17 نوفمبر، 2024 12:50 م
Search
Close this search box.

بعد مئة يوم .. (ميني ناتو) و( أبو ناجي) يُشعل المؤامرة

بعد مئة يوم .. (ميني ناتو) و( أبو ناجي) يُشعل المؤامرة

في المئة يوم على بدء ” العملية العسكرية الخاصة” للقوات الروسية في أوكرانيا، إنقلب العالم رأسا على عقب.
وبغياب مصادر محايدة عن حجم الخسائر البشرية والمادية لدى طرفي النزاع، فان الانظار تتوجه نحو قياس المحصلات الناجمة عن حرب من الصعب التكهن بسقف زمني لنهايتها؛ تاكيدا لمقولة إن إشعال الحرب سهل لكن انهائها صعب للغاية.
وفيما تفرض السلطات الروسية رقابة مشددة على ملف ” العملية الخاصة” في وسائل الإعلام، وتفتح دعاوى جنائية لمن يسميها” حربا”، فان الجانب الاوكراني وعلى لسان فلاديمير زيلينيسكي، لا يتوقف عن عادته اليومية، بالظهور في خطاب متلفز، يبداه بالحديث عن حجم الخسائر البشرية بين صفوف القوات الاوكرانية؛ ليعلن مؤخراً ان ما بين 60 الى 100 يتساقطون كل يوم وان عديد الجرحى يصل الى 500.
واضح ان زيلينيسكي، يسعى لحث الناتو والولايات المتحدة على مضاعفة الإمدادات العسكرية الفتّاكة،على خلفية انحسار واضح في موجة التعاطف وسط القيادات الأوربية .
وفي كبريات الصحف الاميركية،يثار النقاش حول الجدوى من مواصلة عزل روسيا، وتعزيز قدرات أوكرانيا وصولا الى هزيمة موسكو؛ كما يؤكد بشكل دوري قادة التحالف الانغلوسكسوني؛ القائم على. أثافي بريطانيا والولايات المتحدة وكندا واوستراليا بشكل خاص.
فيما يتشكل تحالف شبه معلن بين ألمانيا وفرنسا؛ يتعامل بحذر شديد مع تدفق الأسلحة الفتّاكة نحو كييف، ويدعو الى الحفاظ على دبلوماسية الحوار مع بوتين، وعدم حصر الدب الروسي المدجج باكثر من سبعة آلاف رأس نووي في الزاوية.
ولم تلتفت برلين وباريس كثيرا الى انتقادات كييف، بل ان المستشار الالماني شولتز لم يكترث لتصريحات سفير أوكرانيا في برلين، حين ش بعبارات خالية مِن اللياقة مثل
” شولتز سجق غير مملح” أو أنه
” تاجر خردة” حين أتضح ان المانيا ليست بصدد إرسال معدات عسكرية متطورة لدعم القوات الاوكرانية، على الرغم من المهرجانات الخطابية اليومية الداعمة لاوكرانيا والتي صارت الملف رقم واحد في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لدول العالم القديم والجديد على حد سواء.
يعتقد بعض الخبراء بالشؤون الاوربية انه ليس في مصلحة فرنسا والمانيا، ظهور دولة تشغل من حيث المساحة والموارد المرتبة الثانية في اوروبا بعد روسيا ، مثل أوكرانيا؛ ستنافس الدولتين الاكبر حجما واقتصادا في القارة العجوز.
وفي حال حصلت كييف على العضوية الناجزة في الاتحاد الأوربي؛ فان الايادي الماهرة الاوكرانية؛ ستمثل منافسا قويا لمواطني الدولتين في مختلف المجالات.
واذا كان تشغيل الاوكرانى اللاجىء يحرمه من امتيازات العامل المحلي؛ فان قوانين العمل في دول الاتحاد الأوربي ستشمل أوكرانيا بالكامل.

