بالرغم من كل الجراحات ، ونزيف الدم المستباح منذ أكثر من عشر سنوات ، وبالرغم من كل الحزن الجاثم على صدرها ، إلا أن بغداد مازالت بخير ، بأناسها المتحابين عبر القرون عرب وكورد ، شيعة وسنة ومسيحيين وأقليات ، ولازالت عصية على الإرهاب …. منذ مدة ووسائل الإعلام الغربية والإقليمية وحتى بعض المحلية تطبل وتزمر ، وتنشر التصريحات من هذا وذاك بان بغداد على وشك السقوط بيد داعش ، وان الإرهاب يقف متأهبا على أبوابها يريد اقتحامها ، ولولا لطف الله والاباتشي الأمريكية لكانت داعش تصول وتجول ألاّن في بغداد … القاصي والداني يعلم اليوم إن الولايات المتحدة الأمريكية هي من يقود عالمنا اليوم ، وإنها تخطت العتبة الحمراء في عطائها العلمي والتكلنوجي حتى وصلت إلى المريخ … لكنها بالرغم من كل ذلك لازال يخفى عليها الكثير من الحقائق عن الشعوب وحراكها عبر التاريخ … وهي تجهل أو تتجاهل حقيقة دامغة ، بان بغداد ليست الموصل أو تكريت وما حدث فيهما ليس هو المعيار الذي تقاس به قوة وشجاعة وإرادة العراقيين ، قد تكون هذه التصريحات ناتجة عن جهل بحقيقة الأمور من قبل القادة العسكريين الأمريكان والذين كانوا سباقين للترويج لمثل هذه الإشاعات ، أو إنها تحمل في ثناياها نوايا خبيثة مبيتة للعراق والمنطقة ، كأن تكون تمهيد لإقناع الرأي العام الأمريكي بضرورة التدخل البري في العراق أو لابتزاز الحكومة العراقية لغرض إقامة قواعد عسكرية أمريكية دائمية فيه ….وبغض النظر عن نوع الإجابة وطبيعتها إلا إننا كعراقيين نتعامل مع حقيقة راسخة في اليقين الجمعي لدينا ، وهي إن بغداد عصية على الإرهاب وان فيها رجالا قادرين على حمايتها والذود عنها ، وان العراقيين الذين قاتلوا الإرهاب في امرلي والضلوعية وحديثة هم أنفسهم من سيقاتلون داعش أذا فكرت بتدنيس ترابها .. وان بغداد الآن ليست هي بغداد عام 2006 فقد أدرك سكانها كما أدرك العراقيون جميعا بان الصراع القائم ألان هو صراع بين الخير والشر والحق والباطل والمدنية والبربرية ، وان اغلب أهلها قد غادروا تخندقاتهم الطائفية التي فرضها عليهم الإرهاب في السنوات الماضية ، ليصطفوا متوحدين في خندق واحد ضد من يريد سلب مستقبل أبنائهم وسرقة الفرحة من مدينتهم الخالدة ، التي بالرغم من كل مامر بها فإنها لازالت تزهو بإعراسها وأسواقها ، وإنها لازالت بخير.