في الزمن القديم كانت العاصمة بغداد مرتعا وقبلة لمن يريد العلم والمعرفة و الادب والشعر وتدريجيا تحولت في الامس القريب الى بؤرة الى بعض العراقيين و الاصدقاء والمقربين الى السلطة ممن يدعون العلم والمعرفة و الادب والفن وهم ليس بأهلا له واخذ يتراجع القبول لها والتقرب الى منابرها ممن يرفضون بعض الظلم والجور لما يقع على بعض الجهات.
اما اليوم فأصبحت مرتعا للفساد والسراق والقتلة والمارقين والتصفيات السياسية والطائفية .
بحيث بدأ يأتي الابطال اليها من كل حدب وصوب من مدن البلاد والعالم العربي و الاسلامي وغيرها من الجنوب والشمال والشرق والغرب للصراع الدامي .
فيربط كلا منهم فرسه في اسوار تلك المدينة البائسة متوجها ومترجلا الى ميدان القتال في المنطقة الخضراء والمناطق الاخرى ذات التأثير المباشر على القرار السياسي لتصفية الحسابات فيما بينهم بواسطة الخطف والقتل والسرقات العلنية .
هكذا هو حال الشعر والشعراء في العراق بعد ان كان الشاعر والكاتب والمثقف علما من اعلام الدولة وله الاولوية في كل شيء وهو المعروف اكثر من الاخرين وحتى من اعضاء الدولة ووزرائها في الامس البعيد القريب .
بين ليلة وضحاها تحول الى نكرة لا يعرفها او يفهمها سوى بعض من الشعراء زملاءه المفلسين وبعضا من النقاد من نفس دائرته ومحيطه .
لذا تاهت على المتلقي وخصوصا من هم من المبتدئين في اوائل سنواتهم للتبحر في مداخل الشعر .
ومن هنا ارتد الكثير من الشباب الواعي والمتحفز والتواق الى الوراء مهرولا الى جادة الشعر الشعبي والشعر الشعبي البسيط .
هذا نتيجة الكلمات المبهمة والصور الشعرية الكلاسيكية في الشعر الحديث وخصوصا قصيدة النثر الذي بدأت تفقد جمالها وعذوبتها يوما بعد اخر .
كذلك هي قصيدة التفعيلة قصيدة بدر شاكر ونازك وعبد الوهاب طيب الله مثواهم .
وهنا بدأت القصيدة تفقد سهولتها بالتداول والحفظ بالنسبة للشاعر الشاعر وليس للشاعر الشويعر .
ولو تمعنى بالقصائد الشعرية القديمة نلاحظ انها من الممكن حفظها بالسرعة الممكنة اما اليوم يصعب علينا حتى قراءتها وفهمها لذا يتوجب على الشعراء ان يتفاعلوا مع القارىء حين يكتبون وليس مع انفسهم والشعراء امثالهم ويتبجح احدهم على الاخر (بالمعنى في قلب الشاعر ).
اصبح اليوم الشاعر منبرا حرا وسريع التفاعل مع الاخرين وينظر له بعين الريبة والقدوة للشعب والمعبر عن كل الخلجات والهموم والحياة المزرية التي يمر بهما البلد التي تدور في دواخل الاخرين وجدانية كانت ام وطنية وبالأفراح والأتراح .
وعلى الشاعر ان لا يخذل المتلقي بان يجعله مبهما وبعيد كل البعد عن هذا المعترك الجميل