تمارس واشنطن، عمليات تخدير تستهدف طمأنة الكرملين بانها لن ترسل مدافع تصل مدياتها الى الأراضي الروسية، الأمر الذي رحبت به موسكو، لكن بايدن سرعان ما أعلن وبعد اقل من يومين، إن إدارته ستزود اوكرانيا بمدافع تصل مقذوفاتها الى 80 كيلومترا، اي انها في حال ما اذا قررت أوكرانيا ضد روسيا لن تعبر الحدود، وسط تباين فِي تقديرات الخبراء العسكريين وانعدام الثقة بالمطلق بين روسيا والولايات المتحدة.
يذهب لفيف من الخبراء الى ان الحرب في يومها المئة؛ قسّمت العالم الى تكتلات ليس بينها كتلة قادرة على حسم الموقف ووقف النزيف.
الى جانب روسيا؛ يفترض ان تقف الصين وعلى مستوى أقل الهند، لكن بكين البراغماتية، قلبها مع بوتين ومصالحها مع الأسواق الأميركية والأوربية، و يتكشف يوما بعد يوم؛ ان الشركات الصينية المرتبطة بمصالح تجارية ضخمة مع الغرب، ترفض تزويد روسيا بقطع غيار الطائرات المدنية التي كانت شركات الطيران الروسية استأجرتها من بوينغ وإيرباص، واحتفظت بها ردا على العقوبات غير المسبوقة.
ولم تبد بكين خطوات عملية لدعم موسكو باستثاء الامتناع عن التصويت او استخدام الفيتو بوجه القرارات في الأمم المتحدة ضد روسيا.
ويستبعد الخبراء، ان تستوعب الصين والهند الكميات الفائضة من صادرات الطاقة الروسية مع تصاعد الإجراءات الغربية بالتخلص من الهيمنة الروسية على اسواق الطاقة في أوروبا؛خلال الاعوام القريبة القادمة.
ويتوقع الخبراء ان تستغل الصين ومثلها الهند حاجة روسيا لتصريف انتاجاتها الضخمة من الطاقة وتطالبان باسعار منخفضة على الرغم من ان روسيا تعرض نفطها الان في الاسواق؛ بسعر تشجيعي يقل بثلاثين دولارا عن السعر العالمي.
اما إيران الموصوفة بالحليف الأقرب لروسيا؛ فقد سارعت للإعلان لانها مستعدة لتعويض النقص في سوق الطاقة حال إزالة العقوبات؛ في نفس الوقت؛ الغت واشنطن حظر التعامل مع فنزويلا رغم عدم اعترافها بشرعية نظام الرئيس نيكولاس مادورو اليساري، ولم تتوقف عن محاولات اسقاطه ودعم مناوئيه، فاندفع على نهج سلفه الراحل شافيز الى المعسكر الروسي.
ويلوح ان النفط الفنزويلي يدخل اليوم في خطط واشنطن لتنسيف مصادر الطاقة الروسية ومحاصرتها ولو بنفط كان يوصف من قبل البيت الابيض لوقت قريب بانه ” ملوث بالدم” في إشارة الى قمع معارضي مادورو الموالين لواشنطن.
ويلحظ المراقبون ان حلف الناتو، في حال انضمام فنلندا والسويد الى منظومته، يقترب أكثر من الحدود الروسية؛ خاصة مع فلندا التي حافظت في أسوء سنوات الحرب الباردة على علاقاتها القوية مع موسكو ، بل ان حقبة الانفراج أرتبطت باسم هلسينكي حين أبرم العملاقان النوويان، الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، سلسلة معاهدات واتفاقيات للحد من التسلح وخفض المواجهة.
وكانت العاصمة الفنلدية، المحطة المفضلة للقاءات بين الزعماء السوفيت والرؤساء الاميركان.
