ثلاثة لا تنتهي ، الحرب مع إيران ، والحصار ، وصدام حسين ، مقولة رددها عراقيون بعد إعدام الرئيس صدام حسين صباح أول أيام عيد الأضحى المبارك منذ 12 عامًا في 30 ديسمبر 2006 ، فبعض العراقيين لم يصدقوا أن عهد صدام قد انتهى ، لدرجة أن البعض لا زال يعتقد أنه لم يُعدم ومن قُتل هو شبيهه , ورغم مرور كل تلك الأعوام على وفاة صدام ، فإنه لا زال يثير حالة من الجدل والحيرة ويتساءل الكثيرون ! أين يرقد صدام الآن ! دفن صدام في مسقط رأسه بالعوجة في محافظة صلاح الدين مدينة تكريت ، حيث قامت القوات الأمريكية بتسليم جثته لثلاثة أفراد من المحافظة أحدهم شيخ عشيرة البو ناصر علي الندى التي ينتمي لها والذي استشهد لاحقا ، وتم إغلاق منافذ البلدة لحين الانتهاء من الصلاة عليه ودفنه في قاعة المناسبات الكبرى التي كان من قبل قد دفن فيها نجلاه عدي وقصي وحفيده مصطفى الذين قتلوا عام 2003 في الموصل على يد القوات الأمريكية , إيران اليوم أصبحت ، في نظر العالم الجديد ، تشكل تهديدا لأمن المنطقة لا بد من التصدي له ، من خلال توفير الحماية لحلفاء واشنطن القدامى فيها ، وخاصة في منطقة الخليج العربي . إما إسرائيل التي لم تعد تشكل إي خطر على العرب ، فستتلقى مساعدات عسكرية بقيمة ثلاثين مليار دولار وتشمل أسلحة حديثة متطورة تضمن تفوقها كقوة عظمى في المنطقة العربية , نحن الآن إمام عمليات تنقيب واضح في المنطقة أساسها مدي التبعية للولايات المتحدة والاستعداد للانخراط في الحرب الجديدة , التي تعد لها ضد إيران وسورية وحزب الله في لبنان ، أو ما يسمي بمحور الشر الجديد , المنطقة العربية باتت تنقسم إلى ثلاثة معسكرات ، الأول .. هو معسكر دول الاعتدال والثاني .. معسكر دول الشر والثالث معسكر دول المهمشين , وزير الدفاع الأمريكي في صحبة وزير الخارجية الأمريكي ، وحضوره اجتماعها مع دول محور الاعتدال العربي يؤكدان إن العد التنازلي للمواجهة مع إيران قد بدأ ، وان عملية التهيئة للحرب ، إيران اليوم تحاول تطوير قدرات نووية للاستخدام السلمي أو العسكري وهذا من حقها ، وهذه القدرات تهدد الهيمنة الأمريكية على المنطقة ، وتحول دون تفردها بالتحكم بالنفط وإمداداته , فإذا كانت الولايات المتحدة قلقة فعلا من هذا البرنامج النووي الإيراني على دول المنطقة . فقد كان عليها إن تعمل علي تحقيق التوازن معه ، تماما مثلما فعلت علي تشجيع باكستان لامتلاك قدرات نووية لتحقيق التوازن مع نظيرتها الهندية المدعومة سوفييتيا إثناء الحرب الباردة . بمعني آخر، لماذا لا تساعد الولايات المتحدة الدول العربية الحليفة لها ، مثل مصر والمملكة العربية السعودية لتطوير قدرات نووية تحقق توازنا إقليميا وتشكل قوة ردع في مواجهة إي إطماع إيرانية في المستقبل ! الإدارة الأمريكية لن تساعد حلفاءها العرب لامتلاك قدرات نووية لأنها تريد إن تظل إسرائيل متفوقة في هذا الخصوص ، ولهذا تريدهم وقودا للحرب الإيرانية , وهذا ما يفسر احتواء مساعداتها العسكرية الجديدة والموعودة للمملكة العربية السعودية ومصر صواريخ حديثة لقصف الأهداف الإيرانية , دول محور الاعتدال العربي ارتكبت خطأ استراتيجيا قاتلا عندما سايرت الولايات المتحدة في مخططاتها لغزو العراق وتدميره منذ عام 1991 لغاية عام 2003، منهية بذلك توازنا طبيعيا مع إيران .