14 نوفمبر، 2024 5:08 م
Search
Close this search box.

بعد صدور كتابه الجديد القاص محمد الكاظم: السرد العراقي بعد (كتاب العراقنامه) لن يكون كما كان قبله

بعد صدور كتابه الجديد القاص محمد الكاظم: السرد العراقي بعد (كتاب العراقنامه) لن يكون كما كان قبله

حاوره / حيدر ناشي

وسط جمع من الادباء والنقاد والمهتمين شهدت قاعة الجواهري في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق إطلاق الكتاب القصصي الجديد للكاتب العراقي محمد الكاظم وجاء الكتاب تحت عنوان (كتاب العراقنامه. وبذيلهِ مدونات الفرقة الناجية بالصدفة) الصادر مؤخراً عن دار الورشة الثقافية في بغداد.

وعلى هامش تلك الاحتفالية كان لنا هذا الحوار مع القاص والإعلامي محمد الكاظم الذي يعد أحد أهم كتّابالقصة القصيرة في العراق والعالم العربي، حيث حصلالكاظم على أكثر من 15 جائزة عراقياً وعربياً، وأصدرسبع مجموعات قصصية ولديه العديد من المؤلفات قيدالطبع، التقيناه ووجهنا اليه عدداً من الاسئلة.

: ما الذي تحتويه هذه المجموعة القصصية الجديدة؟

انها تحوي قصصاً تحاول ان تلم بأهم القضايا التي شغلت الانسان العراقي (التعسف، الاغتراب، القمع، العدالة الاجتماعية، الإرهاب، الموت، الدكتاتورية، الحلم، الحب، الفساد، الخيبة، التحولات السياسية والاجتماعية الخ) تلك النصوص هي مقاطع عرضية من حياتنا اتعامل معها بمبضع الجراح الذي يجري عملية جراحية لنفسه.

 

-: لماذا اخترت هذا العنوان الغريب نوعاً ما

-: هناك عدد من الكتب الملحمية الشهيرة باللغات التركية والفارسية والكردية ولغة الاوردو واللغات التركمانية تحمل عناوين مشابهة أشهرها: (سالنامه) او الكتاب السنوي للولايات العثمانية و(شاهنامه) للفردوسي و(سفرنامه)لناصر خسرو و(سياسة نامه) لنُظام الملك السلجوقي و(قابوس نامه) لعنصر المعالي كيكاوس و(الهي نامه)للمتصوف سنائي الغزنوي (افغانستان) و (سفرنامهروح) الملا فضولي (أذربيجان)

استخدم الكثير من الكتاب هذه الصيغة ومنهم الرحالة الإنكليزي غافن يونغ صاحب الكتاب الشهير العودة الى الاهوار الذي كتب عن رحلاته مع الرحالة الأشهر ولفريد ثسيجر. حيث أصدر كتاباً صغيرة اسمه (سفرنامه في العراق) على صفحات صحيفة الغارديان في الخمسينيات.

الأجواء الملحمية لتلك الكتب دفعتني لمحاولة صياغة ملحمة سردية عراقية بروحية ترصد الواقع وبعدسة تنظر للمستقبل مستفيدة من أدوات الماضي. فالعِراقنامهتعني (كتاب العراق)، او (خطاب العراق)، او (اسم العراق)، او (صفة العراق)، او (رسالة العراق). حسباختلاف تلك اللغات، وكلها معان مقبولة بالنسبة لي لتكون اسماً للكتاب.

انا تلميذ في مدرسة السرد العربي لكنني أحبالهروب من المدرسة!

كيف تتعامل مع ابطال قصصك وكيف تنتج النصوص في مختبرك السردي؟

انا أكون حذراً حينما أتحدث او اكتب شهادة أدبية عن قصصي القصيرة فهذا النوع من الشهادات يشبه التورط بمنح زوجتك الرقم السري لقفل هاتفك النقال المليء بالموبقات، لأن عالم كُتاب السرد عالم صاخب. والدخول الى هذا العالم يشبه الدخول الى متحف مهجور مليء بالحكايات والاساطير والمخلوقات المنقرضة المحنطة، والصناديق السحرية المقفلة، والمفاجئات، والطقوس، والرموز، والانفعالات، وشطحات المتصوفة، واحتفالات المهرطقين، وتجليات الهوس الاكتئابي، ورؤوس الشخصيات القصصية الخديجة غير المكتملة. انه عالم يمكنك ان تجد فيه أي شيء صالح للحكي وسرد القصص، شريطة ان تجد الأداة المناسبة للتعامل مع تلك الأرواح والامساك بها واجبارها على البوح.

