لم تكن الاحزاب اليمينيه المتطرفه على مختلف الوانها وتشعباتها, وهذا بشمل ايضا حزب ادولف هتلر خطرا كبيرا يهدد الجمهوريه والديمقراطيه والليبراليه. الا ان قوة ومكانة هذه الاحزاب اخذت تتبلور ولقيت قبولا من شرائح واسعه فى المجتمع مع اعلان الرئيس الامريكى نقااطه الـ 14 عشر لوقف اطلاق النار ومستقبل المانيا وبداية عمل مفردات معاهدة فراساى التى تضمنت عقوبات ماديه, التنازل عن اراضى المانيه وتحديد حجم ونوعية تسليح الجيش الالمانى, ومع ذلكافرزت انتخابات 1928 للرايخ, البرلمان, ميلا قويا نحو اليسار فقد حصل الحزب الاشتراكى الديمقراطى على زياده فى الاصوات مليون ثلاثمئة صوتا والحزب الشيوعى على 555 الف صوتا فى حين قد ظهرت مؤشرات الانقسام على احزاب الوسط , خاصة حزب المركز الكاثوليكى. اما احزاب وتجمعات اليمين المتطرف والشعبويين فلم يسنطيعوا الاتفاق على قائمه موحده, لكنهم استمروا فى حملاتهم الغوغائيه. لقد شهدت المانيا نموا اقتصاديا قارب الى حد كبير مؤشرات النمو فى عدد من القطاعات الصناعيه مستوى ما كان عليه قبل الحرب وتحسنت الاوضاع المعيشيه وتقلص عدد العاطلين عن العمل ويرجع ذلك الى القروض التى قدمتها البنوك الامريكيه والعمل باتفاقية-Dawes , وزير الخارجيه الامريكيه حيث حصلت الدوله على ثقة عدد من البنوك العالميه, وعلى اثر تحسن الوضع الاقتصادى تطورت حركة ثقافيه شامله, التى وما زال الخبراء يشيرون اليها بأجابيه كبيره. لقد تغيرت الاوضاع بشكل عنيف مع بدايات الازمه الاقتصاديه العالميه 1929- 1930 فقد اخذت البنوك الاميركيه تطالب بالقروض التى تعاقدت عليها مع الحكومه الالمانيه مما افرز حالة من الركود الاقتصادى والذى صاحبه انهيار قيمة النقد, حيت اخد سعر صرف مارك الرايخ يتغير بسرعة كبيرة ولم تعد الاجور توفر ابسط مقومات العيش, هذا بالاضافه الى ان الحكومه اخذ تقليص حجم وعدد المشمولين بمختلف انواع الرعايه الاجتماعيه وبدلات العاطلين عن العمل. ان هذه الاوضاع افرزت استياء عام وافقار لشرائح واسعه فى المجتمع والتى ادت فى نهاية الامر , خاصة شرائح الطبقه الوسطى الى تغيير فى الروى والمواقف واخذت تميل نحو احزاب اليمين المتطرف والشعبويين. وكان للدعايه وعمليات التاثير فى الجمهور دورا كبيرا فى بلورة مواقف موحده ضد الديمقراطيه والدوله وما يسمى “خونة نوفمبر,, , الموقعين على معاهدة فرساى, وكان مبدأ, مقومات, اسلوب, الاطار والخطاب الذى يقدمه هتلر مسرحيا يمثل عالما جديدا ذو نوعية واجواء مؤثرة خاصه عملت على نجاحه فى طموحه نحو السلطه. هتلر ونظريته فى الدعايه, مستخلص من “كفاحى” .. ان نفسية الجماهير لاتقبل اطلاقا الضعيف واشباه الاقوياء….. انها تماثل الانثى التى احاسيسها الروحيه والنفسيه لا تقوم على عقل منطقى مجرد وانما على مشاعر و شواق مبهمه غير قابلة للتعريف, وانما تقوم على قوة مكمله سانده, ولذلك فهى تفضل القوى الذى تنحنى اليه, وليس الى الضعيف الذى تتحكم به. ان الجماهير تفضل الحاكم القوى على الضعيف الذى يطلب العفو والرجاء, وهى تشعر ذاتيا اكثر اطمئنانا عدم السماح للاخر بجانبها, كوجود الحريه الليبراليه. حيث لا تعرف كيفية العمل معها حتى تشعر ايضا انها ضائعه ومهمله. ان وقاحة الارهاب الفكرى الذى لا يصل الى وعيها ” الجماهير” مثل الاساءه الغاضبه لحريتها الانسانيه, كما انها لا تدرك تماما الجنون الالكامن , الامعقولللبراليه.
