كنا نتجاذب اطراف الحديث وضوء الفانوس الخافت يلقي بظلالنا كـ ” خيال الظل ” على الجدار المزدحم بصور شهداء راح أولهم في حرب 48 ليدفن هناك في جنين دفاعا عن فلسطين فيما علقت صورته هاهنا في بغداد ،الثاني في حرب 67 توارى جسدا وعلق صورة في عاصمة الرشيد ، الثالث في حرب 73 دفاعا عن دمشق ووري`جثمانه الثرى هناك بينما ألحقت صورته هنا ليصطف وهو أسير برواز خشبي الى جانب من قضى نحبه قبله وما بدلوا تبديلا ، الرابع في حرب الخليج الاولى ، وها نحن نعيش الساعة حرب خليج ثانية بأنتظار ان تضاف صورنا وليس ظلالنا هذه المرة الى ذات الجدران الصماء التي تختزل حروبا ومعارك تلو اخرى لم نربح في اي منها سوى الثالثة ولو جزئيا – ﻻ لنواصل انتصاراتنا بعدها ، موووو عيب .. بل لندخل معاهدة استسلام زوقت إعلاميا وسياسيا بعبارة “سلام ” وماهو كذلك بالمرة – !!
كانت جدته الحبيبة تخبز فجرا وكنت – استل قرصا تلو اﻵخر فور خروجه حارا من التنور وألتهمه بشراهة ، مستغلا كرمها وربما انشغالها ببقية – الشنك – وبثرثرته وهو مستمتع بسرد بطولاته ايام الجامعة وانا اردد مجاملا ومازحا غير مصدق بما يهرف وفمي يلوك الخبز – هممم ، صدك ، ايبااااه ، هاي شنو ، لك انت طلعت طرزان واني ما ادري- وبينما كنا على هذا الحال واذا بإنفجارين عنيفين هزا الارض من تحتنا هزا عنيفا خلته ﻷول وهلة زلزالا بقوة 8 درجات على مقياس ريختر المؤلف من تسع درجات ، واذ بنا نكتشف ان ملجأ العامرية أو الملجأ رقم 25 في كرخ بغداد، قد قصف بطائرتين من طراز أف-117 نايت هوك الشهيرة بـ – الشبح – تحملان قنابل ذكية ما اسفر عن استشهاد أكثر من 400 مدنيً عراقيً معظمهم من النساء والأطفال تحولوا الى أشلاء متفحمة في 13 / شباط / 1991مجزرة بشعة بكل المقاييس تمر ذكراها فجرا ، من دون ان اسمع نعيا واحدا قط ، او سردا لتفاصيلها او مطالبة برفع دعوى قضائية ضد مرتكبيها في كل وسائل الاعلام العراقية وﻻ على صفحات النشطاء ، لسبب بسيط جدا هو – أن الجموع مخدرة كليا – مخدرة بفتن يلاحق بعضها بعضا وينسي بعضها بعضا ، حتى اصبحوا سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ، ومخدرة بأفكار مستوردة وبصراعات سياسية اقليمية ودولية لها اول وليس لها آخر ، ومخدرة بأخرى حقيقية اكتشف منها كما اعلن مصدر في “الأسايش” الكردية اليوم الاحد ، 171 طرداً من حبوب “ترامادول” المخدرة في منطقة ( شارزور) بمحافظة حلبجة ، بما يعادل 4 ملايين حبة بعد انتعاش سوقها بشكل لافت مؤخراً، وبظرف 24 ساعة فقط بين 5- 6 شباط على التوالي اولاها داخل سيارة للورود والأخرى داخل مستودع في مدينة حلبجة!!.
العراق وإلى وقت قريب كان يعد البلد الأنظف في العالم من حيث تعاطي المخدرات وإدمانها أو الإتجار بها بحسب تقارير الأمم المتحدة، ولكن وبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 انقلبت الأمور رأسًا على عقب؛ حيث أصبح العراق ممرًا ومعبرًا للمخدرات القادمة من الدول المنتجة باتجاه المستهلكة مع ورود أنباء مؤكدة تفيد بزراعة المخدرات، وتعاطيها، والإتجار بها، وانتشارها بين شريحة الشباب، ولا يختلف الحال كثيرًا مع تعاطي الخمور التي استشرت بدورها بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة علما ان الدول التي تكون معبرا للمخدارت يدمن 10% من ابنائها عليها !!
لم يعد جدار العراق يكفي لصور قتلاه ..ولما تنته مصائبه وحروبه بعد وﻻ اظنها ستنتهي ، اما عن التظاهرات فسيكون لي وقفة قريبة جدا معها بأذن الله وبالاخص بعد تبادل الاتهامات بين الطرفين بوجود مندسين بثياب مدنية في صفوف هذا الطرف و ذاك اعقبها اطلاق صواريخ كاتيوشا هزت ساحة الاحتفالات ما اسفر بمجمله عن سبعة قتلى و 320 مصابا بينهم 79 بالرصاص الحي بحسب محافظ بغداد المقال والحبل على الجرار …وهكذا ضاعت بصخب الفوضى المتواصلة كل صرخات الضحايا سابقا وحاليا بضمنهم شهداء ملجأ العامرية وعشرات المجازر قبلها وبعدها تمر بصمت مرور الكرام !!واختم ..بأن ﻻ ديمقراطية وانتخابات خلاقة بوجود ادوات الحلاقة التي تحز الاعناق والارزاق و كما يقول البغادة ” اذا حلقوا لحية جارك ..بلل لحيتك اغاتي ” اودعناكم