تساءلنا في مقال سابق عن السر وراء حلول الخراب والدمار اينما حكم الاسلاميون او الاسلامويون وفي هذه السطور نحاول ان نبين بعض اسباب ذلك الخراب والدمار والفشل الذريع المصاحب لحكمهم فالامثلة والشواهد كثيرة, وحيث ان ما يهمنا بشكل خاص هو العراق وحكم الاحزاب الاسلامية فيه كونهم يشكلون الغالبية السياسية التي افرزتها المعادلة الانتخابية لذلك سنركز على اسباب قد تبدوا خاصة بالشأن العراقي الا انها قد تنطبق في كثير من حيثياتها على مجمل حكم الاسلاميين في العالم العربي.
وابتداءا فان ما يغري الناخب بشكل عام لانتخاب الاسلاميين هو الطهر السياسي الذي يظنه في المرشح الاسلامي كما يقول المفكر العراقي الكبير حسن العلوي, هذا الطهر السياسي الذي يتخيله الناخب ناشيء من تصورات وهمية حول وجود انسان على الارض في حالة من العرفان والورع والتقوى يستحق ان يدير امور البلاد, في حين ان هذه الحالة لم تتجسد على مدى التاريخ الا في شخصيات معدودة على اصابع اليد كالخلفاء الراشدين اذا استثنينا منهم عثمان بن عفان (رض) اذا ثارت الامة عليه وقتلته عندما ظنوا انه عبث ببيت المال وقرب عشيرته واقربائه, ولسنا في صدد الحكم على تلك الفترة من الحكم الاسلامي, وعودة على بدء فان الناخب المتدين بشكل عام ينسج في مخيلته صورة للحاكم او ممثل الشعب تقترب من صورة الاولياء والصالحين الذين تحلّوا بالطهر والزهد والورع والتقوى حتى عندما اتتهم الدنيا مقبلة عليهم وهذا التخيل يشبه الى حد كبير فكرة المخلص الذي يظهر في نهاية الزمان لكي يملأ الارض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا, هذه الفكرة التي لا تختص بها المجتمعات الاسلامية بل تمتد لتشمل كل المجتمعات على مر العصور لانها تساعد على تحمل الام الظلم والهوان والقهر والعذاب الذي تعيشه الامم فتنسج في مخيلتها صورة لذلك اليوم الذي ياتي فيه من يرفع عنها هذا الظلم وينصر المستضعفين ويعاقب الظالمين.
الانسان العراقي مر بمأسي كثيرة على مدى عقود من الزمن ولذلك كان يتحين تلك اللحظة التي سيتمكن منها من انتخاب من يمثله لانه يرى فيه الطهر السياسي والزهد والورع ولذلك وجدنا ان الاحزاب الاسلامية بشكل عام وفي كل مكان ما ان تدخل انتخابات لاول مرة حتى تحقق نجاحات باهرة وهذه الحالة حصلت في الجزائر عام 1992 وحصلت في العراق بعد اول انتخابات برلمانية تحت سلطة الاحتلال عام 2005 وكذلك حصلت في دول الربيع العربي.
الا ان السؤال المثير الذي يطرح نفسه لماذا تفشل احزاب اسلامية تمتلك كل مقومات النجاح في الحكم فهي تملك الجماهير العريضة وتمتلك القاعدة الايديولوجية الرصينة وتمتلك الاموال الهائلة كما هو عليه الحال في العراق فميزانية عام 2012 تجاوزت مئة مليار دولار وتمتلك موارد بشرية وثروات عملاقة, لماذا تفشل في ادارة الدولة ؟ اين السر؟ واين مكمن الخطأ.
