23 ديسمبر، 2024 3:34 ص

بغداد أمام هولاكو من نوع آخر ..!!

بغداد أمام هولاكو من نوع آخر ..!!

يعتصر الألم قلوب ملايين العراقيين، حين يستعرضون ما مر عليهم من قيادات فاشلة ، كانت السبب في إيصال العراق الى أدنى فصول المهانة والاذلال ، بعد أن رسموا صورة مأساوية مقرفة من الضعف والانحلال وعدم القدرة على السيطرة حتى في أبسط مواقف الحياة ، وقد تحولوا في نهاية المطاف الى العوبة وأصبحوا مدعاة للتندر للسخرية على كل لسان!!

لم يعرف تاريخ العراق في العهود المظلمة، ترددا وضعفا واستكانة ، الا في عهد المستعصم بالله ، وهو آخر خلفاء بني العباس ، كان هذا الحليفة قد قدم كل قرابين الطاعة والولاء عله يكون بمقدوره وقف زحف هولاكو نحو بغداد عام 1258 م ، بعد ان قدم له كل أشكال الولاء من إضعاف الدولة وحل الجيش وفرض ضرائب باهضة على الشعب ليكون بمقدوره شراء الهدايا الثمينة النادرة ، عله يرضي غرور هولاكو لكي لايزحف الى بغداد ويحتلها، لكن كل تلك المغريات ذهبت هباء منثور، بل وجد فيها الغازي التتري فرصته للسير باتجاه بغداد ومن ثم هيمن على مقدراتها عام 1258 ، الذي يعد أسوا يوم في التاريخ الاسلامي المعاصر ، يوم سقطت بغداد على يد هولاكو، حين سلمه إبن العلقمي مفاتيح بغداد ، وعومل خليفتها شر معاملة، لاقى فيها من الذل والمهانة مالم يلقه حاكم آخر في التاريخ، ومن ذلك التاريخ الغابر ودعت بغداد عهود زهوها ومجدها ، يوم كانت إمبراطورية لاتغيب عنها الشمس، ووصلت حدودها الى الاندلس والصين، حيث أقام العباسيون أقوى دولة عربية اسلامية بعد سقوط الدولة الأموية ، ثم راحت تنهار دولتهم في الأندلس ، بعد إن انهارت معنويات الشعب الذي سلم مقاديره لقادة فاشلين، لم يتمكنوا من محو عار التاريخ الأسود الملطخ بالعار والشنار، ولعنة الشعب الأبدية عليهم على مر الزمان، ومنذ ذلك التاريخ والعراقيون يجترون آلامهم وفواجعهم، عله يكون بمقدورهم محو آثار تلك الهزائم المريرة للمستعصم بالله، وهو آخر خليفة عباسي، دون جدوى!!

ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أشبه ما يجري ببغداد اليوم ومن قبل مئات السنين، واذا كان المستنصر بالله هو الوحيد من خلفاء بني العباس قد خذلوا حضارة بلدهم وتاريخها وعزها ومجدها التليد، بسبب ضعفه وعدم قدرته على استنهاض الهمم وشحذ معنويات الرجال، في الايام العصيبة، بسبب طمعه الى السلطة والمال والوجاهة الفارغة، كونه يدرك في قرارة نفسه انه مهزوم من داخله، قبل ان يهزم من الخارج، ولهذا فإن هناك في زمننا الاغبر الحاضر فقد نكبنا بسلسلة من حكام فاشلين، سقطوا في وحل الرذيلة الواحد بعد الآخر، وأظهروا ضعفا وترددا ومهانة ومذلة أمام أطماع الغير، داخل العراق وخارجه، وتركوا البلد ينزف بجراجه الدامية ، لايهمهم مستقبل شعبه ولا تاريخه الناصع البياض، ، ولا ملايين العراقيين الذين ضيعوا المشينين ، حتى ليقال ان هذا العام ربما سيكون عهد آخر لتسليم ثان لمقدرات بغداد، ولكن هذه المرة ليس للمغول ولا للتتار ، ولكن لايران الامبراطورية التي ما تزال تحلم بعودة تلك الامبراطورية، وهم من نفس مجموعة التتار والمغول وقريبين من ديارهم، ليكون العراق جسرها الرابط باتجاه دمشق وبيروت وعمان ومن ثم اليمن والجزيرة العربية التي يسعى الايرانيون الى محاصرتها، ومن بعدها مصر والمغرب العربي ، لكي تسقط قلاعها بيدهم، بعد إن أغمض العراق عينيه، ونامت نواطيره، بل وسلمت مقادير بلدهم للأغراب الواحد بعد الآخر، وكانهم في مرحلة غريبة وهجينة في التاريخ، فكيف الحال إن كان من سيسلم العراق هو أضعف حكامهم ، بل أضعف خلق الله على الاطلاق، واكثرهم فشلا في ادارة حكمه، وما أوصل اليه أحوال البلد من السير في المجهول..والى الفوضى التي لايعلم الا الله مدى ما ستلحقه بالعراقيين من أزمان الذل والمهانة .. ويا لها من أقدار حقيرة ، تلك التي ينتظر العراقيون ويلاتها في زمن قريب!!

إنه القدر الأغبر اللعين ، الذي سلط علينا حكاما ظامة لايخشون الله، ولا يعترفون بقانون او دستور او نظام دولة، بل ان الدولة هي عدوهم الأول الذي ما ان يحلم العراقيون، بأنها قد تعود من جديد، حتى يحيلوا حلمهم الى ليال حالكة وأزمان رديئة، ويرضون الواحد بعد الآخر ان يسلموا الراية، على شاكلة من خانوا العراق وملحه وترابه الطاهر.. وليس المستنصر بالله آخر الخلفاء الفاشلين الضعفاء الذين يرتجفون من الخوف، ليكونوا طعما ولقمة سائغة لهولاكو..ففي عالم السلطة في العراق هناك اليوم الف بل آلاف من هم على شاكلة إبن العلقمي ، وهم من يرتضون أن يبيعوا العراق بثمن بخس دراهم معدودات، الا تبت يدا ابي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب!