10 أبريل، 2024 11:52 م
Search
Close this search box.

بعد مرور ١٩ عاما ..من الغزو الاميركي الغاشم للعراق..

Facebook
Twitter
LinkedIn

الى الغزو الروسي لاوكرانيا..
?العالم يتغيّر
‏??????????????????
يتشكل عالمنا الحديث من دول ومحاور تستدعيها معطيات مختلفة وحاجات اقتصادية وسياسية وتوازنات تقتضيها المرحلة لتفرض نفوذها وسلطتها في حقبة زمنية محددة.. قد تطول او تقصر.. حسب وجود التحديات ووجود عناصر الضعف او القوة الداخلية والخارجية..
فخلال القرنِ التاسعِ عَشر والعِشرين حدث صراعا مُحتدماً وشاملاً بين الشرق والغرب ، انتهى بتشكّيل عالم جديد.. ضِمن اطار وتوازنات جديدة إلا أنّها لَم تَكن مُتكافئة تماماً..
كان العالم منقسماً بين الشَرقِ والغرب، قطب الناتو وقطب وارشو .. خُصوصاً بعد تقسيم أوروبا بين الحلفين او القطبين ، شكل صُعودُ الولاياتِ المتحدةِ الاميركية كقوةٍ جديدةٍ عُظمى إلى جانبِ أوروبا بَعد الحربِ العالميةِ الثانية؛ لِيظهرَ العالمُ بصورة القُطبية المُزدوجَةِ بين غَربٍ بقيادة الولاياتِ المُتحدةِ والشَرقِ بقيادة الاتحاد السوفييتي.
لم يكن القطبين على نفس المستوى من الندية والقوة.. انتهج الغرب سياسة طويلة الامد وفق استراتيجية (زبيغنيو بريجنسكي )مستشار الامن القومي الاميركي ( الطرق تحت الجدار) انتهت
بانهيار جدار برلين ١٩٨٩ وتفكك الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينات القرن الماضي..

لتتربع اميركا على العالم كقوة مهيمنة وقطب اوحد في عهد جديد.. سماه (بوش الاب ) بالعالم الجديد..
وذهب المؤرخ الامريكي الشهير (فوكوياما) بعيداً ..وهو يبشر بسيطرة اميركا وانه عصر القطب الواحد ونهاية التاريخ..
ورغم محاولة اميركا ومعها عدد من دول الغرب .. ان تستمر بجمع مصادر القوة لديها .. العسكرية والاقتصادية والعلمية وعززتها من خلال السيطرة على وسائل الاتصال والمعلوماتية وتصدير نموذج العولمة..
الا ان محطات هامة حدثت منذ ذلك التاريخ الى يومنا هذا.. شكلت منعطفات اساسية نحو نهاية محتملة لتسلط القطب الواحد وظهور اقطاب متعددة.. ويمكننا ان نستحضر اهمها:
١- الحرب على العراق من قبل الغرب واميركا التي بدات فصولها بازمة الكويت وانتهت باحتلال العراق عام ٢٠٠٣..وسقوط بغداد .. العاصمة المهمة في التاريخ.. والحاضرة في توازنات المنطقة .. والفراغ الكبير والاضراب الذي حدث نتيجة للغزو .. ادّى الى تمدد قوى اقليمية ..مستغلة الظرف الذي احدثه سقوط بغداد..
من جهة اخرى؛
شكلت مقاومة الشعب العراقي العنيدة للغزو الاميركي لاكثر من عقد من الزمن.. اجبرت من خلالها الادارة الامريكية على الانسحاب من العراق .. وشكل ذلك (العقدة الثانية )بعد عقدة حرب فيتنام ..
ونستطيع القول وبلا مبالغة.. ان اميركا كقوة عظمى قبل احتلال العراق .. لم تعد هي نفسها ..بعد خسارتها للحرب في العراق واخطائها وجرائمها الجسيمة بحق الدولة والشعب العراقي..
٢- الحرب الاقتصادية مع الصين.. وظهور التنين الصيني كقوة ناهضة عملاقة.. بشريا واقتصاديا وارتفاع معدلات النمو فيها يشكل منافسة جدية للغرب
٣-تراجع قوة اوربا وانسحاب بريطانا منها بعد اتفاقية( بريكسيت)
٤- ظهور (جائحة كورونا )المدمرة للاقتصاد العالمي وظهور عيوب انظمة الكثير من القوى التقليدية مثل اميركا.. وخلق نمط جديد من التفكير في العالم
٤- ازمة اوكرانيا و ( الغزو ) الروسي الحالي لها كانت المحطة الاخيرة الاكثر دراماتيكية.. والاكثر اشارة الى نهاية عهد قديم وتبلور تشكيل نظام دولي جديد ..سيسفر عن هذا الصراع بين الغرب -الاورو اطلسي من جهة ..والاتحاد الروسي والشرق ، بشكل عام من جهة اخرى..