وهذا سر كبير في المعادلة السياسية بين الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وأمريكا بعد حرب الخليج الأولي وحرب القادسية الثانية الأولى بين إيران والعراق والثانية بين العراق الكويت ، واليوم توشك على ارتكاب خطأ آخر أكثر فداحة بالانجرار إلى مواجهة أكثر خطورة مع إيران لخدمة أهداف أمريكية محضة من خلال تضخيم الخطر الإيراني ، وتأليب أهل السنة ضد إتباع المذهب الشيعي ، إي توسيع نطاق الحرب المذهبية والطائفية في العراق بحيث تشمل العالم الإسلامي بأسره , الإدارة الأمريكية لم تسلح العرب مطلقا ، تنظيمات أو دولا، من اجل مواجهة إسرائيل ، وإنما لمواجهة أشقاء عرب ومسلمين ، أو أعداء أمريكا الذين يجب إن يتحولوا إلى أعداء العرب بطريقة أو بأخرى مثلما حدث في أفغانستان أيام وجود القوات السوفييتية على أراضيها لمساعدة حكم نجيب الله الشيوعي , الأسلحة الأمريكية الجديدة التي ستتدفق إلى دول الاعتدال العربي لن تستخدم ضد إسرائيل وإنما ضد إيران وسورية و حزب الله و حماس ، وما هو الثمن الذي سيقبضه قادة دول محور الاعتدال مقابل خوض هذه المواجهات والحروب القذرة والخطيرة ! العرب خاضوا حروب أمريكا في العراق (مرتين) وفي أفغانستان الحرب علي الإرهاب . فماذا كانت مكافأتهم غير تمزيق هذين البلدين وتحويلهما إلى دولتين فاشلتين ، ومرتع للتطرف ومنظماته ، وتفجير الحرب الأهلية الطائفية فيهما ! دول محور الاعتدال التي تستعد لخوض حرب مع أمريكا ضد إيران وسورية ومنظمات المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان . لم تستطع فتح معبر رفح ، أو تحويل بضعة ملايين من الدولارات لحكومة وحدة وطنية منتخبة في فلسطين ، أو حماية العرب في العراق من بطش حلفاء واشنطن وفرق موتهم , صواريخ أمريكا إلى دول الخليج لن تحمي هذه الدول من نظيراتها الإيرانية ، لان إي انتقام إيراني , لن يصل إلى الأراضي الأمريكية ، وإنما إلى القواعد الأمريكية في البحرين وقطر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ، لان الصواريخ والطائرات القاذفة الأمريكية التي ستلقي حممها فوق المدن الإيرانية ، وربما السورية ستنطلق من هذه القواعد، ففي مياه الخليج ثلاث حاملات طائرات ، وأكثر من مائتي سفينة حربية أمريكية ولا نعتقد ان هذه السفن وبحارتها ، تتواجد في هذه المنطقة التي تبلغ درجة الحرارة فيها خمسين درجة مئوية حاليا من اجل السياحة واكتساب اللون البرونزي , تجاهل الخطر الإسرائيلي الحقيقي ، وافتعال خطر إيراني وهمي أو غير ملح هما اكبر عملية تضليل أمريكية جديدة للنظام الرسمي العربي ، وما يثير الغضب والغيظ إن هذا النظام سيبتلع الطعم الأمريكي مرة أخرى بسعادة بالغة ، ويساق إلى مواجهة مع إيران مفتوح العينين ، ودون مقابل ، مثل القطيع الذي يساق إلى المسلخ ، ودون إن يكون الذبح إسلاميا .