الجار.. الجار.. الجار، هو من أوصانا به نبينا (ص)، وهو الذي قال فيه: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”. وهو نفسه الذي حذرنا من إيذائه وجلب الشر له، في حديثه الشريف: “لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه”.
لاأقصد من كلامي هذا إضافة جديد على عرف أخلاقي وأدبي واجتماعي عريق في بلدنا، بل أني قصدت فيه ربط مايبدر من تصرفات رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني بتعاليمنا وأعرافنا وديننا، -لاسيما وأن الرجل على أبواب تجديد ولايته- حيث استعصى علي فهم حقيقة تلك التصرفات، لاسيما صدورها من رجل ينحدر من عائلة كردية معروفة بمقارعتها الطغاة، على مر الزمان، ووقوفها بوجه الحكومات المتعاقبة مطالبة بحقوق قوميتها في العيش الكريم في ظل حكم ذاتي داخل بلدهم الأم العراق. فوالده كان من أشد المعارضين للأنظمة الحاكمة بدءا من العهد الملكي وانتهاءً بنظام صدام من أجل حقوق شعبه في نيل حكم ذاتي، وقد عهدنا في مثلنا العراقي الدارج؛ (هالشبل من ذاك الأسد) فهل تقودنا تصرفات الإبن مسعود الى تغيير المثل والقول ان ليس كل الأسود تلد أشبالا؟!
فلو استرجعنا السياسات والتصرفات التي كانت ديدن (كاكه مسعود) منذ عام 2003 الى اليوم، لاتضح لنا أن أغلبها يعترض سياسة الحكومة المركزية، وينافي كثيرا من قوانين الدستور والاتفاقات المبرمة بين الحكومتين، وبالتالي فهي لاتصب في مصلحة العملية السياسية للبلد برمته. فبدءًا كان لـ (كاكه مسعود) باع طويل وطويل جدا في عرقلة إقرار موازنة العام الماضي، وذلك من خلال مقاطعة الكتل الكردستانية جلسات البرلمان باستمرار، وكذلك إثارته مشاكل إدارية او مالية مع الحكومة الاتحادية، في أوقات تمر فيها الحكومة والبلد بكامله بظرف أمني خطير، كان ينبغي على مسعود أن يكون اليد اليمنى الضاربة للشرور المداهمة له. ولاأظن أن العراقيين ينسون مااقترفه مسعود بحق الوطن الأم قبل عامين، فقد سُجلت نقطة سوداء قاتمة في تاريخ هذا الرجل، تلك هي تحشيده قوات مسلحة من البيشمركة على طول الحدود مع المحافظات الجنوبية لإقليم كردستان العراق، هذا الإقليم المولود من رحم العراق، وقد فات مسعودنا أن الابن ان لم يكن بارا بأمه فهو عاق، ولا أظن أن صفة كهذه يسره ان تلصق به.
وأخيرا -ولعلها لن تكون آخرا- سرقة النفط العراقي في حقول الإقليم وتهريبه الى البحر عن طريق ميناء جيهان، من دون موافقة الحكومة الاتحادية أو الاتفاق معها بخصوص تقاسم إيرادات النفط العراقي في المحافظات الشمالية الثلاث، ومضيه في عملية تصدير النفط، تحت ذرائع ومسوغات غير منطقية، حيث قال أن إيرادات النفط ستودع في بنك تركي، وإنه سيستخدمها لتغطية جزء من رواتب موظفي الإقليم وتسيير شؤون المحافظات الثلاث.
فهل يعقل هذا منك ياكاكه وانت “الجار ذي القربى” ولست “الجار الجُنُب”؟. فأين أنت من قول حاتم الطائي:
ما ضـرّ جـاري أن أجــاورَهُ
أن لا يـكـون لِبابِهِ سِـتـرُ
أعمى إذا ما جَارتي خَـرَجَتْ
حَتـى يُواري جَارَتي الخِدْرُ
نـاري ونـارُ الـجـَّارِ واحدة
وإليـه قـَبـْلي ينـزل القِدرُ
فياكاكه مسعود.. نصيحة وأنت تلج أبواب تمديد ولايتك؛ الإصلاحات التي أطلقها رئيس وزراء بلدك الأم، هي إصلاحات تصب في صالح البلد والمواطنين بقومياتهم كافة، ومن ضمنها القومية الكردية، وإن كنت تبتغي العيش في البلد آمنا مطمئنا فعليك الإسهام بالإصلاح، ولتبدأ بإصلاح نفسك وتنظيف نياتك من وساخة الأطماع وقاذورات التوسع التي لن تتم مادمت تسير في طريق وعر غير نافذ إلا للهلاك والخراب.