23 ديسمبر، 2024 10:22 ص

بغدادُ والشعراءُ والصُّوَرُ !!!

بغدادُ والشعراءُ والصُّوَرُ !!!

مرّوا ببغدادَ ، بالمأساةِ ما شَعَروا

جاروا عليها، فلا شِعرٌ ولا صُوَرُ

جارَ الزمانُ ، كأنْ ماتتْ قرائحُهم

هُمُ فارقوكِ غداةَ النأي وانتشروا

ماتوا على الشَّوقِ ..لم تنظرْ لواحظُهم

إلاّ الهَشِيمَ ، وقد بَثَّ اللظى الشَّرَرُ

مُذْ مرَّ فيكِ عدوٌ شاءَ تفرقة ً

مابين أهليكِ حتى غادرَ السَّمَرُ ..

شواطئَ الليل ِ .. حيثُ الأنسُ بهجتُهُ

أبا نؤاسَ ، فما كانوا كما ذُكِروا ..

في سِفْرِ ماضيكِ يا بغدادُ ،كلُّهمُ

قد فارقوكِ على المرسى وما انتظروا

أسرَوا على الليلِ فوقَ الموجِ تَحْمِلُهُمْ

أكياسُ (مَنْ كانَ) في صخر ٍ فما انقبروا

غاصوا إلى الطِّينِ ، لا غُسْـلٍ يُطَهِّرُهم

من الدِّماءِ ، فهمْ بالنَّزْفِ قد طَهِروا

كَمْ صفَّقَ الناسُ ـ أعواماً ـ يدٌ كَتَبَتْ

تلكَ التقارير ، كي يُثوى بها البَشَرُ

أيامُ (مَنْ كانَ) سكينٌ على رئتي

تَحِزُّ في الليل ِ أنفاسي فأصطبرُ

أقولُ حَسْبي ؛ هوَ التاريخُ يرحَمُني

إنْ مُتُّ يوماً ، ولم يرحمْ بيَ القَدَرُ

أسـتغفرُ اللهَ ؛ يا الله لا انطفأتْ

نارُ الصِّراعِ ، ولم تَمْكُرْ بمن مَكَرَوا

حتى أطاحَ إلهُ الحقِّ مَنْ حَكَموا

هذا العراقَ ، بما قد يُدَّعَى انتصروا

قلنا انتصرنا .. بلى ؛ ذا النصرُ في وطني

لكنَّ ما حلَّ لا نرجوهُ يا عُمَرُ ..

ويا عليُّ ويا عثمانُ ، ما أتُِّبعَتْ

رُوُحُ الدياناتِ يا عدنانُ يا مُضَرُ !

حتى المذاهِـبُ لم تُعْرَفْ لها جِهَةٌ

سارتْ يُعِيقُ خُطَاها الكَبْوُ والحُفَرُ

ســـاروا عليها وشاياتٍ مقنّعةً

كلُّ الذينَ قَفَوها السَّيرَ قد عثروا

ساروا على الدَّربِ ، لا يدرونَ وجهتَهُمْ

كلُّ الذين سَرَوا في الدَّربِ ما عبروا

يطويهُمُ الحِقْدُ .. حِقْدُ الأمسِ فَرَّقَهُمْ

شيطانُ إبليسَ أغواهُمْ ليَنْشَطِروا

حتى انشطرنا .. شَطَرْنا اللهَ .. صورتَهُ

فَكَمْ أساءَ بنا ذا المَوْقِفُ الخَطِرُ ..

أهلُ العراقِ .. هُمُ أهلي ؛ وأعرِفُهُمْ

ويعرِفونَ بأنَّ الحقدَ مُنْكَسِرُ

ويعرفونَ بأنْ لاشيءَ يُسْعِدُهُمْ

إلاّ الحنينُ ، إذا أجدتْ بنا العِبَرُ

نَحِنُّ للأمسِ يا بغدادُ فانتبهي

فليسَ تُجْدي صِرَاعاتٌ و تزدهرُ

ذي نخلةُ اللهِ في ذي قارَ شاهقةٌ

مِنْ عَصْرِ أوروكَ في التاريخِ تَصْطَبِرُ

على الضِّفَافِ حضاراتٌ معانقةٌ

ضوءَ الشموسِ على الدُّنيا ، أتنكسرُ ؟!!!

عودي إلى الأمسِ يا بغدادُ عاشقة ً

حُبَّانِ ماضيكِ تلكَ الشمسُ والقمرُ !

طالتْ مُنَى الليلِ .. طالَ الليلُ في وطني

متى يحينُ طلوعُ البَدْرِ ؟! .. ننتظرُ !

***

(*)الأخوان رحباني