23 ديسمبر، 2024 10:32 ص

بغداد :صمت الاقليات واختفاء فضاءات التجسير

بغداد :صمت الاقليات واختفاء فضاءات التجسير

يشكل الحديث والصمت رمزيات فاعلة في حركة الانسان والمجتمعات ، فإذا كان الكلام بحد ذاته معبر عن قدرة الانسان والمجتمعات على التفاعل فانه من جهة اخرى يعبر عن سلطة المتكلم القادر على الكلام ليتحول الكلام من مجرد وسيلة للتفاعل الإنساني الى سردية تحتوي في ثناياها الكثير من رمزيات الاقصاء اتجاه الاخر الصامت ، ليدور بين الاثنين حوار غير متوازن بين من يمتلك سلطة الكلام وأدواتها والمتمثلة بالسلطة الحاكمة وامتدادها الاجتماعية والرمزية والثقافية والاقتصادية والسيكولوجية وبين الاخر الصامت الغير قادر على ولوج سلطة الكلام لتعبير عن سردياته المخفية ، وعند البحث في واقع بغداد الاقليات سوف نجد اقليات بغداد التي شكلت فضاءات العزل والمشترك بين المكونات الرئيسية منذ نشأة بغداد تتجه نحو الاختفاء ،فمنذ سنون نجد بغداد و في كل مرحلة من مراحل انتقال السلطة فيها وبروز نظام جديد تختفي مجموعة اما عرقية او إثنية او مذهبية او دينية ..الخ فمنذ نشأة بغداد عاصمة للدولة العراقية الحديثة في ١٩٢١ واجه جزء كبير من المجتمع العراقي الذي ينتمي البعض منه الى أصول فارسية او عربي لكن يحمل الجنسية الايرانية عملية استبعاد حيث استبعد قانون الجنسية اي شخص يسكن ارض العراق ولايحمل الجنسية العثمانية لتكون الجنسية العثمانية بكل امتداداتها المذهبية والاجتماعية هي الحاكمة في تحديد المواطنة في

العراق عموما وفي بغداد خصوصاً، ثم نجد في خمسينات القران العشرين جزء اخر من المجتمع العراقي هم يهود العراق يتم وضعهم بين خيارين اما البقاء في العراق والاحتفاظ بالجنسية او السفر الى اسرائيل وتسقيط الجنسية عنهم هذا ماجعل الكثير من يهود العراق يغادرون بغداد برغم من كانوا يشكلون القوة الاقتصادية الاكبر في مدينة بغداد، ومع دخول العراق عهده الجمهوري واجه جزء اخر من سكان بغداد عملية اخفاء متعمد وهم الطائفة البهائية حيث تم إسقاط الجنسية عنهم وتجميد أملاكهم ومنعهم من ممارسة طقوسهم بحرية ،ومع وصول البعث الصدامي الى السلطة واجه الكرد الفيلية مصير مؤلم حيث تم تهجير وقتل الألف منهم حيث كان العدد الكبير منهم يسكان مدينة بغداد ،اما المسيحيين والصابئة في بغداد الكثير منهم وجد نفسه بعد ٢٠٠٣ هدف لجماعات العنف والارهاب حيث تم قتل وخطف الكثير منهم ما تسبب في هجرة الكثير منهم خارج البلاد،لتنتقل بغداد من مرحلة التنوع المتسامح الى مرحلة الثنائية الاقصاية ، ولتختفي فيها الاقليات التي تشكل فضاءات التجسير بين مكوناتها الرئيسية.

[email protected]