آلاف العراقيين عبروا من خلال شبكات التواصل الاجتماعي عن سخطهم واستيائهم مما وصفوه بـ ” تمادي رئيس الجمهورية برهم صالح في هدر المال العام ” ، فبعد الأخطاء المتكررة للرئيس برهم صالح ابتداءاً بدعوته لكافة رؤساء البعثات الدبلوماسية وعوائلهم لسفرة سياحية في مدينة السليمانية على نفقة رئاسة الجمهورية (في اليوم الذي وقعت فيه كارثة غرق عبّارة في الموصل) ، وبعد طرده من موقع غرق العبارة من قبل المتظاهرين الغاضبين الذين واجهوه بوابل من الشتائم وقذفوه بالحجارة، بادر مؤخراً بتمويل مؤتمر عشائري في السليمانية بمبلغ مائتي مليون دينار، في تصرف رأى العراقيون أنه هدر في المال العام .
الرئيس برهم صالح كان قبل ذلك قد استفز العراقيين من خلال ظاهرة اختفت منذ سقوط النظام السابق، وهي ظاهرة المجيء بأطفال وتلاميذ من المدارس لاستقباله في زياراته الرسمية للمحافظات، ففي محافظة واسط اضطر الاطفال المساكين الى المكوث في الشارع وانتظار مجيئه، والمشهد ذاته تكرر في محافظة المثنى، في ممارسة وصفها الناشطون والمثقفون بأنها تعيد الى الأذهان تصرفات الأنظمة الدكتاتورية .
قد يظن البعض ان برهم صالح سيء الحظ، وسوء حظه أوقعه في كل هذه المطبات التي جعلته شخصية مكروهة من قبل المجتمع العراقي، ولكن إذا قرأنا الموضوع من زاوية اخرى سنجد أن الرجل لديه طموج بجعل منصب الرئيس أكثر من منصب فخري ذو صلاحيات محدودة، بالاضافة الى استعجاله في إبراز نفسه كـ (قائد ضرورة) ! في حين كان بإمكانه أن يصنع لنفسه كاريزما محببة الى النفوس من خلال محاربة الفساد مثلا أو اصدار توجيهات الى الجهات المعنية للنهوض بالخدمات ومراعاة حجم المعاناة التي مر بها هذا الشعب المسكين من زاخو الى البصرة، فهناك الكثير جداً من القضايا التي تهم الناس وقد تجعل من الرئيس شخصية ذات شعبية في صفوف الجماهير، لكن السيد برهم صالح على العكس من كل هذا، بدأ مهامه بالتخبط وقد ينهيها بالاستقالة فيما لو كان حقاً من النوع النادر الذي يلملم أشياءه ويغادر منصبه احتراماً لإرادة الشعب الذي لايريده رئيساً !
اليوم من حق المواطن العراقي (العربي والكردي، السني والشيعي) أن يتسائل: من هو برهم صالح؟ ما الذي قدمه للشعب من خلال وجوده في العملية السياسية منذ 2003 ولغاية اليوم؟ ما هي انجازاته؟ ما الفائدة من وجوده في منصبه؟ ولماذا تستنزف رئاسة الجمهورية المليارات من خزينة الدولة والشعب يتضور جوعاً ويعاني البطالة والفقر والحرمان من أبسط الحقوق؟
عندما حدثت كارثة غرق عبارة الموصل، تداول آلاف الناس مقطع الفيديو الذي يظهر فيه الرئيس برهم صالح هارباً من غضب الجماهير التي أمطرته بالشتائم والحجارة، تداولوا الفيديو بشماتة وسخرية، لماذا؟ لأنهم مؤمنون تماماً بأن هذا (الحلقة الزائدة) تبوأ هذا المنصب ليتمتع بالامتيازات والرواتب والأموال الطائلة والحرس والسيارات الرئاسية، ويزور دول العالم ويتفاخر بمنصبه أمام وسائل الاعلام باعتباره القائد الأعلى، بل (القائد الضرورة) الذي يستقبله الاطفال بالورود وكأنه رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ .
وبرأيي الشخصي، بعد فضيحة تمويله للمؤتمر العشائري، أرى من الافضل له أن يقدم استقالته من هذا المنصب، فببساطة لو جرى استفتاء شعبي على بقائه أو استقالته من منصبه لجاءت نتيجة لاتسرُّ الرئيس .