يحاول كاتب السطور هذه ان يقدم وجهة نظره الشخصية وتحليله المتواضع لبعض الاسباب التي تؤدي الى الفشل وهي كالاتي:
1. انعدام خبرة القيادة: الاسلاميون عاشوا المعارضة لعقود طويلة ولكنهم لم يعيشوا العمل والحكم ولم يعيشوا المعارضة الفعالة كما هو الحال في الانظمة البرلمانية حيث المعارضة لها حكومة ظل تقوم بتصويب عمل الحكومة الفعلية ومستعدة لتولي الحكم اذا ما فازت في الانتخابات فهي تمارس الحكم بشكل غير مباشر وتعيش حركية الحياة السياسية, اما المعارضة الاسلامية في العراق فكانت تعيش الانهزامية والمعارضة السلبية والتستر وراء اسماء وكنى مستعارة خوفا من الملاحقة والتنكيل والقتل ولذلك فمن المستحيل ان تتمرس في السباحة في محيطات الحكم المتلاطمة وهي تختبيء في جحر جرد, فالحكم شانه شان اية فعالية اخرى تحتاج الى ممارسة وتمرين وتعود الخطاب الواقعي والتحدث الى الجماهير والخروج اليها ولقائها واقناعها بوجهات نظرك لكسب المزيد من المؤيدين للانتخابات القادمة, اما الاسلاميون وتحديدا الشيعة فافضل فعالية لهم كانت الاجتماعات السرية وقراءة دعاء كميل في حسينية هنا او جمعية هنا وفي احسن الاحوال اصدار صحيفة هنا او هناك او كتابة مقالات او الخروج في تظاهرات امام السفارة العراقية في الدول الغربية ترافقهم عشرات ان لم تكن مئات العناصر الامنية لحمايتهم, ولذلك فان الفشل يكون حتمياً ومبرمجاً في ادارة الدولة عندما تتسلم الحكم وانت لم تتعود سوى على التشهير باخطاء الغير والتهريج عليه ونقده نقدا هداما دون تقديم البدائل وطرح البرامج الواقعية وليست التنظيرية.
أتذكر عندما قرر النظام السابق العمل ببطاقة السكن وجرد الاسر العراقية قمنا بحملة اعلامية كبيرة ضد القرار وكتبنا مئات المقالات والاخبار من ان الهدف هو رصد العراقيين وعد انفاسهم وملاحقة المعارضة, اما اليوم فهذة البطاقة هي اعم قاعدة بيانات تعتمدها الدولة العراقية الحديثة في ادارة شؤونها ومن دونها تنهار الدولة, فمن يمتهن المعارضة يستحيل ان يتمكن من الحكم الا بعد عشرات السنين من محاولات التجربة والخطا ودفع اثمان باهضة بسببها.
2. اشكالية الواقع والتنظير: معظم القيادات الاسلامية كانت تبدع في التنظير وكان ميسراً لها ان تنتقد الحكم البعثي في العراق فهو مليء بالاخطاء والعيوب وقاد البلاد الى الخراب والدمار والاحتلال اخيرا, الا انك ان تكون قادرا على النقد لا يعني انك قادر على تقديم الافضل والتغيير وتطبيق نظريتك على ارض الواقع, علي بن ابي طالب القران الناطق وهو مثال للكمال والزهد والعفة والطهر ولكن كيف كانت ايام حكمه؟ كلها حروب وفتن وازمات لم يكن هو السبب فيها ولكن عفته وطهارته وزهده وتقواه لم يمنعوا تلك الحروب والتي ادت في نهاية المطاف الى استشهاده في مسجده. اذا النظرية شي والتطبيق شيء اخر وهذه كانت من اكبر مشاكل الاسلاميين, خذ مثلا معاداة اسرائيل فالورقة الرابحة التي كان يهرج بها الاسلاميون هي معاداة اسرائيل واتهامها بكل مصائب الدنيا ومن ورائها اميركا بل ونعت مخالفيهم بانهم عملاء لهم ولكن ما ان وصلوا الى الحكم نجدهم يصمتون صمت القبور تجاه نقد اسرائيل, فمثلا حزب الدعوة والمجلس الاعلى هل سمعت يوما نقدا لاسرائيل منهم او تهديدها بالابادة او تحرير فلسطين منها او اتهاما لها بخلق مشاكل هنا او هناك منذ ان وصلو الى السلطة؟ لا بالتاكيد لانك في الحكم لا تفعل ما تفعله في المعارضة, محمد مرسي والاخوان كانوا يعيبون على النظام المصري معاهدة السلام مع اسرائيل ما ان وصلوا الى السلطة اعلنوا التزامهم الكامل بالمعاهدة بل ببيع اسرائيل الغاز الطبيعي باسعار تفضيلية كما كان يفعل مبارك! اية مهزلة فكرية هذه؟ واي نوع من البشر هؤلاء الاسلامويون؟ الاسلامويون تجّار معارضة وتجّار تنظير وبياعي كلام وعبارت منمقة تنطلي على البسطاء لكن ما ان يستلموا السلطة يضربون نظرياتهم عرض الحائط وينزعون اقنعة الورع والتقوى ليلبسوا اقنعة الحكم والسلطة والشهوة.