وفي حال واصلت دول الناتو وزعيمته الولايات المتحدة؛تقديم أحدث الاسلحة لاوكرانيا؛ فان الهدف المعلن الأول للعملية العسكرية الروسية الخاصة؛ نزع أسلحة أوكرانيا، ينقلب الى العكس. ومن الصعب وفقا لراي خبراء مستقلين، التعويل على مواصلة العملية العسكرية الروسية سنوات طويلة، لنزع اسلحتها؛ كما من غير المحتمل ان تتمكن روسيا بميزانية ستتناقص مع تزايد الاستغناء عن الطاقة الروسية، من إعادة بناء المدن الاوكرانية المدمرة والتي تحتل ربع مساحة البلاد، كما اعلن زيلينيسكي مؤخراً ؛ وسط تقديرات بان الجيش الروسي يحتاج الى عديد ضخم من الافراد للسيطرة على مناطق شاسعة، بمدنها وبلداتها و قصباتها وقراها المتناثرة على مساحةً أكبر من مساحة كل جمهوريات البلطيق إضافةً لبلجيكا والنووية.
واذا تمسك الأميركيون ؛ بخطتهم في تحويل أوكرانيا الى ترسانة لأحدث الاسلحة الفتاكة؛ فانها عمليا تصبح عضوا بلا صفة قانونية في حلف الناتو.
وهنا ينبغي التذكير بمقترح بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا؛ تشكيل ” ناتو مُصغّر” يضم بلاده وبولندا الى جانب اوكرانيا. وواضح ان ” ميني ناتو” يكشف يوما اثر اخر عن أنيابه عبر تزويد كييف باحدث الاسلحة البريطانية وبسخاء غير مالوف عن الانكليزي الشحيح.
وتقدم أجهزة الاستخبارات البريطانية معلومات خطيرة عن تحرك القوات الروسية بكييف وتخوض عبر التسريبات لصحف التابلوه تقارير عن صحة ألرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حرب معلومات ضد الكرملين، وبلغ الحد بان أربعة صحف من هذا النوع؛ صدرت في بريطانيا بيوم واحد تتحدث عن موت بوتين وان من يظهر في الإعلام شبيهه!
بهذا الصدد يشار الى ان آخر لقاء بين بوتين والرئيس الفرنسي ماكرون وظهرا متباعدين على مائدة طويلة؛ كان من بين أهدافه تفحص وجه ألرئيس الروسي ،وان بين الوفد الفرنسي؛ خبراء متخصصون بالسيماء ، و دراسة حركة الاشخاص، وهذا ما يفسر لماذا خرج بوتين مسرعا من قاعة الاجتماع حتى دون ان يصافح ضيفه.
حينها انطلقت شائعات حول صحة بوتين ومنع الأطباء الاقتراب منه حتى لكبار مساعديه وبينهم وزيرا الدفاع والخارجية اللذان جلسا بعيدا من الرئيس في لقطة ملفتة؛ هيجت مخيلة انصار (نظرية المؤامرة) وعلى مثل هذه النظريات تعمل أجهزة
” ابو ناجي” الذي كما في حروب الولايات المتحدة وتدخلاتها الخارجية؛ يلعب دور الكاردينال الرمادي ، ويحصل على فوائد جمة بأقل الخسائر.

لن يعود العالم الى ما كان عليه قبل مئة يوم. وتبدو كل الرهانات صعبة، بما فيها الرهان على أفول الهيمنة الأميركية؛ اذا لم تجد موسكو حلفاء ثقة؛ لا يلعبون على الحبال.
ليس في السياسة غير المصالح. فمقولة ( لا توجد عدوات دائمة او صداقات دائمة بل توجد مصالح دائمة) المنسوبة الى ونستون تشيرشل رئيس وزراء بريطانيا حقبة الحرب العالمية الثانية؛ فيما ينسبها اخرون للورد هنري جون تيمبل بالميرستون (1784-1865) وشغل أيضا رئاسة وزراء بريطانيا لمرتين؛هي الحل والربط.
ليس مهما من قالها .
المهم ان هذه القاعدة الانكليزية البراغماتية تحكم العلاقات بين الدول.
الصين؛تعمل بها ومعها كل الدول المصنفة كحلفاء محتملين لتشكيل قطب معادل.
فليس بالأمنيات وحدها تنشأ الاقطاب!

أحدث المقالات