كنت من العمر في الرابعة والعشرين عاماً عندما عملت موظفا في إحدى الشركات النفطية , بالتحديد بدأت العمل في “القسم المالي قبل سبعة وثلاثون سنة كموظف حسابات. ومع القليل من الحظ والكثير من الإصرار على تحقيق النجاح تمكنت من أن أطور عملي إلى مهنة ناجحة. وأود هنا أن أشارككم ببعض من مفاتيح النجاح التي اكتشفتها وأسميها – “اللحظات الحاسمة في المهنة” – وأملي أن أكون مصدر إلهام للآخرين وأن تكون بعض تلك الأفكار التي أشارككم ذات فائدة على مستوى الطموحات. لقد لعب الدعم الايجابي والفرص التي قدمتها لي الشركة آنذاك جزءاً مهماً في طريقي نحو التطوير .
على الرغم من أنني بدأت مسيرة عملي كموظف كاتب ألا إني حرصت على أن ابذل أفضل ما بوسعي من أداء ضمن القسم المالي الذي اعمل فيه، بمعنى : كنت احرص على تخطي أهداف العمل المخطط لها و أقيّم أدائي بشكل دوري من خلال مدرائي وزملائي في العمل، حتى إنني حققت سمعة مهنية طيبة لدى الإدارة فيما يخص رغبتي بالتطوير على المستوى الشخصي وروح المبادرة. وعندما توفرت لي الفرصة المناسبة كنت الأول في التقييم على لائحة المنافسة مع الموظفين الآخرين تعلمت في بداية مسيرتي المهنية أهمية طلب الاستشارة بشكل دوري من الموظفين الأكبر مني سناً واغلبهم من موظفي شركة – إلف العراق – الفرنسية المنحلة وبعض موظفي شركة نفط الجنوب المنقولين ألينا. لأن الحصول على النصح يساعد المرء بشكل كبير على اتخاذ القرارات الصحيحة.
كما تعلمت أيضا أنه يجب على المرء النظر إلى الإمام دائما بغض النظر عن القلق الذي يساوره حول التقدم ! وبدلا من انتظار الفرص على المرء أن يبحث عنها بجد في مكان العمل. ويترك المكان الذي لا يطور مهاراته فيه أو يجد فيه بؤرة فساد أن لم يستطع إن يغيرها حتى بلسانه وذلك أضعف الإيمان , وهذا يعني أن يعي بشكل مستمر ما الذي يدور في مجال العمل والصناعة النفطية عموما، وان يستفيد من تلك المعرفة للعمل في مشاريع وبرامج معنية بتلك
المجالات ، رغم أن فترة عملي في الشركة حينذاك لم تتجاوز السنة الواحدة إلا إنني تقدمت في عملي. فقد أردت حينها أن افهم آلية العمل وكذلك أن احصل على التقييم، وكم شعرت بالغبطة عندما عرضت عليّ الشركة أن اشغل منصب حتى وأن كان بسيطا , كنت حينها أبلغ السادسة والعشرين من العمر والأصغر سنا من بين الموظفين آنذاك المتكون من شباب طموح ذو أفكار سياسية متنوعة ولدية طموحات لتحسين مستواه المعرفي والمعيشي بنفس الوقت .
خلال العامين الأولين من عملي بالتحديد أصبحت محل ثقة مدرائي، وكوّنت علاقة متينة معهم ، كل ذلك يمثل تطلعاتي داخل الشركة. إلا أن تأدية مديري المباشر دور الراعي هو الذي مثل “تطلعي نحو الأحسن وذلك من خلال إشاداته الدائمة بعملي أمام بقية الموظفين مما ساعدني على التواصل وبناء سمعة طيبة ضمن بيئة العمل. بالمقابل ساعدني ذلك في الحصول على فرص ممتازة للعمل في أماكن عمل مختلفة لقد قدم لي مديري المباشر يد العون من خلال تمكيني من اتخاذ القرارات التي أراها صائبة كما انه ساعدني في حل القضايا التي كنت أواجهها.
.ولطالما حرصت على توفير الوقت الكافي لتنمية ذاتي، كحضور نشاطات النقاش الفكري والثقافي مع الأصدقاء ومطالعة الصحف ومصادر المعلومات التي تهمني لكي ابقي على تواصل مع آخر المستجدات في مجال مهنتي.وأخيرا أصبحت كاتب مقالات في الكثير من الصحف والمجلات العربية وعلى رأسها جريدة الراية القطرية والرؤية الإماراتية وغيرها بعدما تجاوز عمري الستين عاماً .
أطالب الموظفين جميعا أن يراعوا الإخلاص ويبتعدوا عن الاستغلال ويكونوا أمناء على عملهم، فالرسول عليه الصلاة والسلام عندما جاءه أحد الصحابة من عمال الزكاة، وكان جامعًا للزكاة، وقال: هذا أهدي إلي، فقال له الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام: هل بقيت في بيت أمك فتنظر أيهدي إليك أم لا، وهذه كلمة فيها تربية وتهذيب لجميع الموظفين والموظفات، وأن أي موظف يستغل وظيفته بشكل أو بآخر، أو يمرر من خلال وظيفته ما ليس مخولاً به، ويكون فيه ضرر للآخرين هو خائن بلا شكّ للأمانة التي وكلت إليه.
الدرس المهم الذي يجب ملاحظته هو أن تكونوا على يقين من إنكم تستمتعون بما تفعلونه وأن تقوموا بالتغيير المطلوب لا سيما ونحن نعيش الثورة المعلوماتية في مجال الاتصالات والانترنت التي يجب إن توظفوها لمصلحة العمل وتطويره نحو الأحسن إن لم تكونوا كذلك! سوف نبقى نراوح في مكاننا وتتقدم علينا بقية الشعوب, لقد تمكنت من تحقيق هدفي في التطوير الذاتي والمهني قبل ظهور الانترنت والحاسوب عندما أحببت عملي وهو ما جعلني مهتم ومتحمس تجاه ما أعمله – وأتمنى أن أكون قد وفقت في نقل هذه الرسالة إليكم.