كنا نصلي خلف السيد الجعفري لسنوات طويلة اثناء فترة المعارضة في الخارج وشخصيا التقيت به عشرات المرات سواء في الحج او في مناسبات عديدة فالرجل كان يشع تقوى ولكن ما ان وصل الى الحكم تغير الرجل مئة وثمانين درجة فقد سمحت الفرصة ان التقيه في مجلس الوزراء اثناء فترة حكمه واسلم عليه ولكني كنت امام انسانا اخر لم اعرفه فالزهو والغرور كان قد اخذ منه ماخذاً والعلو التكبر كان باديا عليه الى حد انه كان يجاهد ويتصنع التواضع بجهد كبير وكان واضحا انه يتفضل عليّ انه اصلا يقف لعدة ثوان معي لالقاء التحية والسلام, نفس الشي مع المالكي فقد التقيته مرة مصادفة دون معرفة مسبقة في مقر الدعوة في طوريج قبل ان يحلم ان يكون مديرا عاماً في اية دائرة, وكان غاية في التواضع ومسبحته لا تفارقه فتصافحنا بكل ود, ولكن عندما اشاهده الان على شاشة التلفاز وقد تحول الى فرعون جديد و يتحدث وكانه رئيساً الولايات المتحدة وانه قد حقق لشعبه ان جعلهم في مقدمة شعوب الارض او كانه وصل الى السلطة بعبقريته وتفانيه في خدمة الشعب والوطن اجد انسانا اخر لا يشبه البشر الا في هيئته. اذا فالتنظير القائم على افكار من نسج الخيال لا يمكن اسقاطه على الواقع وتنفيذه, فالنظرية التي لا تنطلق من الواقع في تحديد المشكلات ومن ثم البحث عن ادوات التغيير من نفس الواقع لايمكن لها ان تصمد او ان تكون لها ادنى فرصة للتطبيق, وهكذا هام الاسلاميون في نظرياتهم في الحكم وكان كل يتغنى بليلاه وما ان حانت الفرصة للتطبيق تجدهم يُصعقون عند مواجهة الواقع ويصيبهم الهلع ان ما امنوا به لم يكن الا من نسج الخيال وعليه تجد التخبط واضحاً في ادائهم والحيرة بادية عليهم كالغريق يبحث عمن يمد له يد النجاة وهكذا تنتشلهم دولا وقوى اقليمية تأخذ منهم باليمين وتقطع منهم الوتين مع شعوبهم وتسيرهم كيفما شاءت.
