يبدو أن حدة الأزمة بين إقليم كردستان وحكومة بغداد، تصاعدت مرة أخرى بعد انباء عن زيارة رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني يوم الاثنين الى كركوك وتفقده لقوات البيشمركة المتواجده في مناطق طوخرماتو التي شهدت في منتصف تشرين الاول موجهات مسلحة بين عناصر من قوات عمليات دجلة التابعة للحكومة المركزية وعناصر من البيشمركة التابعة لاربيل ..
ولو أمعنا النظر الى الزيارة المفاجئة وبحثنا في حيثياتها سنجد انه بالتأكيد قد تعمق مجددا من حدة الأزمة المتجذرة بين التحالفين الكردستاني والوطني وقد تقوض في ذات الوقت مباردة رئيس البرلمان اسامة النجيفي التي علنت الاسبوع الماضي ولاقت ترحيبا من قبل الاطراف السياسية كافة الا انها بقيت حتى الان مجرد(حبر على ورق). .
نعم فقد تكون زيارة برزاني بمثابة تقويض لمبادرة النجيفي وتنهي ملف الحلول السلمية خصوصا وان توقيتها جاء في هذه المرحلة الحساسة والتي تقتضي التهدئة بين الأطراف المتخاصمة في حكومتي بغداد واربيل .
وقد اكون متشائما لو قلت بان تلك الزيارة ستير مجددا الحكومة الاتحادية وقد يعتبرها المقربون من مركز صنع القرار في بغداد بانها بمثابة : دق طبول الحرب التي لن يخرج فيها منتصر بالتأكيد وسيكون الخاسر الاكبر فيها العراق ارضا وشعبا …
وبعيدا عن العواطف والمهاترات الاعلامية يبدو ان التصعيد في الازمة جاء هذه المرة من قبل زعيم اقليم كردستان وبالتالي فان ملف الصراع سيشتعل مجددا لا سامح الله وقد تشهد الايام المقبلة ربما مزيدا من التوترات التي لا نتمنى مشاهدتها فهي مصحوبة هذه المرة بجحافل الفرق العسكرية المدرعة التي استمكنت في عدد من منطاق الصراع وهي تمثل طرفي النزاع :بغداد واربيل ..؟!
وبعيدا عن التظير غير الواقعي يبدو ان مبادرة النجيفي التي لم تتحرك حتى الان او لم تفعل بدليل وجود القوات العسكرية العائدة لـ (البيشمركه و لوزارة الدفاع الاتحادية ) فضلا عن المشاحانت والتصعيد الاعلامي الذي حدث يوم الاحد وتبادل حكومتي بغداد واربيل الاهامات مجددا عبر وسائل الإعلام فضلا عن الزيارة التي أجراها البرزاني إلى كركوك صباح يوم الاثنين..
فهذه كلها مؤشرات بان الحرب على الأبواب وهي خيار متداول من قبل صناع القرار في بغداد واربيل رغم انها خيار صعب ولا نتمنى أن نشاهده أطلاقا فالعراقيين ما يزالون أخوة (حتى يقع الدم) لا سامح الله..
وعلى الرغم من وجود الرئيس طالباني في بغداد قبل يومين وإجرائه لقاءات منفردة مع زعماء من التحالف الوطني وقيادات من الدعوة ألا ان الأمور قد لا تبشر بالخير فالجميع متمسك بوجهته نظره ويطالب بسقف مرتفع من المطاليب وبالتالي فان التصعيد الإعلامي والزيارات المفاجئة لمناطق الصراع قد يفضي إلى مزيد من الاحتقان السياسي وعلى السياسيين ان يتحلوا بمزيد من ضبط النفس والتروي في الشعب لا يحتمل مزيدا من الحروب و لا حتى مستعد ان يقديم مزيدا من التضحيات…