ان قدرة فهم واستيعاب الحشودالجماهيريه محدودة جدا, كما ان العقل, الفهم صغير ومحدود جدا ولكن النسيان كبير واسع. من خلال هذه الحقائق يجب ان تقوم اى دعايه مؤثره حصرها وتحديدها فى بضعة نقاط باستخدام كلمات وجمل قوية ضاربه وان تتم الاستفادة منها الى ان تحصل القناعه من ان ما تحمله وتعبر عنه هذه الكلمات والجمل قد وصلت الى المغزى و الهدف منها. ….. ان الحشود الجماهيريه الكبيره لا تتكون من اساتذة الجامعات او الدبلوماسيين., كما ان المعرفه التجريديه التى تمتلكها الجماهير محدوده جدا وتقع احاسيسهم فى عالم المشاعر. هناك ترسو مواقعهم ومواقفهم الايجابية او السلبيه. ….. ولكن موقفهم العاطفى يلزم ايضا بنفس الوقت ثباتهم واستمراريتهم المتميزه. ان الايمان اكثر صعوبة من العلم” المعرفه” فى التحول والتغيير, هذا يعنى ان ايمان الجماهير اكثر ثباتا من المعرفه, كما ان الحب اقل خضوعا للتغيير من الاحترام, والكراهيه اكثر استمراريه من النفور, والطاقه الغريزيه الاكثر قوة فى التحولات الكبيره التىحصلت فى العالم, ولم تكن هذه الطاقه فى كل الازمنه, لدى الجماهيرالخاضعه للمعرفه العلميه وانما فى الجماهير المسكونه بالتطرف والتعصب واحيانا بالهستيريا المندفعه فى قوة حركبه مندفعه عارمه. ان من ينوى كسب الجماهير الكبيره, عليه اولا معرفة المفتاح الذى يقود الى فتح بوابة قلوبهم. باختصار , هذا يعنى ليست الموضوعيه, بمعنى الضعف, وانما الاراده والقوه التى تتطلع نحوها الحشود الجماهيريه.
لست متأكدا بان هتلر قد قرأ ادبيات العالميه فى الدعايه واساليبها , ولكنه قد فهمها جيدا وبنى على تصوراته التى كانت فاعله جدا فى كسب الجماهير من خلال التاكيد على الجهل والعوطف والمشاعر حيث تتوحد طاقة الغرائز مع المقدسات بالاضافه الى الكراهيه,الانتقام وتشكل سونامى يقتلع دول ومؤسسات, كما حصل فى المانيا. فى موقع اخر يؤكد هتلر على الانسان الجديد ان ينطلق فى تناغم وانسجام مع التيار الفكريه المعاصره اللاعقلانيه, التى لا تتعامل مع العقل RATIO وايعيش مع الاساطير – وروابط الدم التى تمثل اسس الحياة. ان مصطلح المثقف” Intelle ktuell كان هتلر يستخدمه كشتيمه واستخفاف. كان هتلر المايسترو الذى يوجه ويقود الفريق اسلوبه فى الخطابه, انفعالاته وحماسه واصرارهلا يقتصر على التأثير فى الجماهير وانما ايضااحساس كبير بالنجاح والسلطه, وكما يشير” اريك فروم” انها تمثل عملية انتصاب ومعاشره, خاصه وان قواه البدنيه قد استنزفت تماماوبحاجه الى الراحه التامه وتناولبعض الحلويات والتورته بشرهه غريبه.
دكتور حامد السهيل 2920 . 8 . 7
ان وقاحة الارهاب الفكرى