3. حب الدنيا والسلطة: من مفارقات الاقدار وعجائب الاحوال ان اكثر الناس تمسكا بالدنيا وحبا لشهواتها هم الاسلاميون وذلك لنفس الاسباب التي ذكرناها انفا, فان تؤمن بان الزهد صفة حميدة وحسنة لا يعني انك قادر على ان تكون زاهدا عندما تعرض عليك الدنيا وهذا ما حاول الشهيد الصدر الاول ايصاله الى طلبته عندما قال لهم اننا ننتقد هارون الرشيد ليل نهار وهو كان يخاطب السحاب قائلا اينما حللت ياتيني خراجك وكان امبراطور زمانه فهل عرضت علينا دنيا هارون ولم نفعل مثل ما فعل؟
فالاسلاميون يتغنون بالزهد لانهم كانوا يعيشون الفقر والفاقة كواقع حال ومعظم السياسيون العراقيون كانوا يعتاشون على الاعانات الاجتماعية لدول الكفر التي كانوا يسمونها والتي تُدفع من ضرائب بيع الخمور والدعارة وارباح صالات القمار وبيع الاسلحة لقتل الشعوب المستضعفة وارباح البنوك الربوية اضافة الى مصادر شرعية اخرى, ولم يكن اي منهم يشعر بحرج من ذلك وبعضهم الى جانب تلك الاعانة الاجتماعية كان يقتات على الروزخونيات في الحسينيات والمناسبات الدينية وعليه فان زهدهم لم ياتي عن تجربة بأن كانوا اغنياء فزهدوا بالدنيا ووزعوا اموالهم على الفقراء بل الزهد كان تحصيل حاصل فعندما لا تملك شيئا خير لك ان تزهد وتظهر بمظهر المتقي الورع, خذ مثلا عمر بن سعد بن ابي وقاص ابن ذلك الصاحبي الكبير الذي كان واحداً من التسعة الذين صمدوا حول الرسول في معركة احد, عمرٌ هذا كان ورعا تقيا قارئاً للقران عاش نيف وسبعين سنة على هذه الحال ولكن ما ان عرض عليه عبيدالله بن زياد الدنيا بان يكون له ملك الري (اي وزارة الزراعة وادارة الاراضي) مقابل ان يساهم في قتل الحسين عليه السلام خرج حائراً فانشد يقول:
دعاني عبيد الله من دون قومه إلى خطـة فيهـا خرجت لحيني
فـوالله ما أدري وإني لحائـر أفكر في أمـري علـى خطرين
أأترك ملك الري والري منيتي أم ارجع مأثومـا بقتـل حسين
حسين ابن عمي و الحوادث جمة لعمري ولـي في الري قرة عيـن
فإن كنت أقتلـه فقد فاز موعدي يقينـا وأعلـو عـالـم الجيشيـن
وأن أله الـعـرش يغفـر زلتي ولـو كـنـت فيهـا أظلـم الثقلين
ألا إنـما الـدنيا بخيـر معـجل ومـا عـاقل بـاع الوجـود بدين
يقولـون إن الله خالـق جـنـة و نار وتـعذيـب وغــل يديـن
فإن صـدقوا فـيما يقولون إنني أتـوب إلـى الرحمان مـن سنتين
وهذا الشعر في الواقع يخاطب وجدان الكثير من الاسلاميين ويعبر عن لسان حالهم عندما وصلوا الى السلطة فهم وصلوا جياعا عراة عانوا الفقر النفسي والفاقة والحرمان وعطش الحكم والسلطة وكل يرى في نفسه اهلا لها,وفجأة فتحت الدنيا ابوابها لهم من هوانها على الله, فهذا رئيس وزراء لم يبدل بدلته من زمن عبد الكربم قاسم واخر اصبح وزيرا في حين انه كان يبيع الخضار في احدى دول المهجر وثالت اصبح نائب رئيس جمهورية وهو لم يكن سوى روزخون يبكّي الناس على مصيبة الحسين وياخذ منهم ما تجود به الايدي ورابع كان يبيع موبايلات تحول الى رئيس كتلة برلمانية وهكذا.. فالقائمة تطول والمشترك بينهم انهم كلهم ملتحين بلحية التقوى والايمان التي بدأت تخف يوما بعد يوم حتى ما اصبحنا نميز هل هم حليقي اللحية ام ملتحين, كل هذا لانهم كان يتصنعون التقوى والزهد ولكن في دواخلهم كانت وحوش الشهوات والدنيا تزداد جوعا وعطشا للشرب من كأس عمر بن سعد والجلوس على مائدة ابن زياد, لذلك كان السقوط مدويا والفضائح تزكم الانوف, فراهب حزب الدعوة فلاح السوداني توارى عن الانظار وفي رقبته في احسن الاحوال اتهامات باختلاس مليارات الدولارت لاحظ الرقم لا نتحدث عن الاف او ملايين بل مليارات من قوت الشعب فهي ليست من صفقة اسلحة او مشروع بناء مدينة سياحية بل من اموال يفترض ان يشترى بها طعام للفقراء والمساكين والمحرومين, وهكذا فشلوا حتى في السرقة بشكل منصف فالاختلاس والرشوة والسرقة موجودة في كل دول العالم ولكنهم في العالم الغربي الكافر لديهم قدرا كبيرا من الانصاف عندما يسرقون فهم لا يؤذون الفقراء او المساكين بل يتلاعبون مع البنوك او يخدعون المستثمرين في اموالهم وهي كلها للاغنياء ولكن اسلاميو الظاهر ووحوش الباطن لم يتركوا فعلة يندى لها جبين كل انسان له قلب او ألقى السمع وهو شهيد الا وفعلوها.
