9 أبريل، 2024 7:19 ص
Search
Close this search box.

بعد مافيا القتل ومافيا الفساد …مافيا الأطباء في البصرة تمتص دماء الفقراء

Facebook
Twitter
LinkedIn

يبدو إن مسلسل قتل أبناء الشعب العراقي لم يقتصر على مافيا الإرهاب  والفساد وحسب وإنما وصل الأمر إلى تشكّل  مافيا جديدة بدأت تكبر وتستفحل وتنتشر بصورة خطرة  وترتكب جرائمها  بحق فقرائه والمعوزين من أبنائه بطرق مشروعة أمام مرأى ومسمع الحكومة المحلية في محافظة البصرة والمسؤولين في وزارة الصحة

وما يدمي القلب إن تلك الجرائم ترتكب من أناس كان يعتقد الكثير إنهم من نخبة أبناء هذا المجتمع ومن طبقته المثقفة والمتعلمة … آلا وهي شريحة الأطباء وأصحاب المهن الصحية  .

الكثير منا يعتقد إن مهنة الطب هي مهنة إنسانية وهذا اعتقاد خاطئ .. مهنة الطب هي مهنة حالها حال باقي المهن … لكن من أولوياتها هو مساعدة الآخرين  لهذا يجب على من يمتهن هذه المهنة أن يكون على قدر عال من الإنسانية في تعامله مع الآخرين وأن يتحلى بالصبر وهدوء الأعصاب والحلم في كل أحواله كما وعليه أن يقابل جميع الحالات بصدر رحب وبتفهم عميق بل يكون عطوفاً ورحيماً ومنصفاً في تعامله مع الآخرين. فالمريض بحاجة إلى من يعتني به لتخفيف ما يشعر به من الألم والهواجس المصاحبة للمرض.

 إن الحديث عن الواقع الصحي في البصرة والعراق عامتاً ذو شجون ولا تكفيه عشرات المجلدات لا هذه الأسطر القليلة لكن لفت انتباهي تحقيق صحفي للسيد علي هدار العكيلي في جريدة البصرة التي تصدر عن إعلام محافظة البصرة  يستعرض فيه بعض حالات الابتزاز وجشع الأطباء والصيادلة  في استغفال الفقراء من مواطني محافظة البصرة من هذه المافيا الطبية … وأتمنى على محافظ البصرة  الدكتور ماجد النصراوي أن يقرأ هذا التحقيق … وعليه أن يتخذ الإجراءات اللازمة في ردع هؤلاء  كونه المسؤول التنفيذي الأول في المحافظة والذي على عاتقه  حماية  أرواح المواطنين من اي أخطار تحيق بهم .

تبدأ معاناة المواطن العراقي عند مراجعته لأي طبيب اختصاص في البصرة أو أي محافظة  أخرى بأرتفاع أسعار بطاقة الكشف علماً إن هناك تفاوت وعشوائية كبيرين بالأسعار لعدم وجود رقابة حكومية على ذلك … فبعض الأطباء الذين يخافون الله ( وهم قله قليله ) ممكن أن تجد سعر بطاقة الكشف بعشرة ألاف دينار وهي مقبولة نوعاً ما للكثير… لكن بعض الأطباء من ( مصاصي الدماء ) تجد إن السعر يرتفع إلى عشرين ألف دينار وحتى ممكن أن يصل إلى خمسة وعشرون ألف دينار … ويبدأ مسلسل الحلب والسلخ والاستغلال بعد كشف الطبيب على المريض .. يقوم بإرساله  إلى المختبر ( الذي تربط صاحبه بالطبيب علاقة أما أن تكون أسرية …شقيقه  أو شقيقته أو زوجته ….  أو مصالح مشتركة  في حلب جيوب الفقراء  ) لإجراء بعض التحاليل المختبرية  التي عادة ماتكون أسعارها خاضعة لمزاج صاحب المختبر وتتراوح أسعارها ما بين الخمسة عشر ألف دينار إلى حد أن تصل في بعض الحالات إلى ما يقارب المائة ألف دينار.!! .

