6 أبريل، 2024 9:45 م
Search
Close this search box.

بغداد المظلمة عاصمة للثقافة العربية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

يدور في الاوساط الفنية والثقافية اليوم موضوع كبير في عنوانه ومحتواه الا هو بغداد عاصمة للثقافة العربية والحقيقة عنوان بهذا الوصف الكبير والمميز  في هذا الوقت بالذات يثير الكثير من الشكوك والريبة حول كيفية اعتبار بغداد عاصمة للثقافة العربية في الوقت الذي تفتقر فيه بغداد الى ابسط مظاهر الثقافة والتحضر والمدنية , نعم لا يوجد مواطن عراقي اليوم لا يتمنى ان تكون عاصمة الحضارة الاسلامية دار السلام بغداد تحمل هذا العنوان الكبير , فهي كانت بالأمس القريب تحمل هذا العنوان لأن بغداد كانت لها هويتها الثقافية والفكرية والادبية والعلمية , ولكونها خلال  تاريخها الطويل والعريض وما تعرضت اليه من متغيرات سياسية ونظم شمولية وفردية ونكبات اقتصادية وحروب طويلة لا معنى لها , لم تفقد مكانتها الثقافية والفكرية والادبية , فكانت طيلة الفترة السابقة ملتقى للكثير من الادباء والمفكرين والفنانين  فكانت المهرجانات الادبية والثقافية والفنية تقام على طول السنة والسبب يعود الى ان هناك بيئة وارضية ثقافية وادبية تحمل ولو الحد الادنى لمتطلبات قيام مثل هكذا مهرجانات ومؤتمرات علمية وثقافية حتى ولو كان جزء من هذه اللقاءات والمهرجانات  تصب في خدمة النظام السياسي الحاكم أن ذاك  , ولكن هذا لا ينفي قدرة ومهنية المختصين من مهندسين وفنانين و مفكرين ومثقفين وادباء العاصمة بغداد من ادارة وتنظيم مثل هكذا فعاليات ومهرجانات بالرغم من قلة التخصيصات المالية قياسا بالتخصيصات الحالية , ناهيك عن ان العاصمة بغداد كانت اكثر امننا واستقرارا ومدنها وشوارعها اكثر نظافة وتنظيما وسكانها اكثر حضارة ومدنية واصحاب ذوق رفيع  , بالأضافة الى توفير الخدمات  الاساسية من كهرباء وماء ووسائط نقل والخدمات الاخرى وحسن التنظيم والتخطيط .
بغداد اليوم ليست هي بغداد الامس لا من حيث الامن والاستقرار  ولا من حيث التنظيم والتخطيط و  توفيرالخدمات الاساسية , فهي تفتقد الى ابسط مقومات المدنية والحضارة  وبصراحة مؤسفة جدا بغداد لا تصلح الان حتى ان  تحمل عنوان عاصمة العراق للأسف الشديد , فكيف  يراد لها ان تكون عاصمة للثقافة العربية !!!
بغداد اليوم لا يوجد فيها غيرمسرح واحد فقط مختص في عرض مسرحيات هابطة طالما اساءت الى تاريخ الذائقة الفنية العراقية ,  في وقت كانت بغداد تضاهي اكثر العواصم العربية في عدد المسارح    , اما مسرح الرشيد فهو ميت سريريا منذ عشر سنوات ولا توجد نية صادقة لأصلاحه وعودته الى الحياة من جديد .
بغدا د اليوم لا توجد فيها صالة سينما واحدة بعد ان تحولت معظم صالات السينما الى مخازن تجارية في وقت كانت بغداد من اوائل العواصم العربية التي تأسست فيها السينما حيث كانت سينما الرافدين في عام 1925 واليوم خالية تماما من دور السنما . !!!
اما شوارع بغداد فحدث ولا حرج  , فشارع الرشيد  بكل ما يملكه من تاريخ و تراث وقيمة فنية يفتخر بها البغداديون تحول الى ورشة لصناعة وبيع العدد اليدوية .
و شارع السعدون ليس افضل حالا من  شقيقه شارع الرشيد فقد تحول الشارع مع منطقة البتاويين الى مرتع وبؤرة لتجمع اللصوص والمزورين وبائعي ومروجي المخدرات بعد ان كان هذا الشرع من اجمل شوارع بغداد التجارية والسياحية , اما شارع ابو نؤاس فبعد ان عمل النظام السابق على تضييق الخناق عليه   تحت يافطة الحملة الايمانية في منتصف التسعينات  ,  ولكن و  بعد التغير كان يامل المواطن ان تتحول ضفاف نهر دجلة وشواطيء ابو نؤاس الى منتجعات وكازينوات سياحية وترفيهية كما هو حاصل على طول ضفاف نهر النيل , خاصة  وأن نهر دجلة يمتلك خاصية  في منحنياته الحادة والملتوية والتي تضفي جمالية اخرى لا توجد في الانهر المماثلة له  , راحت القوات الامنية بين الفترة والاخرى تصادر حق الشباب والعوائل في التمتع بجمالية هذا الشارع بعد ان اصبح الشارع في الأونة الاخيرة متنفسا بسيطا  للشباب لتفريغ همومهم  ومنغصاتهم اليومية من جراء العمل وتعب الحياة , ناهيك عن تقطيع الشارع بين الحين والاخر بالصبات الكونكريتية بحجة الضرورة الامنية مما افقد جمالية الشارع وبات تمثالي شهريار وشهرزاد  حجارة تحيطها القمامة والأوساخ   . اما أزقة وشوارع بغداد الاخرى فهي ليست افضل حالا من مثيلاتها حيث تكثر السيطرات الامنية في كل شارع دون اية فائدة مجرد ازعاج وتأخير للعمل وباتت هذه السيطرات الامنية من اهم العوامل التي تساهم بأصابة المواطن بالاحباط  واليأس من تحسن الوضع الامني على المدى القريب  , ناهيك عن  المطبات والحفر والتي تميز شوارع بغداد عن مثيلاتها في العالم !!   حتى من الصعب ان تجد ان هناك شارع في بغداد يستحق الاحترام . بألاضافة الى تجمع الاوساخ المتراكمة  والمنتشرة  في معظم الازقة والشوارع .  لا نريد ان نطيل ونتحدث عن المرافق الثقافية الاخرى والتي هي ليست افضل حالا مما اشرنا اليه ,  هذا هو حال بغداد اليوم , فهل تستحق هذه العاصمة اليوم ان تحمل عنوان عاصمة الثقافة العربية  ؟؟  وهل ستكرر فيروز زيارتها الى بغداد بعد ان فقدت بغداد رونقها وتالقها  وهل ستعيد  اغنيتها  بغداد والشعراء والصور بعد أن ذٌ’بِح شعراء بغداد على ضفاف دجلة و  بأيدي  أمراء طوائف  بغداد  …
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب