17 نوفمبر، 2024 7:30 م
Search
Close this search box.

بغداد الحاجة الى جلاد

بغداد الحاجة الى جلاد

كتبت في هذا الشأن من سنوات عن حاجتنا الى إعادة إنتاج دكتاتورية ما تعيد اللحمة والقوة والمنعة لدولتنا الضائعة المنساقة الى هاوية التقسيم والتشتت بين أحلام ونوايا الدول العظمى والأمبراطوريات المجاورة الحالمة بالعودة، ولم أكن أعني العودة الى نظام البعث، أو طريقة الإدارة التي كان نظام صدام ينتهجها، فهي طريقة من الماضي، لكنني أقصد الحزم والقوة والتسلط بطريقة القانون المحمي من قوة واحدة غير مفككة، فليس ممكنا أن تقوم دولة في العراق على هذه الطريقة المرة التي تسببت في ضياع الحلول وتشرذم الأمة وتنوع البلاء، وظهور الطائفية كحالة مرضية تكاد تمزق الجسد وتهلكه، ثم صراع الإرادات، وصعود قوى متباينة تعمل على أساس ديني مذهبي، أو قومي يحكمها نفوذ متعدد في الداخل وتسلط خارجي لايرحم يستقطب قوى الداخل ويحكمها بالمال، فكان ان ضعفت الدولة وغابت عن وجودها الحقيقي المأمول، وصار كل منا يبحث عن ذاته ومستقبله في طائفة، أو قومية ويحتمي بحزب، أو جماعة مسحلة، بينما تغيب مدننا الجميلة خلف سحابة القاعدة، أو داعش، وتتقدم القوى الدولية من البحر والجو والبر وكل يتربص بحدودنا من الغرب والشمال والجنوب والشرق ويريد أن يحقق غاية ما وأمنية، أو حلم قديم.

العراق بلد لايحكم بالديمقراطية. هناك شعب متمرد، وهو معروف بخصائصه المتطرفة كمناخه الحار الجاف في الصيف، البارد والممطر في الشتاء على غير عادة المناخ في بقية الأرض والعياذ بالله، وماأحوجنا الى الطريقة المصرية في الحكم. هناك حاكم حازم دكتاتوري طيب وشرير في نفس الوقت، وماأحوجنا الى نظام كنظام رجال الدين في إيران، برغم ما يتهم به من سطوة وجبروت، لكنه يسمح بوجود شكل من التمثيل السياسي والصحافة والمشاركة الديمقراطية ويتغير فيه رئيس الدولة كل أربع سنوات، وهو الحال المشابه للحال التركي كما في الحالة الأوردوغانية، فنحن لانطمع بنظام أوربي يكون القانون سيدا بوجود مؤسسات ديمقراطية ودكتاتورية الضرائب والعمل المتواصل والإبتكار، وىه لو كان لدينا نظام الأسرة كما في السعودية ودول الخليج التي تملك الأسرة فيها كل شئ، لكنها تقدم لشعوبها كل شئ.

عندنا في العراق تغيب شمس الديمقراطية والعدالة، وننتهج سبيل الصدام والصراع ونفتح أذرعنا للخارج وكذلك قلوبنا ونعيش كأتباع لاحول لهم ولاقوة، فلانظام سياسي حقيقي، ولاتعددية قانونية ولاسلطة رقابية، ولاإقتصاد بمسمى ما، ولاخطة زراعية، أو صناعية، والوزارات ملك لأحزاب وأشخاص وزعامات وحرامية، ومدن يستولي عليها الإرهاب، وأخرى تحكمها سطوة الجموع المتسيدة بالدين والمال والسلاح، نحن بحاجة الى جلاد وليكن بمعنى القوة الواحدة، فتعدد القوى يجعلها في صدام، وإذا إتفقت فإنها تتفق على نهب الدولة ولاتبقي شيئا للشعب، ويتحول العراق رويدا الى مايشبه سمكة الشيخ الصياد في رواية أرسنت همنجواي، حين يحارب القرش ويسحب السمكة الى الشاطئ لكنه لايجد منها سوى مانسميه السنسول، أو العظام المتصلة ببعض ورأسها الذي لاقيمة له.

كم نحن بحاجة الى دكتاتورية ولتكن دينية، أو قومية، أو بزعامة شخص، أو مجموعة توحد الجميع بالقوة وترهب الجميع وتوقف الجميع عند حدود المعقول فالعراق تجاوز حدود المعقول الى الفوضى والخراب وضياع فرص التوجه الى المستقبل، وياساتر من نهايات الدولة العراقية.

أحدث المقالات