نبهتُ ونبه غيري من أصحاب القلم بالخطر القادم للموصل قبل غزو داعش لها. ولم تصغً أذن مسؤول.وكان ماكان وبات نصف العراق تحت الهيمنة الداعشية. والخطر قادم الى بغداد وخلايا داعش النائمة ستنقض عليها ومن داخلها والدولة في سبات. الحرب لا تقتصر على السلاح وإنما هناك حرب الفساد وحرب التخريب الأقتصادي وكلها تسعى لتهديم البلد .ولا يفوت كل ذي بصيرة الهدف من الحرائق التي أكلت نيرانها عماراتٍ وأسواق في المركز التجاري للعاصمة بغداد وفي منطقة الشورجة التجارية والسنك وسوق الأرمن بحرائق إغلبها متعمد مدبر. وآخر سببه التقصير والأهمال لكفاءة رجال الدفاع المدني و لوسائل الأطفاء أوعدم وجودٍ لها.أوالمندسين من عناصر الأرهاب.
في كل دول العالم تهتم الحكومات بمركز عاصمتها التجاري وتحافظ عليه ويحظى بالرعاية والعناية , إلا نحن في بلد الحضارات والمدنية السالفة. فلا حضور للدولة. والحضارة أصبحت تأريخاً يأنف منّا ويتبرأ .
من حقنا أن نتساءل لمَ كل هذا الأهمال؟ . ومن المسؤول عنه؟ لماذا أُهمِلَ مركز بغداد التجاري الذي يحتوي على جلَّ الرأس المال العراقي وأهم المصارف التجارية كالبنك المركزي ومصارف عريقة وبورصة النقد وأهم المحلات التجارية.فأصبح بائساً كخربة من خرائب دارفورلا أهل لها , تضربه الحرائق والتفجيرات كل إسبوع وبشكل متواصل ومستمر.
فلا وجود لفوهات الحريق التي كانت متوفرة في خمسينيات القرن الماضي. والأسواق مغلقة تقريباً , لتجاوز أصحاب المحال عليها .فصاحب المحل يترك محله فارغاً من البضاعة ,ويعرض بضاعته في نهر السوق .وتجاوز البعض فبنى محلات في نهر السوق وبداخله . وأمانة العاصمة لا تتحرك مع العلم إن سرقفلية أي محل لا تقل عن 250 ألف دولار. والسبب واضح واللبيب بالأشارة يفهم. ولو ألقينا نظرة على سوق البلاسيك وسوق البهارات في الشورجة والسوق العربي والسنك وشوارع الرشيد والخلفاء والأمين والرصافي لتبينت لنا الحالة المزرية من الفوضى والنفايات ,وعصابات النشل وبيع حبوب الهلوسة .ولا إمكانية لسيارة إسعاف أو شرطة أو إطفاء للوصول لهدفها, أولمصدر الحريق. فتلتهم النيران الأسواق والخسائر ملايين الدولارات.وكأن شيئاً لم يكن.
كما إن إهمال دائرة الدفاع المدني واضح فالباب الريسي لوحدة الأطفاء بشارع الخلفاء شبه مغلق والباعة يفترشون الأرض أمامه .ولا وجود لمصادر مياه قريبة تتزود منها سيارات الأطفاء بما تحتاجه.ولا خبرات حديثة بعمليات إخماد الحرائق ولا طائرات لمكافحة الحرائق كما في سائر الدول .
أما أصحاب العمارات التجارية فلا وجود لأي وسيلة إطفاء صالحة في العمارة فلا مطفئات ولا خزانات ماء للإطفاء أو جرادل لنقل الماء .ولا محاسبة ولا تفتيش من قبل الدفاع المدني أو وزارة الداخلية على هذه العمارات للتأكد من وسائل السلامة العامة فيها ولا وجود لحراسات نهارية أو مسؤول أمني عنها.
أما دائرة الكهرباء فلها الدور الأكبر لنشوب هذه الحرائق حيث أسلاك المولدات العشوائية تتقاطع مع الأسلاك التي تسرق بها الكهرباء الوطنية الظاهرة للعيان. وعلى عينك يا تاجر حيث يسرق بعض حراس العمارات الكهرباء ويبيعونها على أصحاب المخازن والمحلات.
كما إن غالبية الحراس يستخدمون العمارات كفنادق مساءً لمبيت من هبَّ ودب وربما البعض منهم مرتبط بالأرهاب.وأغلب الحراس ليسوا منزهين ولا سجل أمني لهم .
ولا ننسى أكوام النفايات في الشورجة وأمانة العاصمة لا تبعد أكثر من 500 متر عن هذه الأسواق وكثيراً ما يرمي أحد المغرضين أو البلداء عقب سيكارته فتشتعل الحرائق .كلُّ هذا ليس صدفة ولا بجديد. ومن المأكد أن داعش ستستغل هذا الواقع أو قد تساهم به. وسيحدث الزلزال يوماً .عندما يشتعل أكثر من حريق يصاحبه إطلاق نار هنا أو هناك وتفجيرات في مناطق متعددة من المركز والمناطق المجاورة مع إطلاق إشاعات لأرباك العناصر الأمنية التي إعتادت ترك الساحة للعدو والأختفاء. وفتحدث الفوضى وعندها تضرب داعش ضربتها بمهاجمة البنك المركزي والبنوك الرئيسية الموجودة لتحرقه فتقصم ظهر الإقتصاد العراقي بضربة القاضية وتحصل الكارثة . فهل لمسؤول شريف في الدولة أن يستيقظ ضميره وتشكل لجنة لدراسة الحالة ووضع الحلول السريعة المستعجلة والدائمة؟ .أمْ أنَّ وراء هذا داعشياً داخلياً من أهل الدار ؟
ومن تواقعاتنا بعد أن خبرنا المسلك الداعشي,وغياب تخطيط الدولة الأمني, وضعف التنفيذ وإنحسار الأحساس والأنتماء الوطني,إن هذا غير مستبعد عن داعش, التي إستقطبتْ أفضل قيادات الجيش العراقي السابق, من ذوي الخبرة وستكون بغداد
على كف عفريت.والله أعلم بالنتائج ولا نريد أن نكثر من هذا. فربَّ توقعات باتت معقولة اليوم في ظل واقع غير معقول.
الحاجة اليوم ملحة لتأسيس لجنة تتكون من الداخلية والدفاع والأمن الوطني وأمانة العاصمة والكهرباء. لتشرف على هذا المرفق الحيوي الهام لتديره وتأمِنَه من كارثة متوقعة قبل فوات الأوان كما فقدانا الموصل وتكريت والرمادي.أمْ أنَّ هذا ليس بالأمر الهام ؟