عند الساعة التاسعة من صباح (اليوم) الأربعاء 14/11/2012 سُمع صوت إنفجار كبير وهائل في منطقة العلاوي من ناحية المدحتية ( 35 كم جنوب محافظة بابل) والمسماة منطقة الحمزة الغربي نظراً لوجود مزار الحمزة حفيد الإمام العباس (عليهما السلام)فيها. وقد توجهنا إلى منطقة الحادث حيث تم فرض طوق أمني كبير ولم يسمح للإعلام الأقتراب من المنطقة ، ولكن بعد أن تم إخلاء الشهداء والمصابين؛ دخلنا إلى منطقة الحادث ، حيث تبين أن سيارة مفخخة تم تفجيرها عن بعد متوقفة بجانب سياج مدرسة متوسطة ميسلون للبنات عند مدخل شارع العلاوي من جهة الجنوب، وتعد هذه الساحة منذ سنوات تجمعاً لمجموعة من النساء والرجال الذين يبيعون دجاج الأرياف الحي حيث يربونه في بيوتهم ثم يعرضونه للبيع بأسعار مناسبة مستغلين فراغ رصيف السياج الخلفي لثانوية ومتوسطة المدحتية.
وقد إستطعنا أن نصور مخلفات الحادث ، وعلمنا أن الإرهابيين قاموا بوضع الكثير من قطع حديد شيش التسليح المقطع بصورة جانبية في خزان وقود العجلة (السيفية) لكي يحدثوا ضررا أكبر بالأبرياء وكأنهم في معركة مع عدو جاءهم من منغوليا. وقد حصلنا على المعلومات الكاملة عن موقف الإصابات والوفيات في الحادث من خلال مصادرنا جزاهم الله خيراً حيث إستلمنا نسخة مصورة نرفقها مع هذا التقرير تبين أن عدد الجرحى الذي وصل إلى مستشفى الهاشمية وتم إرسالهم إلى المستشفى التعليمي في مركز محافظة بابل بلغ 83 جريحا / حالة أربعة منهم خطيرة جداً، وممكن أن تزيد من عدد الشهداء في هذا الحادث الذي بلغ ثلاثة شهداء منهم طفل توفي أثناء النقل إلى المستشفى، ومن بين الجرحى 18 إمرأة وطفل يبلغ من العمر ثلاثة أشهر فقط.
علماً أن هذا الحادث هو الثاني خلال شهرين في هذه المدينة، حيث حدث الإنفجار الأول أمام حسينية كانت تقام فيها مراسيم الفاتحة على أرواح الشباب الثلاثة الذين توفوا بسبب الغرق في شط قضاء الهاشمية حينما كانوا يسبحون.
ويذكر أنه قبل ذلك باشهر قليلة تم سحب فوج الطوارئ من المنطقة من دون أن نعرف الأسباب ، وبقية سرية واحدة فقط من هذا الفوج في المقر ، ومن خلال بحثنا وتحقيقنا صرح لنا أحد المشرفين التربويين أنه وبالرغم من أن هذا العمل لا يدخل في صلب واجبه ، إلاّ أنه قدم طلباً خطياً إلى المجلس البلدي في ناحية المدحتية وبالذات بيد رئيس اللجنة الأمنية طارق جبار بتاريخ 7/11/2012 يطلب فيه توفير حماية لثانوية ومتوسطة المدحتية، ولكن لم يلق أي إستجابة لطلبه، ويذكر أن زوجة رئيس اللجنة الأمنية قد أصيبت في هذا الحادث أيضاً! وقام هذا المشرف التربوي عن طريق مرجعيته الإدارية بكتابة تقرير أمني لنفس الغرض، حيث أرسل هذا التقرير إلى مجلس محافظة بابل، ولم يتخذ أي إجراء بصدده أيضاً، والبعض يتحدث عن أن نقل فوج الطوارئ من المدحتية إلى شمال بابل قد كان السبب المباشر في حصول هذه الإختراقات الأمنية ، وهناك روايتان على ألسنة الناس تعلل علاقة الانفجار بنقل فوج الطوارئ: أولهما ـ بحسب مطلقيها ـ : أن عدد افراد الأجهزة الأمنية في المدينة أصبح غير كافي لسد منافذ المدحتية البالغة 50 منفذا تقريبا والتي يستطيع أي شخص أن ينفذ إلى المدينة من خلالها من دون أن يمر بأي قوة عسكرية أو سيطرة، من جهة الطريق الدولي السريع ويمر عبر بساتين النخيل والطرق المعبدة وغير المعبدة ، وعن طريق قضاء الهاشمية من جهة الشط ، وهذه أسهل المناطق القابلة للإختراق .
وثانيهما ـ وبحسب مطلقيها أيضا: يتهم البعض همساً فوج الطوارئ المنقول بتسهيل هذه الإختراقات للتأكيد على أهمية وجودهم في المنطقة حتى يتم إعادتهم إليها ، وهذا إحتمال أنا شخصياً أستبعده لأسباب إنسانية كثيرة، منها أن رجال هذا الفوج هم من حماة العراق وهم يحبون بلدهم ولا يمكن أن يصل بهم الحال إلى التآمر عليه وعلى دماء أبنائه.
ونسجل السلبيات على كل الأجهزة الأمنية في الناحية والمجلس البلدي وكل المسؤولين فيها من دون إستثناء حيث شاهدنا عند حصول الإنفجار أن الكثير من المسؤولين من أهل الريَح والقوط والرتب ـ وهم كثيرون ـ في موقع الحادث ، وتكاد المرة الأولى التي نراهم فيها حيث واضح على وجوههم وأجسادهم عيشة الرفاهية من دون أي إحساس بالمسؤولية أو التألم على مايحصل لمواطنيهم، وبعد الإنفجار نرى الإستنفار العالي جداً في كل ما (يملكون) من آليات وأفراد ومعدات ، وإغلاق شوارع المدينة ، وقطع أرزاق الناس فيها على العموم ، ولا يقتصر الأمر على منطقة الإنفجار أو ماحوله ، وتتعطل الحياة وكأننا في يوم الحشر ، وكل ذلك كما يرى أبناء المدينة هو لتوفير الحماية للمسؤولين الذين يتقاطرون على المدينة من دون أن يكون لديهم أي حلول تذكر ، وكأننا أمام شعار الشعب في خدمة المسؤولين والأجهزة الأمنية بعد أن كان الشعار يقول الشرطة في خدمة الشعب ، وبسبب نفور الناس من هؤلاء استقبل الناس محافظ بابل هذا اليوم بالصلاة على محمد وآل محمد وبطريقة إستهزائية ، ومن ثم إنهالوا عليه وعلى من معه بالشتم والسب ، فما كان منه إلاً أن يهرب من ساحة المعركة ، فلو كان المتجمهرون قد أطلقوا شعارات مؤيدة له على سبيل شعار(علي وياك علي) و(هله بيك هله ,,وبجيتك هله ،، انه يبه الكاس واسمنه يلوكَ إله ) لكان قد ترجل من عجلته وأبدى تواضعاً وأنصت لهم واظهر وقوفه مع معاناتهم ولوعد بتذليلها في وقت قريب جدا، أقرب من أنفاس الجنان التي شاهدتها عين الشهيد قبل إغماضتها الأخيرة. الفاتحة على أروح الشهداء وأرواحنا باعتبارنا شهداء محتملين.
[email protected]