 بعدها تبدأ عملية ( سلخ المريض ) آي بإرساله إلى الصيدلية التي عادة ماتكون لنفس الطبيب حصة في مبيعاتها من الأدوية … وهنا الطامة الكبرى فألادوية نوعين ( أصلي وعادي ) الأصلي ( الذي يفضله المريض مجبراً ) أدوية من ماركات ومناشيء  أوربية و عالمية وألا سعار فيها تفاوت كبير جداً  فممكن أن تجد الدواء في صيدلية ما من ماركة معينة مثلاً بسعر خمسة وعشرون ألف دينار .. وتجد نفس الدواء والماركة في صيدلية أخرى بسعر عشرة ألاف دينار..!

 أما الدواء العادي ( من مناشئ رديئة صينية  ) والذي غالباً ما تتم سرقته من المؤسسات الصحية  الحكومية  بطرق شرعية ومن نفس الأشخاص الذين يعملون صباحاً في المستشفيات وفي المساء في العيادات الأهلية وبمساعدة بعض الأطباء من أصحاب النفوس الضعيفة … ولن يخرج المريض من الصيدلية إلا بعد دفع مبالغ كبيرة ترهق حالته المادية بعد إرهاق حالته الصحية … ويا ليت معاناته تنتهي عند هذا الحد … فبعد أن ينتهي المريض من الكشف والمختبر والصيدلية  ودفع ما يتم دفعه من مبالغ طائلة لعلاج حالته وقبل مغادرته غرفة الطبيب يقول له الطبيب ( إذا ماصرت زين خلال عشرة أيام ارجعلي ) .!!

العجيب والمستغرب في الأمر إنه كيف تحول هؤلاء الأطباء إلى مصاصي دماء .. فالكثير منهم  كانوا زملاء لنا في الدراسة وكانوا مثالاً لدماثة الخلق وحسن المعشر والمنطق … مجدين مثابرين افنوا أعمارهم بالدراسة  والسهر ليصلوا إلى أعلى المراتب العلمية … هل هو ضعف الوازع الديني ام عدم وجود رادع قانوني ام هو الانحطاط الأخلاقي الذي يعاني منه مجتمعنا العراقي بصورة عامة  بعد المصائب والنكبات التي حلت عليه .؟

إن  كان ضعفاً في الوازع الديني فليتذكروا قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ( 35) سورة لتوبة .

وإن كان السبب عدم وجود رادع قانوني .. فالكرة ألان في ساحة الحكومة المحلية في محافظة البصرة والمسؤولين في وزارة الصحة لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة ضد هذه المافيا الخطرة التي لاتقل خطراً عن مافيا الإرهاب حتى لا يزداد سخط المواطنين على الحكومة المحلية وتتطورا لأوضاع إلى ما لايحمد عقباه .

 أما إن كان انحطاطاً في الأخلاق فعلى الحكومة إيقاف هؤلاء عند حدهم فهم ليسوا أهلاً لان يكونوا أطباء في مؤسساتها .

إن هذه المافيا تحاول بكل ما أوتيت من قوه ودهاء أن تقلب الموازين الثابتة للأخلاق … إن المرة لا يعاب على فقره ولا قبح شكله فليس له في ذلك حول ولا قوة إنما يعاب عليه قبح لسانه ودناءة أخلاقه … فالتحلي بمكارم الأخلاق من أفضل ما يملكه الإنسان في حياته فصاحب الخلق الحسن الذي يمتلك محبة الآخرين ستعلو  قيمته في المجتمع بغض النظر عن نوع وعدد شهاداته الأكاديمية .

عندما يتحول الطبيب إلى إنسان جشع وصاحب مافيا  لا يفكر سوى أن  يأخذ من المريض  مبلغ الكشف فأقرءوا  على هذه الدولة السلام …  ثم هل من المعقول أن تعجز الحكومة عن وضع ضوابط وقوانين وقرارات تحد من هذه  الظواهر السلبية والخطرة بحق مواطنيها . 
[email protected]                  

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب