نستذكر هذا اليوم حدثا عظيما لا يمكن ان يغيب عن بال كل من يحمل في قلبه ذرة من وطنية!! ففي مثل هذا اليوم هوجم العراق وأحتُل قبل 12 عام في عملية كثرت حولها الشائعات ورويت عنها الروايات وحيكت فيها المؤامرات التي لا يمكن إلا أن يكشف زيفها وبطلانها كل ذي بصيرة وفكر مستنير.
آخر تلك المؤامرات (ولسوء حظ المتآمرين) كانت مبنية على معطيات أو إتهامات لم تكن واقعية منذ البداية بالرغم من التهويل الإعلامي المصاحب للتحركات الدبلوماسية والعسكرية على حد سواء!! مما دفع الكثير من المحللين والكتاب والمثقفين الغربيين أنفسهم لدحضها بعد فترة قصيرة من انطلاقها ضد العراق!!
يخطأ من يظن بان احتلال العراق أعتمد في الاساس على ما سبقه من احداث!! والتي كان للعراق التأثير الأكبر فيها إقليميا ودوليا!! بل جاء قرار الاحتلال وبوضوح تام لا يقبل الشك عبر توصية من الاستخبارات الأمريكية إلى بوش الإبن الضال بوجود علاقة سرية بين العراق وبين منفذي هجمات الحادي عشر من أيلول!! وكان ذلك هو العمود الفقري الذي بني حوله سيناريو الحرب بكامله!! وقد تم نفي تلك التهمة مرارا وتكرارا من قبل مسؤولين امريكان كانوا على اطلاع بما جرى تلك اللحظات العصيبة من تاريخ العراق!!
في الواقع هكذا حروب لن تشكل عائقا أمام عودة أية دولة إلى حالتها الطبيعية بعد ان تضع الحروب أوزارها!! وبعد ان تلتئم جروح الشعوب وتدفن قتلاها لتعيد بناء ما دمرته تلك الحروب!! هكذا وجدنا كل الدول التي عانت من ويلات الاحتلالات عبر التاريخ!!
لكن ما حدث في العراق يختلف تماما!! فبرغم انسحاب قوات الاحتلال (وإن كان شكليا) بعد ثمان سنين من الحرب وما آلت إليه من تدمير البنى التحتية واثارة النعرات الطائفية!! إلا إن ما زرعته أمريكا في العراق من طريقة حكم بائسة وحكام قتلة مأجورين كانت بمثابة “الشجرة الخبيثة” التي لا بد وان يتم اجتثاثها كي يخرج العراق من النفق المظلم الذي أتفقت كل دول العالم لحشره فيه!! واحتاجوا لاكمال تلك المؤامرة سن قوانين كان من أبرزها على الاطلاق ما يسمى بقانون اجتثاث البعث الذي لم يكن سوى تمهيد للعب بمقدرات الشعب العراقي والسيطرة عليه بعد التخلص ممن يمكن ان يكون حجر عثرة امام مخططاتهم الدنيئة!! وليخلو الطريق امامهم في عملية تدمير العراق وإيصاله الى نقطة اللاعودة!!
وفقط من باب السخرية علينا ان نذكّر بان أمريكا اعتمدت في احتلالها للعراق على احزاب إسلاموية أو متأسلمة إن صحت التسمية!! واثبتت سنين الإحتلال بان تلك الأحزاب هي الأفضل في تأدية مهامها المكلفة بها من قبل المحتل!! وهي الأكثر جرأة من غيرها لضرب كل القيم والمثل العليا والمبادئ عرض الحائط في سبيل الوصول إلى غاياتها الشيطانية!!
في الحقيقة إن ما جاءت به هذه الأحزاب الإسلاموية من قرارات وقوانين لم تكن في واقع الحال سوى تأمين لمصالحها الدنيوية التي حتما ستصب في صالح المحتل وتنفيذا لاهدافه!! وربما كان لاجتثاث حزب البعث العربي الإشتراكي أولوية عظمى لأمريكا وللأحزاب العميلة لها على حد سواء!! تلك القوانين في الأساس كانت بمثابة شن حرب على مؤسسات الدولة العراقية بمختلف قطاعاتها المدنية والعسكرية والطبية والهندسية!! فلم تكن عملية الاجتثاث تقتصر على البعثيين فحسب!! بل صاحبتها عملية أجتثاث للنزاهة والوطنية تحت يافطة أجتثاث البعث!! وما نتجت عنه تلك الخطة الشيطانية باتت واضحة اليوم في كل ما يجري في العراق من قتل وتدمير وفساد!!
حاولوا بالأمس اجتثاث البعث بقوانين أمريكية وتنفيذ عراقي!! وعاودوا الكرّة اليوم من خلال تعديل تلك القوانين بما يتناسب وتحديات المرحلة الحالية وبعد أن اكتشفوا بأن البعث ليس مجرد شخوص ينتهجون آيدلوجية محددة!! بل أدركوا بأن البعث في الاساس هو فكر متجدد لا يمكن أجتثاثه!! وطالما هناك من يحمل هذا الفكر فإنه سيبقى كابوسا يقض مضاجعهم!! ومهما اجتمع العالم من أجل محاربتهم!!
لم يكن الاجتثاث نتيجة منطقية لاحتلال غاشم فحسب!! بل كانت خطة مدروسة من قبل دهاقنة الغرب والشرق!! الهدف منها تهديد كل تحرك وطني نزيه ضد كل مفاسدهم ومطامعهم!! فبات من الواضح إقتران اسم البعث بكل ما هو وطني ونزيه حتى ولو خرج ذلك الفعل من احزاب وطنية غير بعثية!! فأصبحت التهمة الأسهل لاطلاقها على كل من يريد مقاومة المحتلين وعملائهم في العراق!!
لقد تطور فكر البعث العربي وتبلور خلال سنين الاضطهاد والملاحقة والاعتقال في العراق بعد الاحتلال حتى أصبح من الصعب معالجته من قبل اعداءه بالطرق التقليدية القديمة!! لذلك يحاولون اليوم خاسئين اجتثاثه من خلال ملاحقته دوليا أو منع أعضاءه من التمتع بأي حق من حقوقهم الممنوحة لأي فرد ضمن المفاهيم الانسانية العالمية!! ولا يعلمون بأن حل معضلة العراق تكمن في الأساس باجتثاث تلك الشجرة الخبيثة!! أحزابهم الأسلاموية التي دمرت العراق تحت رايات طائفية واسلامية مزورة!!
إن تاريخ حزب البعث قبل الاحتلال معروف!! واثباتات إعماره وتطويره للعراق لا يختلف عليها إثنان!! وتعترف المنظمات الدولية بكل مجالات عملها بتطوره العلمي والتربوي والصناعي والعسكري في ظل حكم البعث !! فمن يستحق الاجتثاث في النهاية؟؟ هل هو من دمر العراق؟؟ ام من بناه وطوره وجعله بمصاف الدول المتقدمة برغم الاستهداف؟؟