-لأي المدارس السردية تنتمي؟

انا لا انتمى الى مدرسة محددة في الكتابة، رغم أني كنت تلميذاً نجيباً في مدارس عظيمة من مدارس السردالعالمي والعربي والعراقي، الا أني كنت أحب تسلق الجدران والهروب من المدرسة لأنغمس في دوامة الحياة التي لا يمكن فهمها في بعض الاحيان. طرح الأسئلة الطفولية هي بوابة الاكتشاف بالنسبة لي، وطالما أحببت تأمل الناس في الشارع، وأحببت التعلم منهم حينما يواجهون أسئلة لا يمتلكون إجابات عنها.  

يصعب عليّ في كثير من الأحيان تتبع المسار السردي الصارم الذي تفرضه مدارس السرد، ففي لحظة الكتابة لا أستطيع تحديد متى تبدأ الواقعية الانتقادية في كتاباتي ومتى تنتهي الواقعية السحرية. ومتى تبدأ الحقيقة ومتى يتجلى الخيال، ولا أستطيع معرفة أين تبدأ الكتب المقدسة وأين ينتهي رولان بارت ومؤلفه الميت. ولا اشغل نفسي بالفصل بين عزائم العرافين واوفاق السحرة ونواح العجائز السومريات والمحاولات الأولى لاكتشاف حروف اللغة، وبين صوت همنغواي وبورخس او غونترغراس. ولا اهتم للنقطة التي تبدأ بها تأثيرات مقامات الحريري وابن المقفع والجاحظ حتى لو مَرت بمقولات ألكسندر باختين وجوليا كرستيفا وتودوروف او مقولات نقاد البنيوية، ولا اتوقف عند اصطدام ألف ليلة وليلة ونهج البلاغة بكانت او ميشيل فوكو او هابرماس اومالك بن نبي او علي الوردي. لفصل كل ذلك لابد يأتي عامل الطين الذي يسكن رأسي ليقوم بدوره.

سأعترف لك، انا أحب تشكيل صلصال القصص أكثر من تلقي دروس السرد او اعطائها، واتعلم من الطبخات المحترقة أكثر من وصفات الطبخ الانيقة. وقصتي الاثيرة هي القصة التي بدأ بها الكون. واعمل بجد من اجل صياغة ملامح قصتي الأخيرة التي اريد تركها لعشاق القصص. لذلك انا أحب كلمة (كُن) أكثر من كلمة (كان) التي نسرف كثيراً نحن كتاب القصص والروايات في استخدامها.

كتاب القصة أصبحوا مثل قبيلة تواجه خطر الانقراض

-كانت القصة القصيرة فناً مؤثراً في الستينيات لكن ذلك التأثير بدأ يخفت امام الرواية ما رأيك؟

– انا أؤمن ان السرد فعالية إنسانية قادرة على صناعة العالم وتغييره بدءاً من السرود التي تقال بين افراد العائلة على الغداء، حتى السرديات الكبرى التي تحول العالم الى وجبة طعام دون طعم مغاير.

السياسة سرد، والتاريخ سرد، والقوانين سرد، والدين سرد، وحراك المجتمعات قائم على السرد، لكن فن القصة القصيرة هو الكاميرا الأدبية الساردة التي تلتقط تفاعلات الحياة المختلفة وتشحنها بالخيال. ولن يموت السرد مادام هناك حكي، فالحكي هو الحياة.

