كنت جالساً في ضيافة مجموعة من العقول الأقتصادية والتجارية العراقية والعربية الرائعة وهم يتحدثون عن أعمال يعملون على تنفيذها في العراق بعد ان تشكلت حكومة جديدة وكنت فرحاً معهم ومحتفلاً على ان فصلاً من الآلام قد انتهت وستنطلق مرحلة جديدة من العمل ولملمة الجراحات وفرض التعايش السلمي بين الناس على اساس من القوانين التي ستتخذها الحكومة وترسلها الى البرلمان في سقف زمني لايتجاوز ستة اشهر ! ورغم ان المدة طويلة والبلد يحتاج الى قوانين سريعة تنعشه بعد خطفه لمدة ثماني سنوات ولكن سلمنا بالمثل الشعبي المعروف والقائل ( الي تتواعد بيه احسن من الي تاكله ) !
كانت تلك الجلسة في الشهر التاسع من العام 2014 . طروحات الأصدقاء في جلستنا كانت تشرح الصدور وستنهي أزمات مهمة تلّوَعَ منها المجتمع العراقي بشكل عام . وحسب تلك الطروحات التي تعمل جميعها بالآجل ولمدة تتجاوز العشر سنوات فأن أزمة السكن ستنتهي في غضون 4 سنوات وأزمة المشتقات النفطية والكهرباء ستنتهي في غضون سنتين وسيتم بناء ميناء الفاو الكبير في غضون ثلاث سنوات ومشاريع اخرى متعلقة في البنى التحتية ستنتهي وتظهر للعيان في غضون اربعة سنوات . البعض من الأصدقاء يتحدث بأرقام مهمة لتمويل تلك المشاريع دون ان يثقل على كاهل الموازنات العراقية فأن اغلبها مشاريع تحقق ايرادات تفوق كلف الأنشاء وقبل استحقاق دفوعاتها . كنت فرحاً بما اسمع . فرئيس الوزراء الجديد القديم حيدر العبادي وفي اول خطاب له امام البرلمان تحدث عن واقع مر يعيشه العراق وسوف يسعى لتنفيذ برنامجه الحكومي بدقة والمعلوم ان البرنامج الحكومي سوف يعبر بالعراق الى بر الأمان . ويوم بعد آخر واسبوع يليه اسبوع وشهر يتبعه شهر تبين ان الشياطين تكمن في التفاصيل وكن واضحاً ان جلستنا مع الأصدقاء في ذلك المكان الجميل في منطقة الجادرية كانت احلام صعبة المنال فلابرنامج حكومي يتحقق ونحن الآن نقترب من السنة الأولى من عمر حيدر العبادي كرئيس وزراء دون تطور يذكر . النزيف هو ذاته والشباب تموت دون معرفة المستقبل ومايحمله لنا وقوانين التسامح والتصالح مع الشعب مزقت مسوداتها قبل ان تكتب والكتل والأحزاب السياسية لايهمها مايجري من غليان وعدم استقرار في البلد وكل قانون وعدوا به كتبوا شيء مخالف له تماماً فاصبح العفو العام عفواً خاصاً والمحكمة الأتحادية كقانون يراوح مكانه والحكومة منشغلة في امور لاتهم المواطن فغابت الكهرباء عن الكثير من مدن العراق واشتعل الصيف هذا العام اكثر من العام الماضي وتحمل المواطن مبالغ اضافية يدفعها الى اصحاب المولدات بعد ان اوقفت وزارة النفط كميات زيت الغاز المجاني والتي كانت تعطيه لاصحاب المولدات في فصل كل صيف للتخفيف من عبء انقطاع التيار .
كل كلامنا وكلام غيرنا من الذين تأملوا خيراً تبين انها احلام لاتتحقق فالرأس ينتمي لذات الرأس الذي دمر العراق طوال السنوات العشر الماضية بدليل ان كل من جاء بهم رئيس الوزراء السابق هم الآن في مناصبهم يصولون ويجولون بين وزاراتهم الأرث والمنطقة الخضراء وهم صمام أمان لمن يحاول ان يفتح ملفاٍ على الحكومات السابقة ويبدو ان العملية اصبحت واضحة ان يكون الأختيار لشخصية بديلة ضعبفة وتنفذ اجندة خاصة تقوم على التستر على السياسات السابقة والتي ادت الى خراب العراق وتدميره بشكل كامل .
هذا الحديث واقعي وهو من صميم المعاناة وليس فيه تدليس ولا نفاق وبحجم الأمنيات في حصول التفيير اليوم نصل الى مرحلة اليأس وكنت دائماً اقول واليوم أؤكد ان الدكتور حيدر العبادي ليس جديداً بل هو جزء من الحكومات السابقة ولو اننا دققنا في التسريبات الأعلامية التي انتشرت قبل تشكيل حكومة العبادي من ان المالكي قد اشترط على التحالف الوطني بعدم ملاحقته قضائياً ومعه شخصيات تابعة له وان تترك له اعداد كبيرة بأمرته كحمايات له . هذه التسريبات يبدو انها تتحقق والتستر متواصل في زمن يتم الأنتقام قانونياً من المواطن البسيط والموظف الصغير على انه قد اخطا واجتهد فأخطا بينما من تسبب بكوارث واحرق البلاد وبدد ثرواته يصول ويجول دون مسائلة ! ماذا تعني هذه السياسة ؟ اعتقد انها تعني ان الحكومة الحالية هي حكومة تصريف اعمال بشكل يتستر على جرائم الجكومات السابقة في السنوات العشر الماضية ولا أضن ان لها واجب آخر طالما ان البلد من سيء الى اسوأ وأعتذر لأصدقائي الأقتصاديين ومن جلست معهم نحلم سوياً فان الفوضى هي اقوى من البناء . وحسبنا الله ونعم الوكيل