23 ديسمبر، 2024 2:04 م

بعد سقوط نينوى بيد داعش أصبح أستقلال الأكراد قاب قوسين

بعد سقوط نينوى بيد داعش أصبح أستقلال الأكراد قاب قوسين

يحصد العراقيين اليوم زؤان المحاصصة المقيتة بعد أن ألقت بظلالها الداكنة على تشكيل الجيش العراقي وقوى الأمن والشرطة المحلية، التي ما لبثت وأن أنهارت أمام عصابات داعش في مدينة نينوى ثاني أكبر مدن البلاد، في حين تتوالى بين ساعة وأخرى دعوات رئيس الوزراء السيد نوري المالكي ورئيس مجلس النواب السيد أُسامة النجيفي مناشدين تارةً أبناء العشائر لحمل السلاح والتصدي لعصابات داعش!!! وأُخرى موجهة للقوات الكردية ( البيشمركة )!!!، لا بل ذهب السيد رئيس الوزراء الى أبعد من ذلك عندما أصدر أوامره بتطبيق المحاكم العسكرية الميدانية ( يبدو أنها التسمية الديمقراطية لفرق الأعدامات في زمن الطاغية! ) بحق الذين يلوذون بالفرار تاركين مواقعهم لتلتهمها الميليشيات الإرهابية!!!، ربما يأتي وقع هذه الأحداث الخطيرة مدوياً ليدفع الساسة في العراق الى إعادة تقييمهم للمرحلة السابقة بشكل جدي ومسؤول، ليصيغوا آلية لتشكيل الحكومة الجديدة المرتقبة في مختبرات بعيدة عن المحاصصة والمحسوبية والطائفية والمصالح الفئوية، ومن الجانب الآخر حبذا تُولَد الحكمة من رحم معاناة العراقيين هذه المرة لتجعلهم يفكرون ملياً قبل أن يضعوا بصمتهم على ورقة الأنتخابات عندما يتوجهون مستقبلا صوب مراكز الأقتراع.

وفي سياق حديثنا عن الأحداث الأخيرة في نينوى، فإلى جانب معاناة أبناء هذه المدينة بشكل عام، لا بد من الإشارة الى ما لاقاه وسيلاقيه أبنائها المسيحيين الذين هم أمتداد لأجدادهم الآشوريين، إضافة الى ذلك فقد أصبحت البلدات التي يسكنها أبناء أمتنا الآشورية في قضائي بغديدا وتلكيف وبقية البلدات المجاورة لها، على خط التماس تحت رحمة مليشيات داعش من جهة والقوات الكردية التي تتواجد فيها من جهة أُخرى، وهنا لابُدّ من الإشارة الى من وقف بالضد من دعوات إقامة منطقة آمنة للمسيحيين على هذه الرقعة ( منطقة سهل نينوى )، لنطالبهم بأستخدام “عصى موسى” لتوفير الأمن والأستقرار الذي لطالما تغنوا به في تصريحاتهم الوطنية المفرطة والتجربة الديمقراطية المزيفة طوال العشرة سنوات الماضية، التي خلالها أستُهدِف أبناء أمتنا الآشورية بشكل مباشر ومدروس، وأُرغِم أكثر من نصف عددهم على ترك منازلهم وممتلكاتهم وأراضيهم ومن ثم الى ترك البلاد حفاضاً على أرواحهم.

المشهد السياسي اليوم وشك أن يكون واضح الملامح لكل متابع لأحداث العراق بشكل عام، وفي هذه المنطقة على وجه الخصوص، ففي الوقت الذي أخفقت فيه القوات العراقية النظامية في صد الهجمة، أنسحبت القوات الكردية من المدينة وأحكمت سيطرتها الآن على طول الحدود الشرقية والشمالية منها، هذه الحدود تضم الى حد كبير العديد من الأقضية والقصبات التي يعتبرها الأكراد من المناطق المتنازع عليها والمشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي. أي بمعنى آخر فقد حسمت داعش الحدود الجغرافية في هذه المنطقة لصالح الأكراد، وإذا ما أحرزت مليشياتها تقدماً نحو جنوب المدينة من جهة، وطالت سيطرتها على نينوى من جهة أُخرى، ستدفع الأمور نحو أنفصال الأقليم الذي لطالما لوح به مسؤولين أكراد بارزين بين فترة وأُخرى في العديد من المناسبات، فالفرصة أصبحت مؤاتية لهم اليوم أكثر من أي وقت مضى، خاصة والعراق سيخوض غمار عاصفة تشكيل حكومة جديدة، في ظل الأنفلات الأمني الذي يعم معظم مدنه، والتناحر السياسي الذي يولده الصراع الطائفي، ورغبة التيارات السياسية المختلفة في السيطرة على مقدرات البلاد والقرار السياسي فيها. فهل ستفلح قطعات القوات الخاصة المتوجهة في هذه الأثناء الى المدينة لتحريرها في تغيير مسار الأحداث ؟ وإذا ما أخفقت في ذلك فهل للحكومة المركزية من ورقة أخيرة تُنقذ فيها البلاد من الأنقسام والفوضى والفلتان الأمني والحروب الأهلية ؟ الأيام القادمة حبلى بالأحداث المثيرة وربما مفاجآت غير متوقعة.