وانا اود اهتبال هذه المناسبة للدعوة للاهتمام بفن القصة القصيرة التي بدأ كتابها يتناقصون بغرابة نظراً لإغواء الرواية، فخسرنا كتاب قصص رائعين ولم نربح كتاب رواية جيدين. حتى صار كتاب القصة القصيرة مثل قبيلة تنقرض شيئاً فشيئاً

سر صناعة القصص وأفق التجريب

-لنعد الى كتاب العراقنامه. ما الذي يخفيه هذا العنوان؟

– (كتاب العراقنامه) اسم الجزء الأول من أجزاء الكتاب. اما اسم المجموعة الكامل فهو (كتاب العراقنامه وبذيلهِ مدونات الفرقة الناجية بالصدفة) فهذه المجموعة القصصية ضمت خمسة كتب ملحقة بكتاب العراقنامه.هي (مدونة مقاطع عرضية من ذاكرة مستطيلة) وكتاب (قصص السواد الاشتراكية) وكتاب (مدونات (وحيدة المتروك) عن التاجر والثائر والجائع والمحتل واللوتي وعديم الانصاف) وكتاب (الزعباط الكبير) وكتاب (خيبة الظنون فيما كان وما يجب ان يكون) المعروف بكتاب (مع الأسف)، اما الفرقة الناجية فهي نحن الذين نجونا من الحروب والحصارات والإرهاب ومن الموت غيضاً ونحن نسمع انباء بيع الوطن ونهبه دون حياء.

– ذكر النقاد الذين قرأوا هذه المجموعة انها اعتمدت كثيراًعلى التجريب ودخلت الى مناطق غير مألوفة للسرد العراقي، ماهي سقف التجريب الذي وصلت اليه؟

-: حاولت هذه المجموعة ان تستعير تقاليد الورّاقين البغداديين القدماء ونُساخ الكتب، الذين كانوا ينسخون كتاباً ويضعون في ذيله كتاباً آخر وهذا أمر جداً شائع في مدوناتنا العربية. كما استعارت المجموعة تقاليد المؤلفين القدماء واستخدامهم لما كان يسمى بـ(التحشية) أي كتابة الحواشي والشروحات على المتون. وهناك مئاتالكتب التراثية المكتوبة بهذه الطريقة، يكفي ان نعرف ان امام لنحو العربي سيبويه كتب كتابه الشهير (الكتاب)، ثم جاء ابو الحسن بن عيسى الرماني ليشرح كتاب سيبويه، فيأتي النحوي أبو علي الفارسي ليضع حواشيه على الكتاب، ثم يتوالى أبو القاسم الزمخشري، وأبو عبد العزيز العيوني، والاخفش الأوسط، وأبو إسحاق الزجاج، وابو جعفر النحاس وغيرهم لوضع حواشيهم على من سبقهم.

كتاب العراقنامه هو عبارة عن متن كتبه شخص معاصر قام بتدوين حكايته، وقام شخصان آخران معاصران بشرحه ووضع حواشيهم وملاحظاتهم عليه. ورغم الطابع التراثي لاسم المجموعة الا ان فيها اشتغالات كثيرة على الحداثة وما وراء الحداثة، وعلى السرد وما وراء السرد، وعلى النص وما وراء النص. وهذا ما يجعلها في بعض المواطن غير ملائمة للقارئ العجول الذي يبحث عن قصص كلاسيكية. والتعامل معها نقدياً يحتاج الى أدوات نقدية متكاملة

قرائي يتمكنون من قراءة الصفحات حتى لو كانت فارغة!

-: من هم قراؤك

-: هذه النصوص تتعامل مع قارئ ذكي، فزمن (المتلقي) السلبي قد ولى في رأيي، وصار القارئ شريكاً في انتاج النص. فالنص لم يعد بالضرورة يعني ما يكتبه الكاتب فقط بل مساحة لفتح افق التأويل ((ذات مرة قمت بوضع بعض مفاتيح النص والاشارات الدالة، وتركتُ عشرة صفحات فارغة في مجموعتي (لا تقولي لأمي ان مير لم يصل) وأذهلني ان أكثر القراء أعجبوا بهذا النص غير الموجود اصلاً، وهذا دليل على ان القراء صنعوا نصوصهم الخاصة)). وبهذا اثبت القراء العراقيون انهم قادرون على قراءة الممحي!

-: يصف الكثير من النقاد والكتاب نصوصك بانها مختلفة، وان لك منطقة خاصة بك تكتب فيها، بماذا تختلف تلك النصوص عن غيرها؟

انا اشعر اني اهتم كثيراً بفيزياء النص وشكله ومناخاته، بنفس الدرجة التي أفكر فيها بعناصر التفاعل الكيميائي بين الحروف والمشاعر البشرية. كل ذلك من اجل صناعة صفقة للتواطؤ مع القارئ ودفعه للتفكير بالمعمار النصي، وما وراء السرد، وظلال الحكايات غير المصرح بها، والغواطس العميقة التي تصنع مجازاتها الخاصة. وعدم الاكتفاء بالدوران داخل ساقية اللغة.

