بناء مصر لعاصمة ادارية ليس جديدا مثلما ان كلفة انشاءها ليس كبيرا ، فالدول عادة ما تخرج الى فضاء آخر بهيكلها ومؤسساتها اما للتوسيع على شعوبها بسبب زيادة السكان او لتسهيل امور الجمهور ومعاملاته مع الدولة او هو لاغراض اخرى كلها تصب في مصلحة البلاد ومستقبل ابناءها ونظرة المجتمع الدولي اليها.
في العراق وضعنا مختلف تماما ، فإذا كان العراق ليس بحاجة لبناء عاصمة ادارية جديدة فانه بحاجة ماسة الى خروج الحكومة من عاصمتها الخضراء او ما تسمى المنطقة الخضراء المحصنة ، وذلك لعدة اسباب:
انها من منشآت الاحتلال ، اوجدها ليتحصن بها من الاخطار وكان يفترض ان تزول بخروجه.
انها ساهمت في تغيير التفكير السياسي الديمقراطي الناشيء في العراق من الايجابي الى السلبي ، فبعد ان يفوز المرشح الانتخابي باصوات ناخبيه يعزل عنهم مجبرا مرة وراغبا اخرى في المنطقة الخضراء التي تضم البرلمان ومباني مهمة وحيوية اخرى.
انها توسعت بصورة خنقت قلب بغداد في جانبيها رصافة وكرخ.
اصبحت مثار نيل من هيبة الدولة ووجودها بدلا من ان تكون قلعة من قلاعها.
فهل من سبيل الى انهاء هذا الوضع النشاز واعادة الامور الى نصابها ، واذا كان كذلك فإننا امام ثلاثة خيارات:
الاول – الغاء المنطقة الخضراء واحكام التأمينات على القصر الجمهوري وبعض المباني الحيوية .
الثاني – نقل مقر الحكومة الى خارج المنطقة الخضراء لتكون قريبة من الناس واقدر على خدمتهم.
الثالث – بناء عاصمة ادارية جديدة.
واذا كان من يتحجج بالاوضاع الامنية والاقتصادية في دحض الخيارات الثلاث ، فان على ساكني المنطقة الخضراء من سياسيين ومسؤولين ان ينزلوا من ابراجهم ليخالطوا الناس ويتقربوا اليهم ويتعرفوا على احوالهم ومعاناتهم ويستمعوا دون وسيط وبشكل مباشر الى مشاكلهم ، وان لم يفعلوا فبغداد التي حماها الابطال بحدقات العيون من شرور داعش والارهاب لا تحتمل ان تكون خضراء.. وقلبها اصفر.