9 أبريل، 2024 5:54 ص
Search
Close this search box.

بغداد .. بين سكن العشوائيات والازدحامات

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد ان عُدّت بغداد اسوأ عاصمة للعيش فيها في العالم طبقاً لاستطلاع دولي سابق, وبعد ان سجل العراق رقماً قياسياً عالميا في عدد ايام العطل العامة وبما يوازي نصف ايام السنة تقريباً, ها هو العراق يعود لممارسة هوايته في تحطيم الارقامالقياسية العالمية ليسجل العراقيون وللسنة الخامسة على التوالي انهم اكثر شعوب الارضتعاسة ,,  

ومنذ العام 2003، تتراكم ملفات المشاكل على العاصمة دون أي حلول لها رغم الميزانيات السنوية الضخمة المخصصة لها، ولعل أبرز ما تعانيه بغداد منذ نحو عقدين ما يتعلق بأزمة السكن مع الزيادة الكبيرة في الكثافة السكانية، والعشوائيات التي تتوسع باستمرار، وتراجع منظومة الكهرباء، والاختناقات المرورية، وتكسر وتهالك الطرق والمجاري والمياه الصالحة للشرب، وتكدس النفايات، والتجاوزات على التخطيط الأساس للمدينة

ومن الاسباب التي جعلت من بغداد واحدة من أسوأ المدن هو تراجع الاهتمام بإدامة المساحات الخضراء وزيادة نسبة التصحّر فيها، بسبب التجاوزات الحاصلة على المناطق الخضراء والحدائق العامة وتحويلها إلى أماكن سكنية أو محال تجارية,,, ووزارة الزراعة كثيرا ماتطالبمجلس الوزراء وامانة بغداد بتنفيذ قانون 154 وكذلك قانون التصميم الأساسي لمدينة بغداد للمحافظة على نسبة الأوكسجين فيها. حيث يضمن التصميم الأساسي أن يكون 40% مناطق خضراء و60% للسكن، إلا أن المساحات الخضراء في العاصمة الآن تبلغ 10% فقط، مما يعني أن العاصمة فقدت 75% من مساحاتها الخضراء المصممة وتحتفظ بـ 25% فقط

ولآجل ذلك كشف عضو اللجنة المالية النيابية، معين الكاظمي، عن خطة لسحب مليون مواطن من العاصمة بغداد لدى الحكومة الحالية خطة لبناء 5 مدن سكنية كبيرة جديدة في محيط بغداد وسحب مليون مواطن اليها مع توفير الخدمات كاملة وفرص عمل في هذه المناطق”.واضاف هناك 3 مليارات دولار في صندوق الاعمار والصين حاضرة لوضع 10 مليارات دولار اخرى والشروع بالعمل في البنية التحتية، فهناك مساحات شاسعة من الاراضي صالحة للسكن لكنها خالية من البنىالتحتية”. وتابع الكاظمي ان “المدن المحيطة ببغداد من مسؤولية المحافظة وامانة بغداد مسؤولة عن 14 بلدية وقانون العاصمة يفترض ان يشرع من مجلس النواب ليقرر هذا الشي وامين بغداد حاليا يعين من رئيس الوزراء,, هناك مشروعاً لانشاء عاصمة إدارية جنوب العاصمة بغداد مقابل مدينة بسماية، وعلى مساحة تبلغ 50 كيلومتراً مربعاً، سيتم فيها نقل كل المؤسسات الحكومية الواقعة ضمن الرقعة الجغرافية من (نصب الشهيد) شرقاً وحتى نصب الجندي المجهول غرباً”، مبيناً أن “هذه العاصمة ستمثل نسبة 85 بالمئة من مؤسسات الدولة,, سيكون مجمعاً حكومياً متكاملاً، سيسهم في إحياء المنطقة، وتقليل الزحامات داخل العاصمة، فضلاً عن تسهيل الإجراءات للمواطنين ،لأن جميع المؤسسات ستكون ضمن رقعة جغرافية واحدة ،وبالتالي سيسهل تنقل المواطنين ما بين تلك المؤسسات، وخطط المشروع كاملة وجاهزة, وحول قرار تمليك الاراضي الزراعية، اوضح الكاظمي “لم تكن مشكلة السكن الزراعي متجذرة ومتوسعة في السنوات الماضية وكانت في بداياتها كما هو عليه الحال اليوم، وقرار تمليك الاراضي الزراعية التابعة للحكومة حصراً ويكون مبلغ التبليغ حسب قانون وبيع وايجار عقارات الدولة دون مزايدات”.واشارالى ان “تحويل الاراض الزراعية الى سكنية يتطلب توفير البنى التحتية المناسبة، والمطلوب من الاجهزة التنفيذية سواء مجلس الوزراء او امانةبغداد ودوائر البلدية في المحافظات ان يكون هناك وضوح في التعامل مع المواطنين بشان قرار تحويل جنس الارض“.وبين الكاظمي ان “واقع الحال يفرض تغيير جنس الارض من زراعي الى سكني ويجب مراعاة التخطيط العمراني في الاراضيالزراعية المراد تمليكها، اما التعليمات فهي تصدر من دوائر البلديات في المحافظات وليس من مجلس الوزراء وقد تعرض على الجهات العليا للمصادقة عليها وتاخذ طريقها للتنفيذ”، داعياً الى “تجاوز تعقيدات اجراءات تغيير جنس الارض وتمليكها للمواطنين”.واردف بالقول “مهمة السلطة التنفيذية متابعة واصدر قرارات لحل مشاكل المجتمع وممثل الشعب عليه متابعة حقوق الناس عبر دوائر البلديات”، مطالباً حكومة محمد شياع السوداني بـ“تقديم خدمات حقيقية والسعي لتحقيق هذا الجانب دون وضع اعباء كبيرة على المواطنين مع الاخذ بالاعتبار السماح ضمن فقرات القانون بتخفيض الاسعار“.وختم الكاظمي بـ“ضرورة وضع الية دقيقة لتمليك الاراضي الزراعية وتجاوز البيروقراطية“.