لا أدري ان كان ما افعله مجدياً. لكنني أدري ان الحياة أصبحت معقدة كثيراً وهي تحتاج الى نصوص مختلفة تورط القارئ في ارتكاب النص وجعله شريكا في محنة الكلمات، وتستلهم تعقيد الحياة وتشابكها وتتفاعل معها ولا تكتفي بالنصوص التي يمكن كتابتها بمجرد قدرة الكاتب على تحويل النيكوتين والكافيين ووقت الفراغ الى كلمات. فالكتابة ليس بديلاً عن المقهى.

-: انت اعلامي واديب. هل قادك الادب الى الاعلام ام العكس.

إن دخولي للإعلام كان من بوابة الأدب، بعد إن كتبتالكثير من الأعمال الأدبية، حيث وجدت نفسي مضطراًللعمل الاعلامي، وفي مرحلة ما بعد عام 2003 وجدتالعمل الاعلامي مسؤولية تواجه كل النخب الثقافية، وبعدعودتي إلى العراق دعوت إلى مشاركة النخب الثقافيةللمساهمة في اعادة صياغة العقل العراقي، فهو يحتاجإلى الكثير من الترميم بعد أن مر بظروف سيئة في تجربةالنظام السابق وهذا الأمر من مسؤولية المثقف بالدرجةالأولى، كذلك دعوت إلى البدء بعملية ثقافية بموازاةالعملية السياسية. لكن ذلك لم يحصل فدفعنا جميعاً الثمن ووقعنا بين فكي التطرف والتطرف المضاد، وغرقنا في مستنقع الفساد وسوء الإدارة وكان يمكن معالجة هذه الأمور ثقافياً.

إن واحدة من المشاكل الكبيرة في البلد هي إننا أطلقنا عملية سياسية دونإطلاق عملية ثقافية بموازاتها لترسخ فكرة الديمقراطية، وتساعد على الخلاص من عقل الدكتاتور المهيمن. ومن استسهال اللجوء الى الخيارات العنفية، ولا أحد يستطيع القيام بهذه المهمة غير المثقفين، فوجدت إن منمسؤوليتي كمثقف ان اضع بصمة وأساهم في عملية ترميم الخراب، وليسأمامي من طريق غير الاعلام والكتابة اليومية في الشأن العام نتيجة لظروفالقراءة والنشر، وسوء الأوضاع الاقتصادية وقلة التعليم، وقلة الاهتمامبالمناخ الأدب فرأيت ان الوصول إلى الناس تكون أسهل عبر الاعلام. من اجل طرح بعض المفاهيم والأفكار التي تؤسس لعقلعراقي جديد، وقد ساندني بعض الأخوة والمشتغلين فيهذا المجال، إلا إن العراق ما زال بحاجة إلى عمل ثقافيمؤسسي كبير، ووضوح في الرؤية، حتى لا ينحصر الأمربعمل الأفراد، ليتم عبر ذلك اعادة صياغة المعادلات التيتتحكم في العقل العراقي. إن مشكلات العراق في جزءكبير منها هي مشكلة ثقافية.

-: حصلت على العديد من الجوائز في مجال القصةالقصيرة، داخل العراق وخارجه، لكنك بعيد عن المشهد الثقافي؟

إن المشهد الثقافي كلمة عام. اذا كنت تقصد التواصلمع الفعاليات الثقافية؟ فأنا متواجد، سواءً على مستوىالفعاليات في داخل العراق أو خارجه، وقد أكون منالمحظوظين القلائل الذين أتيحت لهم فرصة المشاركاتالثقافية في مختلف البلدان العربية، أما في العراق فانا اشعر بلا جدوى عدد من الفعاليات الثقافية التي تقاملمجرد اسقاط الفرض، دون وجود تخطيط او رؤية والتصور لما يمكن أن تؤول اليه أو تنتجه. أنا أحاولالتركيز على مشروعي الثقافي والفكري والابداعي، دوناشغال نفسي بتفاصيل بعض هذه الأنشطة التي لا تنتجأكثر من علاقات اجتماعية.