حَيثُ يَتضحُ اليوم للكثير من المراقبين والمُحللين أنَّ العالمَ في طريقه إلى نِظامٍ جَديدٍ مُتعددِ الأقطابِ خِلال العُقودِ القادمةِ

ان تبلور وظهور اي قطب دولي مسيطر في العالم ..يتطلب توفر عناصر ذاتية رئيسية للمساعدة على تشكله ،اهمها :
١- النمو الاقتصادي .. والتنمية بمفهوما العام
٢الديمقراطية والحكم الرشيد
٣- القوة العسكرية والامنية الضاربة
٤- اللامركزية والاستثمار العابر للحدود
(وبِظهورِ المُؤسساتِ والشَركاتِ مُتعددةِ الهُوية والعابرةِ للقاراتِ أصبحَ هُنالك أطرافٌ لَيست مُهتمةً بالسيطرةِ على المضائقِ المائيّةِ المُهمّة والمَعابِر البريّةِ كُلها لِعبورِ سِلعِها؛ بَل إنها لَيست مُهتمةً بالقيامِ بهذا العَملِ من أصلهِ بقدرِ اهتمامِها بإقامةِ عَلاقات وتَرخيصِ مُؤسساتِها وشَركاتِها في دولٍ عِدة ما دامَ يُمكنُها التَعاملُ مع كَيانات مَوجودةَ تُوفرُ الأمنُ لِخطوطِ إنتاجِها وَخُطوط نَقلها.)
٥-الموارد البشرية والموقع الجغرافي المؤثر..
وهذه الميّزات والمتطلبات.. بدات تتوفر الى حدا كبير ..في دول ناهضة جديدة ..تتطلع بشغف الى تبوء (القطبية) على الصعيد العالمي..
الصراع الدائر الان على ارض ( اوكرانيا ) هو ببساطة ليس حربا بين اوكرانيا وروسيا.. بل حرب بين روسيا ..وقوى صاعدة اخرى تراقب المشهد الان او تتعاون من تحت الطاولة.. ستنظم لاحقا.. واميركا والغرب من جهة اخرى..
الموقع الجغرافي لاوكرانيا والبعد التاريخي .. وسياسة رئيسها المدعوم من الغرب( فلادمير زلينسكي) قصيرة النظر.. بوضع بلاده طعما للغرب امام الدب الروسي المتوثب لاستعادة مجد روسيا القيصرية والاتحاد السوفييتي المهدور.. حسب راي الرئيس الروسي الطامح( بوتين).. كلها عوامل اساسية جعلت من اوكرانيا الفتيل الذي فجر هذا الصراع الذي على مايبدو كان مكبوتاً .. بين الغرب والشرق ..لثلاث عقود خلت منذ نهاية الحرب الباردة..

ان البوادر الاولى لانظمام الصين لروسيا.. يثير الرعب لدى اميركا التي بدات تدرك ذلك وترسل رسائل علنية للصين تحذرها من الاصطفاف العلني مع روسيا.لكن الامور سائرة باتجاه يختلف عن ما كان سائداً قبل ٢٤ شباط ..وان الصراع حسب راي الكثير من الخبراء .. سيطول ولن ينتهي بدون اصطفافات جديدة سيولد عنها نظام دولي بقطبين او ثلاثة اقطاب ابتداءاً..
وبرايي هذا مفيد للعالم بشكل عام ولمنطقتنا بشكل خاص لخلق نوع من التوازن واعطاء الحرية والدافع لشعوبها بالاعتماد على نفسها وتقرير مصيرها والتخلص من القيود والاطر الجامدة والتبعية ..التي فرضها الواقع الجيوسياسي والهيمنة لقطب واحد ..يرسم مستقبل تلك الشعوب..ويحدد الافق الذي تتحرك فيه بما يضمن مصلحته..

لقد عانى العراق اكثر من غيره عندما انفردت اميركا بالقرار الدولي وغزته خارج الشرعية الدولية تحت مسوغات واكاذيب فاضحة.. بابشع احتلال همجي عرفه التاريخ بعد حصار جائر ..استمر لاكثر من عقد .. ولازال العراق يعاني اليوم من تبعات هذا الاحتلال نتيجة السياسة الاميركية الغاشمة والقاصرة امام نفوذ دول مجاورة ؛ طامحة وطامعة بالتمدد على حساب العراق ومستقبل شعبه ووحدة اراضيه ..
وبالرغم من مآسي الحروب وتبعات مايجري الان على ارض اوكرانيا وهو امر مؤسف… الا ان ذلك ربما ينبأ بزوال الهيمنة الاحادية لاميركا على العالم ..وبروز اكثر من قطب .. تجعل العالم اكثر توازنا واستقرارا ونمواً..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب