شيء جميل ان نكتب عن الماضي لتستلهم وسط هذا العالم المتذبذب عودة الروح لجسدنا المنهك ولنتعرف على طبيعة الحياة البغدادية في زمن كان فيه المواطن يعيش الحياة على بساطتها .. بغداد ايام زمان كانت فيها العائلة العراقية تعيش حالة الاطمئنان والالفة والمحبة داخل المحلة الواحدة .. كان سكان بغداد يتحلون بالبساطة والطيبة وحب الخير كانت العائلة البغدادية تستمتع بالنوم فوق سطوح المنازل بعيدا عن بهرجة اجهزة التبريد الحالية حيث تقوم ربة المنزل بغسل سطح الدار مع حلول المغرب ومن ثم تقوم بفرش الافرشة وتهيأة مستلزمات النوم في مكانها المحدد والتي غالبا مايكون موقع رب العائلة في صدارة المشهد كما تقوم ربة المنزل بتجهيز وعاء شرب الماء المصنوع من الفخار والذي يطلق عليه البغادة اسم ” التنكة ” التي تكسب المياه برودة مع تجهيز المكان في بعض الاحيان بقدور الطبخ التي غالبا ماتكون مملوءة ببقايا الطعام وتكون جاهزة للاكل وغالبا ماينهض الجائع منتصف الليل واغلبيتهم من الاطفال للتهام الطعام بيديه وهو بارد بشهية ومن ثم يرتشف مايسد رمقه من ماء ” التنكة ” .. كان الجو في بغداد ايام زمان يختلف عن الجو الحالي حيث تحس ببرودة تلسع جسمك اثناء الليل كانت اجواء الحياة في بغداد اكثر رومانسية رغم بساطتها فلم يشعر البغدادي بمضايقة اثناء تجواله وعمله .. كان البغدادي يستيقض صباحا مع افراد اسرته على صوت بلبل يغرد ينطلق من جهاز الراديو .. كان الاطفال يشعرون بالفرح عند مشاهدتهم عربة بائع المرطبات او مايطلق عليه ” البوبسيكل ” حيث يتجمع الاطفال حول عربته لشراء وتناول هذه المواد وهم فرحين واكثر سعادة من اطفال اليوم الذين نخرت بطونهم وسوست اسنانهم الحلويات المطعمة بالمواد الكيمياوية الضارة ..
زمان كان كل حي يبرز فيه شخص يدعي المراجل والجسارة والقوة فيكون هو الامر الناهي في المحلة في كل مايتعلق بشؤون السكان ويطلق عليه لقب ” شقي ” وكان اغلب هؤلاء الشقاوات اصحاب نخوة وشهامة في مساعدة الفقير ومناصرة الضعيف ضد القوي المتجبر .
زمان كانت الطرقات منظمة واقل ازدحاما وكان ” الربل ” وهي عربة نقل يجرها الحصان كانت اكثر انتشارا واقبالا في نقل السكان داخل العاصمة بغداد وكانت العائلة العراقية عندما ترغب في قضاء اوقات الراحة وخاصة في الاعياد تلجأ الى منطقة بارك السعدون حيث تجد متعة الاستمتاع باجواء اكثر رومانسية في الحدائق وهي تجلب معها مالذ وطاب من الاطعمة وخاصة اكلة ” الدولمة ” المحببة لدى سكان بغداد .. زمان كانت سيارة الباص الحمراء والتي يطلق عليها البغادة اسم ” الامانة ” اكثر انتشارا في شوارع بغداد حيث يستقلها المواطن للتنقل داخل بغداد وباسعار زهيدة لاتتجاوز الخمسة عشر فلسا …زمان كان حمام السوق الاكثر اقبالا من قبل المواطنين حيث يؤمه المواطن وهو يستمتع بالجلوس على ” دكة ” الحمام التي غالبا ماتكون شديدة الحرارة وهو يحتسي الشاي او الحامض او الدارسين في جلسة لاتخلوا من براءة زمان كانت العائلة البغدادية تعيش يومها فلا يوجد اهتمام بخزن المواد الغذائية في ثلاجة او مجمدة كما يحصل حاليا.. زمان كانت ثلاجة الخشب تحتل موقع الصدارة في المنزل حيث خزان المياه المحاط بقالب الثلج والذي يجعل الماء اكثر برودة من ماء الحنفية اضافة الى استخدامها لحفظ الاطعمة السريعة التلف .
زمان كانت ربة البيت تفضل عمل الشاي ب ” السماور ” الذي يعطي الشاي نكهة خاصة .. زمان كان البغدادي لايجهد نفسه في الحصول على الحليب والصمون صباحا حيث يأتية جاهزا الى البيت عن طريق شخص يقوم بتوزيعه داخل المحلة وهو يقود عجلتة الهوائية .. زمان كان جهاز الراديو اهم وسيلة لسماع الاخبار والتمتع بالاغاني حيث تحتل الصدارة فيه اغاني مطربي المقام وكان ابرزهم المطرب محمد القبنجي ويوسف عمر وناظم الغزالي اضافة الى مطربات الاغاني الخفيفة مثل اغاني المطربة سليمة مراد وعفيفة اسكندر واحلام وهبي ولميعة توفيق وسعدي الحلي وغيرهم من المطربيين .. اخبروني برب الله عليكم اين نحن من ذلك الزمن الجميل