لم أعد أستطيع قراءة جزء كبير من الادب العراقيالتقليدي

-: تميزت بإدخال عناصر مجاورة إلى القصة القصيرة،ترى هل يشكل هذا منحاً حداثوياً في كتابة القصةالقصيرة؟

أحاول دائماً أن أكون مختلفاً، وأتجاوز ذاتي، إذ لافائدة من تكرار تجارب عفى عليها الزمن، فالعالم تغيروعلى الجميع أن يعي ذلك، إنه زمن السرعة، وحياتناأصبحت مرتبطة بالتقنيات الحديثة في التواصل ومتابعةالأحداث اليومية، فاذا كانت حياتنا قد تغيرت لهذه الدرجةلمَ لا ينعكس ذلك على الأدب؟ انا اريد أن أُحدث بعضالتغيير الذي يتناسب مع تطور الحياة، فمن خلال كتابتيللقصة القصيرة احاول صناعة عالمي الخاص وتقنياتيالخاصة تماشياً مع المتغيرات الحديثة في العصر،بالنسبة لي لم أعد أستطيع قراءة جزء كبير من الادب العراقي الذي يقوم على البوح الفج او على الترهل اللفظياو ذلك الايروتيك الرخيص او تلك الغيبوبة في أروقة اللغة. في وقتنا الراهن لابد للأدب أن يكون موازياً لأجيالوذهنيات وأفكار جديدة، وبالتأكيد ستضع هذه الاجيالصيغها وأشكالها الجديدة، هذا ما أحاول تكريسه فيتجربتي.

-: هل نجح كتاب العراقنامه في ان يحقق لك هذه الرؤية التي تتحدث عنها

لا اريد ان أكون متواضعاً زائفاً. انا اعتقد ان مجموعاتي القصصية ستشكل منعطفاً مهماً في السرد العراقي، وخصوصاً مجموعة (مقبرة الغراب، مشروع معماري للآخرة) التي تعد نقلة في القصة القصيرة، وأستطيع القول الآن ان السرد العراقي بعد (كتاب العراقنامه) لن يبقى كما كان قبلها. وان هناك شكلاً جديداً ومعايير جديدة للسرد ستظهر بأقلام الكثير من الكتاب العراقيين والعرب انطلاقاً من العراقنامه.

-: لديك وجهات نظر في السارد العراقي، حيث تعتبره مازال أسير تقليديتهُ وانتاج القوالب الجاهزة، على ماذااستندت في تقييمك؟

الكتابة مهنة صعبة وموقف أخلاقي من الحياة، لكن جزءكبيراً من كتّاب السرد العراقيين ما زالوا يعيشون تحتسطوة الأبوية الستينية التي أسس لها عدد من الأسماءالهامة في الأدب العراقي، وهذا التأثير ما زال سارياًلغاية الان، وهذا المناخ الستيني أسس تقاليد الإنتاج الثقافي وتقاليد التلقي لدى القراء وصار يمارس تلك الابوية التي تعتبر الخروج عن تقاليدها كفراً ومروقاً، وكلمن يريد الحصول على الشرعية في كتابة السرد، لابدأن يأخذها من كهنة المناخ الستيني، ثم جاءت المرحلة التالية التي تنظر للكاتب ونواياه اكثر ما تنظر للنص الادبي المجرد. ونحن الان في مرحلة ثالثة مختلفة بدأتاصواتها تنطلق الى مديات جديدة لتجرب مناخاتجديدة، وتنتج أدباً (مارقاً) جديداً، وتطرح مفاهيم وأفكارمتماهيةً مع الواقع غير العابئ بالأفكار الكبيرة قدرعنايتها بما تقدمه من فن بعد ان سقطت امامها السرديات الكبرى.

أرى إن السرد العراقي بدأ يتطور ويستلهم التجربةويستفيد منها ويدخل الى مناطق لم يجرؤ السابقون على دخولها، لذا إذا أراد السارد الاستمرار بهذا الخطالبياني المتصاعد عليه الاشتغال على نصوصه بعقليةوروحية جديدة، تتلاءم أو تواكب تحديات وتطوراتالعصر ومعطياته.

أحدث المقالات