23 ديسمبر، 2024 5:09 م

بعد فشل الحشد الدولي للعدوان على سوريا .. فضح النوايا الامريكية لتدمير العرب والهيمنة على ثروات الشرق

بعد فشل الحشد الدولي للعدوان على سوريا .. فضح النوايا الامريكية لتدمير العرب والهيمنة على ثروات الشرق

فشل باراك اوباما في حشده الدولي لتمرير العدوان على سوريا ، عقب اتهام مبيت النية للحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في منطقة الغوطة بريف دمشق .
فبعد الموقف المفاجئ لمجلس العموم البريطاني الذي عارض مشاركة القوات البريطانية في الحرب المزمعة ، اتسعت دائرة الرفض الدولي لتشمل دول العالم ، لاسيما على الموقف الشعبي الضاغط على الحكومات الى جانب تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مطالبا الولايات المتحدة بتقديم أدلة على استخدام سوريا اسلحة كيمياوية ، في اشارة الى تقارير الاستخبارات الامريكية التي قدمت الذرائع المفبركة المليئة بالكذب المكشوف ، وهو رجل استخبارات قبل ان يكون رجل سياسة فقد قاد جهار الاستخبارات الروسي لفترة طويلة .
ان طبول الحرب التي لا تهدأ بقيادة الماسترو الامريكي مصرة على الحرب اذ طلب هذا الاوباما تفويض الكونغرس في جلسة بدا عليها الانقسام واضحاً وحدد موعد القرار في التاسع من ايلول الجاري . فإذا صوت الكونغرس ضد العمل العسكري في سوريا، فإن ذلك علامة على هزيمة مذلة للرئيس الأمريكي خلال فترة ولايته الثانية، ويمكن أيضا أن يضعف موقفه دوليا في الوقت الذي تزداد فيه التساؤلات حول النفوذ الأمريكي، ولاسيما في العالم العربي من جانب ، ودليل على خطورة هذه الخطوة – اي الحرب – ومن ردود الافعال غير محسوبة النتائج على الارض وحسابات امن ” اسرائيل ” التي لا تخلو من اجندة منظري السياسة في البيت الابيض وعلى راسهم الصقور والمحفل الماسوني الدولي ( ايباك ) ، كما أن المصالح الأميركية ستكون “مهددة” في المنطقة. 
ان المراقب الجيد لمجريات الاحداث حسب تسلسلها الزمني يجد ان النية قد بيتت سلفا لهذا العدوان لتقاسم كعكة جديدة ولدر اموال مضاعفة تصب في خزائن الغرب لتعويض الخسائر الاقتصادية التي منيت بها الشركات تبعا للازمة الاقتصادية الخانقة التي احاقت بالعالم –وكانت صناعة امريكية بامتياز- لايجاد الذرائع للتدخلات الخارجية بمقدرات العالم واوراق ضغط موجعة للساسة في العالم على حساب سكان المعمورة . فقد استغلت أمريكا ومن ورائها كل من فرنسا وبريطانيا عملية ( استخدام الكيمياوي )، لتصعيد الموقف ضد دمشق، بدءاً من تصريحات الناطقة باسم البيت الأبيض التي هددت دمشق بعمل عسكري وصولا الى تصريحات وزير الدفاع الأمريكي الذي ذهب في نفس الاتجاه تزامنا مع تسريبات إعلامية بريطانية على وجه الخصوص تحدثت عن اتصال هاتفي جرى بين اوباما ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون بحثا خلاله سبل التعامل مع سوريا التي حملاها مسؤولية ما حصل في الغوطة من دون تقديم أي دليل.
ان الكونغرس بحسب القانون الأمريكي مخول بإعطاء الجيش الأميركي الضوء الاخضر لضرب سوريا لأن مثل هذا العمل سيشكل انتهاكاً للقانون الدولي. و”مجلس الأمن الدولي – وتحت ظروف خاصة – يمكنه أن يصدر تخويلا” لاستخدام القوة من اجل استعادة السلام الدولي. الا ان الولايات المتحدة تسعى عبر الضغوط الحالية الى الوصول إلى وضع يصبح فيه السلاح الصاروخي والكيماوي السوري تحت وصاية مجلس الأمن الدولي للبدء بعملية نزع للقوة الصاروخية السوريّة تمهيدا لغزو سوريا كما حصل سابقا مع العراق ، بحسب خبراء عسكريين .
