15 نوفمبر، 2024 11:43 ص
Search
Close this search box.

بعد هزيمتهم رياضيا.. متى نطردهم من ديارنا ؟

بعد هزيمتهم رياضيا.. متى نطردهم من ديارنا ؟

“رغم الخسارة مع العراق لكن العراق كله لنا” بهذه العبارة عنونت صحيفة “شوت” الرياضة الايرانية على خروج منتخب بلادها من بطولة كاس الامم الاسيوية على يد المنتخب العراقي بعد مباراة شاقة وعصيبة على الطرفين ربما عكست طبيعة الصراع القديم المتجدد بين الجارين اللدودين, والسؤال هو اذا كانت صحيفة رياضية تتكلم بهذا المنطق, فمالذي تفعله دوائر صنع القرار الايراني واذرعها السياسية والعسكرية ؟! .

 

ظلت علاقة العراق بجارته الشرقية ايران محل شد وجذب طوال قرون وقرون, فهذه العلاقة المتوترة لم تكن وليدة اليوم, بل تعود الى الاف السنين حتى ذكر بعض المؤرخين  ان “الكوتيين” الذين قدموا من ايران واحتلوا العراق, قاموا بتخليص سبايا اليهود الذين جلبهم الحالكم البابلي “نبوخذ نصر” من ارض فلسطين.

 

ثم جاءت الدولة الساسنية واتخذت من المدائن عاصمة لكسرى, كسرى الذي حاول النيل من من كرامة العرب باذلال ملكهم النعمان بن المنذر فكانت “ذي قار” التي هزم فيها الفرس شر هزيمة وكان يوما عظيما من ايام العرب قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذا اول يوم انتصف فيه العرب من العجم وبي نصروا) ..

 

وجاء الاسلام وانتشر نوره الى خارج بقاع الجزيرة العربية فلم يكن لعبدة النيران الى ان ينحنوا للعاصفة التي اطفأت لظى آلهتهم, فعندما سحقت الجيوش العمرية بقيادة سعد بن ابي وقاص حشود رستم في القادسية ونهاوند, وتهاوت عروش مملكة عمرها اكثر من الف عام, دخل اهل خراسان الاسلام ومنهم من حسن اسلامه, لكن دوائر صنع القرار دانت بالاسلام ظاهرة وبدأت تكيد له في الباطن, فكان ان اغتالت امير المؤمنين عمر بن الخطاب بيد فيروز ابي لؤلؤة الذي يسمونه اليوم شجاع الدين بعد ان بنوا له مزارا فخما في مدينة كاشان.

 

ثم توالت الفتن التي تهب من الشرق مع الدعوات الباطنية التي كادت للاسلام وحاولت القضاء عليه بشتى الوسائل, وغالبا مع كان العراق مسرحا للصدام العربي- الفارسي الذي لبس لبوس الدين احيانا واسفر عن شعوبية حاقدة احيانا, وصلت ذروتها باحتلال البويهيين لبغداد عاصمة العروبة والاسلام سنة 334 هـ واخضاع الخلفاء العباسيين لسيطرتهم .

 

وبلغ الفكر التوسعي الفارسي  اعلى مراحله في عهد الدولة الصفوية الذي اتخذت من الدين ستارا لاغراضها الخبيثة التي استهدفت الاسلام عقيدة وشريعة, واستهدفت العرب بشكل خاص كونهم يمثلون مادة الاسلام وجوهره, ومرة اخرى كان العراق مركزا رئيسيا في ذلك النزاع.

 

ولم يكن العصر الحديث استثناء لصراع الوجود بين العرب والفرس, فبعد زوال الشاه الذي مارست ايران في وقته دورها “كشرطي الخليج” جاء حكم الملالي بثورة الخميني التي رفعت شعار تصدير الثورة, فكانت حرب السنوات الثماني مع العراق التي سطّر فيها “اسود الرافدين” اروع الملاحم والبطولات, ليضطر الخميني اخيرا لتجرع السم الزعاف ويقبل صاغرا بوقف اطلاق النار ..

 

بدأ الايرانيون بعدها مرحلة جديدة لتحقيق اطماعهم في بلاد النهرين, فعندما هزموا بالسيف, لجأوا الى الفن الذي يجيدونه ببراعة, انها المكر والخديعة, فشنوا الحرب الفكرية من خلال عملائهم في العراق, وكانت الاحداث التي تلت حرب الخليج عام 1991 صفحة في تلك الخطة.

 

وما ان احتلت الجيوش الامريكية العراق عام 2003 حتى وجدت طهرات فرصة سانحة فوصل نفوذها في العراق الى مستوى لم يتخيله اكثر ملاليها تفاؤلا, فاستحوذوا على المفاصل الرئيسية للدولة العراقية الجديدة, وصارت صور خامنئي تنتشر في شوارع بغداد الرشيد, وها نحن اليوم نعيش مرحلة اخرى من الاحتلال الفارسي بشكل علني بعد ان كان على استحياء قبل سنوات.

 

فالحرس الثوري الايراني يقاتل على اكثر من جبهة عراقية, والمليشيات التابعة للوليه الفقيه تعيث في ديالى وصلاح الدين فسادا دون رادع, ودعاة الوطنية وهيبة الدولة في صمت مطبق, بل ان بعضهم يتشدق دون خجل بالدفاع على المشروع الايراني في العراق والذي اتسع ليشمل دولا اخرى في المنطقة, فسوريا ولبنان واليمن ليست الا حلقات في المشروع الذي يعمل على اعادة الامبراطورية الفارسية… وويل للعرب من شر قد اقترب اذا لم ينتبهوا في الوقت المناسب, فقد ان لهم ان يصححوا خطأهم التاريخي بالتخلي عن حامي البواية الشرقي..

 

انه العراق الذي ما ان مرض حتى مرض العرب كلهم, ولن تقوم لهم قائمة الا بعودة جمجمة العرب الى دورها الريادي في امة تعيش واحدة من اصعب فتراتها التاريخية..

 

تنبهوا واستفيقوا ايها العرب              فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب

الله اكبر ما هذا المنام لقد                 شكـاكم المهـد واشـتاقتـكم التـرب

كم تظلمون ولستم تشتكون وكم           تستغضبون فلا يبدو لكم غضب

ومن يعش ير والأيام مقبلة                يلوح للمرء في أحداثها العجب

أحدث المقالات

أحدث المقالات