعروفة للناطقين بكل اللغات كما لم يتم نسيانها أو إهمالها ، فعدد الدول الأعضاء في المنظمة الدولية ( الأمم المتحدة ) أكثر من 180 وعدد المدن الشهيرة في الدولة الواحدة ربما يكون بالعشرات ولم يتم اختيار سوى 125 مدينة منها بغداد ، كما إن عدد الدول العربية أكثر من 20 ورغم ذلك فقد تم إدخال 7 مدن عربية فقط في التصنيف يضمنها عاصمتنا بغداد ، وحسب هذا التصنيف فقد احتلت العاصمة البريطانية لندن المرتبة الأولى وجاءت نيويورك الأمريكية بالمركز الثاني وتلتهما باريس وطوكيو وهونغ كونغ ولوس أنجلوس وشيكاغو وسنغافورا وبكين وواشنطن واحتلت موسكو الروسية المركز 18 ، أما بالنسبة إلى المدن العربية في القائمة فقد تصدرتها مدينة دبي الإماراتية التي احتلت المركز الـ28 عالميا لتأتي بعدها أبو ظبي في المركز الـ64 والعاصمة القطرية الدوحة في المرتبة الـ65، في حين وقعت العاصمة السعودية الرياض في الموقع الـ66 والكويت بالمركز 82 والعاصمة البحرينية ( المنامة ) بالمركز 87 ودار البيضاء المغربية بالمركز 90 ومدينة تونس التونسية 91 والإسكندرية المصرية 111 وبغداد العراقية بالتسلسل 116 والخرطوم ( السودان ) بالمركز 123 ، ومن ابرز التغييرات في هذا التصنيف هو نزول نيويورك إلى المركز الثاني وصعود لندن للمركز الأول بدلا عنها وتراجع العاصمة الروسية موسكو هذا العام من الموقع الـ14 إلى المرتبة 18 فيما صعدت سان بطرسبورغ من المركز الـ70 إلى الموقع الـ68 ، ومن الجدير بالذكر إن الجهة التي وضعت التصنيف واستخرجت النتائج لهذا العام قد أشادت بالترتيب الذي حصلت عليه بغداد إذ ذكرت بالظروف الصعبة التي يمر بها العراق .
وقد يسأل أحدا أليس محزنا أن يتم هذه النتائج وان تكون بغداد في هذا المركز المتأخر من الترتيب ؟ ، وللحقيقة نقول إن من حقنا أن نفخر ببغداد رغم حصولها على المرتبة 116 / 125 لأسباب عديدة أبرزها إن مجرد دخولها التصنيف واختيارها من بين 125 مدينة في العالم يعد مفخرة بحق ، وثانيها إن الحصول على المرتبة 116 لا يقلل من شان ومكانة بغداد نظرا للظروف فوق الاستثنائية التي مر ويمر به العراق من حيث سوء الإدارة وحجم الفساد بإشكاله المختلفة ومواجهته للتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها من التحديات ، والاهم من ذلك كله إن هذا التصنيف لا يركز على النظافة أو الأمان أو الرفاهية وتوفير لقمة العيش ، وإنما على خمسة مؤشرات جوهرية ومهمة وهي ( النشاط العملي و رأس المال البشري و تبادل المعلومات و الخبرة الثقافية و التعامل السياسي ) ، وهي عناصر تعد من ركائز ومستلزمات التطور والتنمية المستدامة فاستمرار وجودها رغم ظروف العراق حتى وان كانت بالترتيب 116 يعني إن الأمل لا يزال موجودا في نهوض بغداد من جديد لتأخذ مكانتها الحقيقية ، ليس كشعار أو حلما وإنما من واقع الحال وهي نتيجة يجب أن تكون حافزا للانطلاق لأنها تعني إن ظروف الحروب والحصار وسياسات التجويع والقهر وبعدها الاحتلال وما أحدثه من تداعيات خطيرة أدى شبه تعطيل لمفاصل حيوية ، أبقى لبغداد حياتها وحيويتها وفي حالة من الأمل بالاعتماد على المكنون والمخزون من الطاقات للخروج من الأزمة وإعادة بغداد لألقها وحضارتها وتأثيرها الايجابي على العالم في كل مكان ، فالمسافة في التصنيف بين بغداد والإسكندرية 5 درجات رغم اختلاف الظروف وبيننا وبينهم وبين المغرب وتونس عدد محدود من النقاط ، وان الفجوة بين بغداد ومدن العالم الأخرى ليست كبيرة أو مستحيلة ما دامت بغداد موجودة من بين أفضل مدن العالم ، وان من يقصر هذه المسافات ويقللها هي أهل بغداد الاصلاء ( البغادلة ) ومعهم العراقيين جميعا من المخلصين وكل الأوفياء والمحبين لبغداد ، وليس الغرباء والطارئون ، والخيرون موجودون بدليل إن بغداد لم تحذف من قائمة المدن بل هي موجودة بين أفضلها في العالم رغم العقود والسنين العصيبة التي قست عليها فوضعتها ( مؤقتا ) في الترتيب 116 ، فقد بذلت أبشع الممارسات لإعادة العراق برمته وليس بغداد لوحدها إلى عصور ما قبل الثورة الصناعية ، وهي أهدافا لم يتم إخفائها بل عملوا على تطبيقها بكل جد ولا يزالون يحلمون بذلك حتى اليوم ولكنها سوف لا تتحقق بفضل جهادية المضحين الذين سيسحقون الأشرار كخطوة لإفساح المجال للبناة لإعادة بغداد إلى حال أفضل بالعمل وليس بالتمنيات .