وقد بات مؤكداً أن روسيا والصين لن تقبلا بصدور قرار من مجلس الأمن الدولي يتيح للولايات المتحدة والدول الغربية الحليفة توجيه ضربات عسكرية ضد الجيش السوري بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة على نحو ما يرمي مشروع القرار البريطاني قبل أن تنسحب لندن من التحالف الذي عرض على مجلس الأمن للمناقشة مرتين .
وفي المرتين قرر مندوبا روسيا والصين الانسحاب من قاعة المجلس في إشارة إلى رفض القبول بمثل هذا المشروع . والنتيجة لهذا الموقف الروسي – الصيني لن تخرج عن احتمالين، إما اضطرار الولايات المتحدة وحلفائها القيام بالضربة التي يريدونها على النحو الذي يقررونه من دون التزام بقرار يصدر عن مجلس الأمن بكل ما يعنيه ذلك من تجاوز صارخ لميثاق الأمم المتحدة واعتداء على القانون الدولي والاتفاقات والمعاهدات الدولية، وإما التراجع كلية عن خيار (الضربة العسكرية) والبحث عن بدائل أخرى لحلحلة الازمة  وتفادي تداعياتها على المنطقة باسرها.  
ان الموقف الروسي  الصيني الرافض للتعجل في إصدار قرار من مجلس الأمن للتدخل العسكري مبعثه أولاً رفض استباق نتائج اللجنة الدولية المكلفة من الأمم المتحدة بتقصي الحقائق حول استخدام أسلحة كيميائية في سوريا يوم 21 آب الماضي ومسؤولية النظام السوري من عدمها عن ارتكاب هذه الجريمة، ومبعثه ثانياً، وهذا هو الأهم وجود قرائن تؤكد أن بعض فصائل المعارضة السورية هي من ارتكب هذه الجريمة لدوافع عديدة أبرزها توريط الولايات المتحدة والغرب عموماً بالتدخل كطرف مباشر في الأزمة السورية ضد النظام في محاولة يائسة لإعادة التوازن في القوة الذي أضحى شديد الاختلال لمصلحة النظام، وهو الاختلال الذي يستحيل معه الذهاب إلى (موتمر جنيف-2) لمنع النظام من فرض شروطه السياسية لتسوية الأزمة استناداً إلى حقائق القوة الفعلية على الأرض .
وهذا الموقف تتفق مع معلومات تناقلتها بعض المصادر الإعلامية تقول إن الأسلحة الكيميائية لم تعد تقتصر في وجودها على الجيش السوري، وإنما أصبحت بحوزة فصائل مسلحة متشددة كجبهة النصرة الارهابية، وفي الوقت الذي قال فيه دبلوماسي سوري أن دمشق تمتلك صوراً أخذت عبر الأقمار الصناعية تظهر أن إطلاق الصواريخ الكيميائية تم من مناطق المعارضة .
ان أي قرار تتخذه الولايات المتحدة الأميركية في شنّ الحروب على دول المنطقة في الشرق الأوسط يكون بالدرجة الأولى لصالح شركاتها الكبرى والتي تبدأ بالتحضير لحروبها بإيجاد ذريعة ما بسياسة ميكافيللية اذ يتم وضع جدولين يقاس بهما ميزاني الربح والخسارة ويتخذ القرار بالحرب او المشاركة فيها وفق حسابات نسب الأرباح. فهل ستنجح الولايات المتحدة بحربها على شعوب المنطقة؟ الإجابة معروفة ويجيب عنها التاريخ دائماً، ولكن تقبل هذه الإجابة كواقع في الوقت الراهن هو صعب جداً كون الولايات المتحدة لا تحرك اساطيلها ونفاثاتها وفق ما يفرضه المنطق والعقل والإنسانية، بل ما تفرضه مصلحة الشركات الكبرى ومصلحة “اسرائيل” والدور المرسوم لاذنابها في المنطقة ( قطر وتركيا) ، فتركيا ترى نفسها بأنها يمكن ان تكون البديل عن الدول الاوروبية في ما خص الدول العربية باعادة امجاد العثمانيين ، اما قطر فهي موظف امريكي مطيع ينفذ الاوامر بدقة بعد ان ارتضت لنفسها الذلة والعمالة واعتادت على التآمر والخسة .