الأغاني والقصائد العراقية كثيرة منها الحزينة التي تتحدّث عن المنزل والمسكن، والذي لأهميته القصوى يُطلق كثير من العراقيين على المنزل المُمتَلك تسمية “وطن”. وتنصح الأجيال بعضها بعضاً بشدّ الحزام والاقتصاد بالحياة من أجل “شراء وطن” يقي الإنسان شرّ الحرّ والبرد وصاحب المُلك.. وهذه خلطة من مناخ وبشر لا رحمة فيها بالنسبة للعراقيينويُعدُّالحصول على سكنٍ في العراق، وخاصة في العاصمة بغداد، أمراً شاقّاً، وطرق امتلاكه صعبة. ونتيجة لذلك فإن الطلب على السكن مرتفع، بينما المعروض قليل وفاحش الغلاء. وكلّما ازدادت الحاجة إلى السكن ازدادت، بالمقابل، رقعة العشوائيات في بغداد,, على مدار أكثر من قرن، فشل مهندسو تخطيط المدن في توقع تزايد أعداد سكّان بغداد، إذ لطالما كانت سرعة انتقال العراقيين إلى بغداد، والعمل فيها تسبق خطوط أقلام المهندسين التي تحاول وضع خرائط لعاصمة العراق وضبط حدودها. المهندسان الألمانيان “بريكس وبراوفينز” كانا أول ضحايا المدينة المدوّرة التي حدّدها أبو جعفر المنصور بالقطن والنار، إذ حاولا وضع خطّة لبغداد عام 1936 لاستيعاب نصف مليون نسمة خلال عقدين بدلاً من ربع مليون، وهو عدد سكّانها حين وضع الخطة. لكن لم يمضِ سوى عقد واحد وكان عدد السكّان بالفعل قد فاق تصوّر المهندسين, ظلّت بغداد تزداد مركزية في العهد الجمهوري الذي شهد انقلابات وقلاقل سياسية عديدة أدّت إلى تذبذب تطوير اقتصاداتالمحافظات وبالتالي استمرار الهجرة إليها. وفي هذه الأثناء، أخذت تتشكّل عشوائيات جديدة، إلا أنّ الحكومات المتعاقبة كانت تسارع إلى تسوية أوضاعها من خلال تمليك وتنظيم العديد منها مقابل مبالغ زهيدة تتقاضاها من سكّانها، أو هدمها وإيجاد بدائل لقاطنيها،

