23 ديسمبر، 2024 5:29 ص

بعد مرور عام هل تحترق الخيام بلا حريق ؟

بعد مرور عام هل تحترق الخيام بلا حريق ؟

مرَ عام على العصيان السلمي الذي ينفذه أهالي الرمادي . لقد كان اساس هذا العصيان هو شعور الأهالي ان الحكومة لم تبدي ادنى اهتمام للمطالب التي سبق عرضها والتي يتعلق معضمها بحقوق المواطنين .كان العصيان سلمياً ويتمثل بالوقوف في منطقة خالية خارج مدينة الرمادي ,الهدف منه جلب انظار المسؤولين الى ان هناك من يصرخ وينادي ولكن من دون ان يستمع أحد .
العصيان السلمي هو مجرد ( صوت ) يرغب المعتصمون نقله الى المسؤولين في الحكومة وذلك بعد ان اصيبوا باليأس نتيجة عدم اهتمام أي مسؤول لنداءآتهم من اجل عرض مطالبهم .
ان من اشرف مهام الحكام والحكومات هو الاستماع الى اصوات المواطنين مهما كانت , وعلى الخصوص المعارضين منهم لأن المعارضين ( قد ) يكونون على حق , أما اصوات المؤيدون ( فقد ) يكون معضمها رياء . على اية حال كان من المفروض ان تنصت الحكومة الى هذا الصوت الأجش ( بالنسبة لها ) لمجرد معرفة ما يريدون فقط . لكن ذلك لم يحدث . لقد انزعج السيد رئيس الوزراء من هذا التصرف الذي قام به اهالي الرمادي .
من حق رئيس الوزراء ان ينزعج احياناً من تصرفات بعض الجماعات او الاحزاب , فالمواطنون يخطأون وعلى رئيس الوزراء اصلاحهم اذا كان يعتقد انهم غلطانين , اما اذا ما ظهر له انهم على حق فلا سبيل امامه سوى تلبية مطالبهم .
ان الحكم الديمقراطي هو عبارة عن تفاهم بين الحاكم والمحكوم , فاذا اختل ميزان التفاهم هذا ,يختل نظام الحكم ويتهدد كيان الدولة , كما يجري في سوريا اليوم , مع الاخذ بنظر الاعتبار تأثيرات العوامل الخارجية على الحاكم والمحكوم كما في سوريا اليوم وهي بلا شك نفس التأثيرات على الحاكم والمحكوم في العراق .
في الحقيقة ان هذه الازمة بسيطة وقابلة للحل, وحينما بدأت لم تكن ازمة بل حالة اعتيادية من حالات التوتر بين الحاكم وفئة من المحكومين تحدث في كل دولة وفي كل الاوقات , الا ان ردة فعل السيد رئيس الوزراء على خروج اهالي من الرمادي على شكل احتجاج وعصيان , كانت بحد ذاتها خروجاًعلى تقاليد الحكم وعلى ما يجب ان يتحلى به الحاكم من لباقة تجاه المواطنين , لقد رد عليهم بقوله ( عليكم انهاء الاعتصام قبل ان ينهى هو ومطالبكم النتنة ) .
لقد كشف هذا الرد ما يجول في خلد السيد رئيس الوزراء بشأن معالجة حالة سلمية وبسيطة من حالات الحقوق المشروعة التي ضمنها الدستور لكل المواطنين على اختلاف مكوناتهم والمتعلقة بايصال اصواتهم الى الجهات المسؤولة املاً في اتخاذ ما يلزم بشأنها . لقد تحولت حالة الاحتجاج الى ازمة , ففي الوقت الذي كان المعتصمون يأملون فيه ان يبادر رئيس الوزراء بدعوة وفد يمثل المعتصمين لغرض الاستماع الى مطالبهم واحتياجاتهم ومناقشتهم بشأن مشروعيتها او عدم مشروعيتها بروح يسودها الشعور بالمسؤلية واطلاع كل الشعب العراقي على ما يدور بينه وبينهم , نراه يصف مطالب سكان اكبر محافظة بالعراق انها نتنة  .لقد أخطأ السيد رئيس الوزراء عندما لم يتخذ تدابير سلمية ومشروعة لحل الازمة قبل عام وتركها بلا حل كل هذه المدة الطويلة جداً .
واليوم يصرح السيد رئيس الوزراء انه سيحرق خيم المعتصمين اذا لم ينتهي العصيان قبل يوم الجمعة القادم , إن الخطأ لايمكن اصلاحه بخطأ .