4. الجبن والانهزامية: صفتان يفترض انهما ابعد ما تكون عن الاسلاميين فهم نظريا يهوون الاخرة ويتفانون في سبيل الشهادة من اجل النيل بالرضوان فيها وعليه يفترض ان لا تاخذهم بالله لومة لائم في قول الحق وفعل الصواب واعانة الملهوف ونصرة المظلوم والكشف عن القتلة ومعاقبتهم حتى ولو كلفهم ذلك حياتهم لان الحياة في مفهوم الاسلاميين لا قيمة لها في ذاتها وهي ليست سوى محطة للعبور الى الاخرة والخلود محملين بحسنات جنوها في مزرعة الدنيا, ولكن يعجب المرء اشد العجب لحالة الجبن لدى الاسلاميين فهم تحصنوا في المنطقة الخضراء وراء قلاع عالية وتركوا الرعية مشاريع قتل وذبح وتفجير لاعدائهم بمعنى لو تمكن القتلة من النيل بجبناء المنطقة الخضراء لنالوا منهم وربما تركوا الابرياء وشأنهم, ولكنهم عكس ذلك قدموهم قرابين للارهاب والقتلة ليرووا بها عطشهم للدماء علّهم يملوا يوما ويرحلوا, وهذا الحال لاينطبق على اسلاميي العراق فقط, فحسن نصر الله الذي يتمشدق بالمقاومة توارى عن الانظار منذ سنين خوفا على حياته واخذ يستعمل ادوات بن لادن في الغش والاختفاء, والظواهري لا يختلف عنه فكلاهما يخاطب جماهيره من وراء حجب متخفياً عن العدوا تاركاً اتباعه مشاريع شهادة وقتل وتدمير ليحولو هذه الحوادث الى بضاعة مزجاة في سوق النخاسة السياسية وتجارة الخطابة والكلام الفارغ عن المشاريع الاستعمارية. والاسلاميون يشعرون انهم مستهدفون دائما حتى مع ملايين المؤيدين والا ماذا يمنع المالكي من فتح المنطقة الخضراء ورفع هذا العار الابدي عليه وعلى اتباعه والتفاعل مع الناس والعيش مع همومهم وهو يدعي ان له ملايين الاتباع وكيف يبرر لاتباعه انه يختبيء خلف اسوارها وهم يذبحون يوميا بالمفخخات التي تريد ذبح المالكي والشلة المحيطة به, فلماذا لا يخرجون يصدور عارية كما خرج الحسين في اصحابه مسطرا اروع ملاحم البطولة والفداء.
هل هو حب الدنيا وطول الامل والخوف من عواقب الاخرة, هل هو الجين والخوف من الموت؟ هل هي الانهزامية التي تجعل المرء يتلفت يمينا وشمالا عندما يخرج من جحره؟ لا ادري هل نسى الاسلاميون القصيدة التي انشدها الامام علي الهادي في حضرة المتوكل العباسي حتى اجهش بالبكاء من شدة وطئتها عليه وهي:
باتوا على قلل الاجبال تحرسهم….غلب الرجال فلم تنفعهم القلل
واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم…. فانزلو حفراً يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد دفنهم. … اين الاسرة والتيجان والحلل
اين الوجوه التي كانت منعمة…..من دونها تضرب الاستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم…..تلك الوجوه عليها الدود يقتتل
قد طال ما اكلوا دهراً وما شربوا….. واصبحوا بعد طول الاكل قد اكلوا
وطالما عمروا دوراً لتحصنهم…… ففارقوا الدور والاهلين وانتقلوا
هكذا اذا بسهولة ينسون تلك القصائد بل قل تلك البضائع التي كانوا يتاجرون بها بيعا وشراءاً على من كان يظن بهم خيراً ولهذا فشلوا فشلا ذريعا في ادارة الدولة لان الحكم يحتاج الى شجعان حتى في حالة الفشل فمن الشجاعة ان تعترف بالفشل وتنسحب وتفسح المجال لغيرك ولكن هيهات ان يعترف الاسلامي بالخطا والفشل فالاخرون دائما هو السبب وهم مقدسون مظلومون يتامر عليهم الغير لافشالهم.