 بعد احتلال القوات الأميركية لبغداد في نيسان / إبريل عام 2003، تجلّت أزمة السكن التي كان يعاني منها العراق،بغداد على رأس المدن التي تعاني نقصاً كبيراً في المساكن، ولاسيما في ظل التضخّم السكاني واستمرار الهجرة إليها من المحافظات. ولم تقتصر شهوة الحصول على سكن منذ العام 2003 على فئة اجتماعية دون غيرها – حيث اقتسمت الأحزاب والمعدمون، في صفقة صامتة أنقاض بغداد – إذ سرعان ما توجّهت العائلات المعدمة إلى استيطان بيوت ودوائر وأراضٍ تابعة للدولة، واقتسمت بعض العائلات فيما بينها بنايات كانت مؤسسات حكومية في السابق وحوّلتها إلى شقق سكنية. بينما سارعت الأحزاب وأفرادها القادمون من الشتات إلى الاستيلاء على قصور ومنازل وأراضي أركان النظام السابق . وقد سميّت الأراضي والبنايات التي استولى عليها المواطنون ب”الحواسم“، وهي نسبة ساخرة إلى تسمية صدّام حسين لمعركة بغداد الأخيرة ب”معركة الحواسم“، والتي أدت إلى احتلال العراق.رافق كل هذا غياب خطط لتطوير الإسكان وسد العجز الكبير في الطلب على المساكن، علاوة على بروز طبقة جديدة من رجالات الأحزاب، وفئة تجار تابعة لهم، ذوي شهوة كبيرة لامتلاك العقارات، أدت إلى ارتفاع أسعار السكن لدرجة جنونية. عليه فقد باتت بغداد -التي تقبع في قائمة أسوأ المدن الصالحة للعيش- تنافس أسعار المساكن فيها أغلى الدول الغربية. وعلى الرغم من أن الدستور العراقي أُريد له أن يؤسس للسوق الحرة وللنيوليبرالية في العراق، إلا أنه أقر بمسؤولية الدولةعن توفير السكن للمواطنين

تشهد المناطق العشوائية منذ عام 2003 ولغاية اليوم اتساعاً متزايداً، وقد بدت العشوائيات جنّة للمحتاجين إلى السكن، وأخذت تتطوّر وتنمو بسرعة كبيرة.ولا تخلو أيٌّ من البلديات ال16 في بغداد منها. بغداد – اليوم نحو 8ملايين نسمة ,, ويقدّر عدد سكّان المناطق العشوائية في بغداد لوحدها مليوني شخص,,, وقد أخذت المحافظات وأطراف المدن تتحوّل إلى أماكن طاردة لسكّانها بعد انهيار الزراعة واندثار الصناعات الصغيرة، وتركّز سوق العمل داخل المدن، فضلاً عن عدم وجود قوانين منصفة للإيجار، وانعدام التعاملات المصرفية في الاقتراض، وتدمير وسائل النقل العام، ووضع الحواجز الأمنية الخانقة على بوابات بغداد. وهذا يجعل التنقل أمراً مكلفاً وشاقاً بين المدن وأطرافها ناهيك عن المحافظات فيما بينها,, وبناءً على ذلك، فإن أغلب سكّان العشوائيات في بغداد هم من العمّال المياومين الذين يكسبون أرزاقهم من الأعمال غير الثابتة الدخل مثل البناء أو الحمالة، أو من الذين يتكسبون أموالهم من معامل “البلوك“(أحجار البناء) والآجر التي نشأت بعض العشوائيات إلى جانبها نتيجة لتوفيرها مصدر رزق شبه ثابت، وإن كان قليل الدخل، للمهاجرين من داخل بغداد أو خارجها,, ناهيك عن الزحاماتحيث بلغت مجموع المركبات في العراق، تجاوز الـ 7 ملايين مركبة بنهاية العام 2021، بعدما كان عددها يبلغ 5 ملايين خلال 2015، إذ توجد 175 سيارة لكل ألف مواطن وبنسبة 118 مركبة لكل كيلومتر واحد, من بين الأسباب المؤدية للزحامات هي كثرة المجمعات التجارية في المناطق ذات الكثافة السكانية الكبيرة, العاصمة بغداد تعاني من الزحامات المرورية منذ 30 عاماً، لأنها لم تشهد توسعة للطرق ولا مجسرات تفي بالغرض”، مبيناً أن “هناك عشوائية كبيرة في دخول السيارات إلى العراق,, وأضاف أن “عدد المركبات في العاصمة بغداد شهد تزايداً كبيراً، إذ وصل إلى مليون و700 ألف مركبة, ساعات ضائعة وأرواح مفقودة، بسبب أزمة مزمنة يعيشها العراقيون كل يوم في شوارع البلاد ،لاسيما العاصمة بغداد، فمع توجه الموظفين إلى الدوائر والمؤسسات الحكومية، والطلبة إلى الكليات والمعاهد والمدارس، كما تشهد البلاد وخاصة بغداداختناقاً مرورياً، تقابله حوادث سير تكاد تكون يومية، لأسباب تعددت ما بين مخالفات مرورية وتقصير جهات معنية.الجهات الحكومية كشفت عن مشاريع وخطط من شأنها حل أزمة الاختناقات، وسط شروط شددت على تحقيقها لإنهاء هذا الملف.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب