22 نوفمبر، 2024 8:37 م
Search
Close this search box.

بعد عقد من التبخّتر السلطويّ .. ضياع البوصلة وغياب المشروع

بعد عقد من التبخّتر السلطويّ .. ضياع البوصلة وغياب المشروع

يبدو ان الحقب التاريخية في العراق الجمهوري تمتد الى عقد او عقد ونيف وليس هنالك مقومات لاستمرارية النظم الحاكمة اكثر من ذلك، حيث يصار الى استبدال نظام الحكم سواءا بالمصادفة او بتدخل خارجي خفيّ او بطبيعة المزاج الشعبي العراقي، حيث لا يتحمل استمرار التركيبة السلطوية لأكثر من عقد او ربما عقد ونيف.
١- نظام الحكم العسكري تعاقبت على فتراته مجموعة الضباط منذ تولي الزعيم عبدالكريم قاسم مقاليد الحكم في ١٤ تموز ١٩٥٨ حتى نهايته في ١٧ تموز ١٩٦٨ برئاسة المشير عبدالرحمن محمد عارف الذي تولى الحكم بعد مصرع أخيه المشير عبدالسلام عارف تخللها انقلاب ٨ شباط لمدة تسعة اشهر لحكم البعث عام ١٩٦٣.
٢- الفترة الاولى لحكم البعثيين برئاسة المهيب احمد حسن البكر منذ ١٧ تموز ١٩٦٨ لغاية إرغامه مغادرة السلطة على يد صدام حسين عام ٠١٩٧٩
٣- الفترة الثانية لحكم البعثيين بقيادة صدام حسين منذ عام ١٩٧٩ لغاية ١٧ كانون الثاني ١٩٩١ بداية حرب الخليج …. وتدمير الآلة العسكرية العراقية على يد قوات التحالف الدولية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ومن ثم خيمة صفوان وما لحقها.
٤- العراق منزوع الأهلية تحت الوصاية الدولية منذ بداية حرب الخليج عام ١٩٩١ لغاية ٩ نيسان ٠٢٠٠٣
٥- بعد الدخول الامريكي للعراق واعادة احتلاله وتنصيب غارنر ومن ثم أعقبه بول بريمر وإنشاء مجلس الحكم وأعقبها تشكيل حكومة علاوي لمدة سنة وحكومة الجعفري لسنة يمكن وصفها مرحلة انتقالية تحت إشراف الادارة الامريكية.
٦- فترة تزعم حزب الدعوة لحكم العراق منذ عام ٢٠٠٦ بزعامة المالكي وخلفه العبادي والى الان والايام حبلى لانتهاء عقد ونيف لتولي الاحزاب الاسلاموية بقيادة حزب الدعوة، تشير القراءة لانتهاء حقبة حكم ابعدها نهاية عام ٢٠١٧ باستقبال الانتخابات القادمة او ما يسبقها بتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني لان البلاد على شفير هاوية لما بعد داعش.
تلك الديباجة تؤطر لنا مسارات البحث السيسولوجي للنسق الاجتماعي في العراق من حيث القبول والرفض والتوافق على شكلية السلطة ونوع الحكم في بغداد.
يتضح ان احزاب الاسلام السياسي بشقيها السني والشيعي وحتى الكردي متخبطة في وحل الفساد وغياب الرؤية الفكرية، بل وحتى غياب المصلحة في استمرار النفوذ السلطوي في بغداد.
حيث يثبت بالدليل القاطع ان قيادة العراق لها خصوصية لا يحمل بيرقها الا قادة من نوع خاص، درسوا فنون القيادة بتعقيدات العراق القبلية والدينية، بل وحتى بوصلة المزاج الشعبي بالقبول والرفض، اضافة للمضمار الاقتصادي لدعم القطاع الخاص وتنميته مع ارساء قواعد النظم الاستثمارية بشراكة دولية رصينة ، ويمكن اضافة لغة التفاهم التراثية بكافة اطيافها الأدبية من حكاوى وادب شعبي بل وحتى لغة الحسچة والمطبگ والمضيف والهور والجبل “طبيعة الثقافة الكردية وتاريخها” وچوبي الغربية ورقصة البدو “الدحة” وحتى وجود مجمعات الغجر والطرب، اضافة الى ثقافة العاصمة المتميزة بالمقام العراقي وتراث القبانچي ويوسف عمر وجوزة شعوبي ابراهيم وطربيات عفيفة إسكندر، وحتى امتدادات ثقافة احياء الأعياد والمشاركة فيها، ومن الملفت للنظر ان الثورة تلك المدينة الشيعية التي ينوف تعدادها على أربعة مليون نسمة يحتفل ابنائها برأس السنة الميلادية المسيحية اكثر من احتفالية أبناء الطيف المسيحي في كنائسهم، او حتى مشاركة الأغلبية الشيعية في سوق الشيوخ والناصرية والعمارة والبصرة وبغداد لطقوس التعميد المندائية للأقلية الصابئية في تلك المناطق .. خليط من الثقافات لا يدركها الا القادة الشجعان الذين تربوا في ثنايا العراق ونهلوا من مشاربه.

أحدث المقالات