5. عدم الولاء للاوطان: هذه الظاهر للاسف الشديد تبرز لدى الاسلاميين الشيعة تحديدا او الاسلامشيعويون كما يسميهم الاستذ ضياء الشكرجي فهذا حسن نصر الله يعلن بملئ فمه انه يتشرف ان يكون تابعا للولي الفقيه الايراني ولتحترق لبنان وليحترق الوطن من اجل افشال المشروع الاستعماري, والساسة العراقيون لا يخجلون اطلاقا من علاقاتهم المتينة التي تصل الى حد التبعية الكبيرة لايران مقابل معاداة ابناء وطنهم وجلدتهم فهم يعتقدون ان الانتماء الديني يجب ان يتقدم على الانتماء الوطني مهما كانت العناوين والمبررات لان يتقدم الوطن وامنه وسلامته على الدين والمذهب فهذا رسول الله (ص) حذف لقب رسول الله من عقد صلح الحديبية مع المشركين عندما اعترض عليه سهيل بن عمر قائلا لو اني اعترف انك رسول الله لما كان لهذه المعاهدة من حاجة فقدم رسولنا الكريم مصلحة الامة وامنها وسلامتها على لقب رسول الله الممنوح من الله تعالى وفي موضع اخر تنازل رسول الله عن خطة الحرب لمعركة احد بعد ان اعترض عليه الصحابة وقدم خطتهم وقبل بها لكي لا يشق عصاهم ويفرق جمعهم ويحافظ على وحدتم رغم الهزيمة التي لحقت بهم ولكن اين هذه الامثلة من اسلاميي العراق؟ فالشيعة يوالون ايران حتى النخاع وبعض السنة يوالون السعودية وقطر حتى النخاع والشعب المظلوم الذي اختارهم وظن فيهم خيرا اصبح بين سندان هذا ومطرقة ذلك ولو حول الاسلاميون في العراق نصف ولائهم لعقيدتهم الى ولاء لاوطانهم لسلمت العقيدة وسلم الوطن ولكنا بالف خير ولكن هيهات فهذه من اهم اسباب فشلهم في ادارة البلاد, فكيف لك ان تدير بلدك وانت تقدم مصلحة دولة اخرى على مصلحته, ومثال اخر فان الشهرستاني مستشار رئيس الوزراء لشؤون الطاقة اعلن عندما قام الايرانيون باحتلال حقل الفكة ونصب معدات الضخ فيها ثم الانسحاب ان هناك اتفاقا على استثمار الابار المشتركة بين البلدين ولم يوضح اية تفاصيل اخرى ولا نعلم ماذا يستفيد العراق من هذه الابار المشتركة ولكنه يهرج يومياً على اقليم كردستان من انه يستثمر في ابار النفط بدون وجه قانوني وكأن الشعب الكردي هو من كوكب اخر لا يحق له ان يستفيد من ثروات العراق اما الايرانيون فلاباس لانهم اخوة في المذهب, وهكذا يتسبب الاسلاميون بازمة تلو الاخرى مع ابناء البلد الواحد لتمزيق شملهم وتشتيت وحدتهم خدمة لاهداف ومصالح غيرهم.
اسباب فشل الاسلاميين في الحكم لاتعد ولاتحصى ولو اردنا سرد المزيد لطال المقال بما يثقل على القاريء ولكن مالم يغير الناخب وجهته ويهجر وحوش السياسة والدين من الخارطة السياسية العراقية في الانتخابات القادمة كما فعل المصريون مبكرا جدا وهنيئا لهم فلن تقوم لنا قائمة وسيبقى حال العراق لمئات قادمة من السنين يتسلط عليه السراق والسفلة وانصاف الرجال والكهنة والجبناء وسيبقى العراقي مشروعا للذبح والقتل والتدمير.
[email protected]