دخل الإنجليز المنتشون بالسيطرة على إمبراطورية عالمية ممتدة لاتغيب عنها الشمس لسعتها والجغرافيا التي تتضمنها الى العراق، وكان الكثير من جنودهم عبيدا من الهنود محتقرين يعيشون على الإذلال والإهانة، بينما كان العراقيون يرزحون تحت نير الإحتلال العثماني البغيض والفاجر، وكان معظهم أميين حفاة لايملكون من حياتهم سوى أنهم جاءوا بغير إرادة إليه،ا ويخرجون بغير إرادتهم.
أنهى الإنجليز دكتاتورية العثمانيين بعد أن خدعوا العرب الهمجيين بالثورة العربية الكبرى على يد عائلة محسوبة على البيت الهاشمي، ولما تمكنوا من العراق وفلسطين ودول أخرى في الشرق الأوسط العربي نشروا الفوضى والفساد والحرمان، وأسسوا كيانا عراقيا تحكمه عائلة هاشمية ضعيفة ومفلسة وخاضعة للإحتلال البريطاني، ونشروا الفوضى التي إنتهت بإنقلاب عبد الكريم قاسم، ومجييء حكم العسكر الذين أوقفوا حركة العراق الإقتصادية التي بدأت تتحرك نهاية العهد الملكي، ومهد العسكر لحكم البعث الفاشستي المقيت الذي نشر الموت والخراب في العراق، وجعل الناس طبقات، فقمع الشيعة، وجعلهم في الحفر والمقابر الجماعية وفعل أشد من ذلك بالأكراد، بينما رهن السنة الى دائرته، فإما أن يسيروا معه ويحكموا معه ويساندوه وينتفعوا منه، أو يعترضون وهم قلة كان مصيرهم أن يقتلوا، أو يهجروا.
نهاية دكتاتورية البعث المقيتة والفاسدة كانت على يد الإحتلال الأمريكي الشرير الذي فتح أبواب الشيطان على العراقيين فوزعهم على طوائف وقوميات، حتى إذا شعر الأكراد أنهم تحرروا وبنوا مجدهم سلط الله عليهم طبقة سياسية فاسدة ومتنازعة أوصلت كردستان اليوم الى الحرمان، وصار الموظف ينتظر لعدة أشهر ولايحصل على راتبه، بينما وقع الشيعة في الفخ فهم متهمون بأنهم في السلطة، لكنهم في الحقيقة رهن لمجموعات سياسية فاسدة وجائعة وشرهة للمال والسلطة، ولايكفيها بحور من النفط والذهب والمال، ولايعلم الله متى ستشبع ولن تشبع، وصاروا نهبا للإرهاب والتفجيرات والمفخخات القادمة بتوجيه من إمبراطوريات مالية في الخليج، بينما يعيش السنة على ذكرى الماضي، وصار الملايين منهم يحلمون بفرصة عمل، أو بالعيش في أمان، وبعضهم وقع في فخ التنظيمات الدينية المتطرفة كالقاعدة وداعش التي تتحدث عن مظلومية السنة، بينما هي في الحقيقة أداة شيطانية حولت السنة الى مشردين وجياع في المخيمات.
الخشية أن الفوضى الحالية لن تنتهي وسط هذا التنازع الطائفي والقومي، ووجود المافيات الكبرى الحزبية إلا بفعل خارجي، أو بإنقلاب دموي، أو بصراع مسلح يحرق الأخضر واليابس مع الفشل الإقتصادي الذريع والبشع الذي يتوقع له أن يستمر لفترة طويلة قادمة، بينما لايظهر على المفسدين أي نية للتراجع عن عزمهم في نهب مابقي من ممتلكات الدولة من أموال وأراض وقصور ووزارات تحولت الى أماكن لإنتاج الدعم اليومي لتلك القوى السياسية.
يقولون، أن بغداد بحاجة الى جلاد، لكن من هو وكيف، وهل سنرضى أن يحكمنا الجلاد ثانية، أم إننا تحولنا الى جلادين نحكم بعضنا البعض ونتبادل الخوف والترهيب وننشر الفوضى والخراب؟