تزامنت الذكرى الـ15 لسقوط صنم ساحة الفردوس، مع خطاب مصور لعزت الدوري أثار “ضحك” المواطنين قبل أن “يرعبهم”، لكون الرجل مازال يعيش في اجواء “القائد الضرورة” والانتصارات الفارغة، التي صدعت رؤوسنا منذ “هزيمة الكويت”، وكحال غيري من العراقيين استمعت لمقتطفات من الخطاب الذي استمر نحو ساعة و19 دقيقة، استهله الدوري بالتهديد باعلان الحرب على الحكومة واستهداف شخصيات سياسية ومصالح عسكرية واقتصادية لدول أجنبية، في حال عدم إلغاء قرارات هيئة المساءلة والعدالة، وإطلاق سراح جميع المعتقلين.
الدوري الذي ظهر في التسجيل المصور وعلامات المرض والتقدم في السن بدت واضحة عليه، اراد جذب الانتباه وطرح نفسه كورقة ما زالت صالحة لاستخدامها في الضغط على الحكومة الحالية وجميع المشاركين بالعملية السياسية، حينما اعلن في بداية التسجيل، ان الخطاب يبث من العاصمة بغداد، والدعوة لافشال الانتخابات المقبلة من خلال ما وصفها بـ”كتائب البعث ورجالاته المنتشرين في عموم المحافظات العراقية”، كما لم ينس الدوري كعادته، مهاجمة ايران ووصفها بالعدو “الفارسي الصفوي”، لكنه هذه المرة غازل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان واشاد بما وصفها “شجاعته”، في رسالة واضحة لطلب الدعم من بوابة الدول الخليجية.
لكن توقيت ظهور الدوري الذي يعد الأول منذ اعلان مقتله في نيسان من العام 2015، يثير العديد من التساؤلات عن تلك “الجثة الغاضمة” التي ظهرت في “تابوت زجاجي”، وعن اعترافات بعض الاشخاص، وعن تحليل الحمض النووي الذي لم تظهر نتائجه حتى الان، لأسباب عديدة لا مجال لذكرها، لكن الحقيقة تبقى واحدة ولا غبار عليها، وهي ان “فزاعة” الدوري مازالت “حية ترزق”، وستستمر بالظهور حتى “يقضي الله أمرا كان مفعولا”.
أما الغريب في القضية يا سادة، فان أصوات البعث والمدافعين عنه، عادت مرة اخرى وبنبرة اعلى من السنوات السابقة، وأصبح صالح المطلك يتحدث علانية وفي وسائل الاعلام عن “مظلومية” تعرض لها البعثيون، ليخبرنا بصوت مليئ بالحسرة بان “البعثيين تعرضوا لظلم كبير منذ العام 2003، ويجب ان نعذرهم على جميع تصرفاتهم”، ولَم يكتفي بتلك الكلمات، وزاد عليها قائلا إن “البعثيين وفروا له الدعم في انتخابات العام 2006 من خلال انتخابه والتصويت لقائمته”، تلك الصراحة التي كشفها المطلك، وبعده القيادي في تحالفه الانتخابي حيدر الملا الذي دعا الى اعتماد “تجربة صدام” لإدارة الدولة بشكل ناجح، لم تأتي من فراغ وتؤكد بما لا يقبل الشك وجود إرادة دولية او داخلية على اقل تقدير، لإعادة البعث الى الحياة السياسية من جديد، عن طريق زّج شخصيات “معروفة الانتماء”، للمشاركة في الانتخابات المقبلة ضمن قوائم متفرقة.
الخلاصة.. إن جميع تلك التحركات والمواقف العلنية لا تأتي من “قوة” يتمتع بها البعث، انما بسبب “ضعف وفساد” الحكومات المتعاقبة منذ العام 2003، التي اضاعت جميع آمال المواطن “بدولة مدنية ذات سيادة” توزع ثرواتها على الجميع ويتساوى فيها “الفقراء” مع عوائل المسؤولين، واستبدلت فرحة التغيير بندم وحسرات، حينما سمحت لمن “سفك الدماء وحرض ضد الابرياء”، المشاركة في الانتخابات،،، اخيرا، السؤال الذي يبحث عن اجابة، هل سنسمح بعودة البعث من جديد؟.