23 ديسمبر، 2024 4:53 ص

بعد تناغم دبلوماسي متصاعد: هل تلعب بغداد دور الموازن الإقليمي مجددا؟؟

بعد تناغم دبلوماسي متصاعد: هل تلعب بغداد دور الموازن الإقليمي مجددا؟؟

يعيش عراق اليوم تناغما منفردا بين قياداته التنفيذية والتشريعية قد لا يبدو ثمة اتفاقا بين رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئاسة مجلس النواب ربما بشخصية رئيسه محمد الحلبوصي.
قد يصح القول ان بوجود نوع من التفاهم الطبيعي بين عبد المهدي وصالح بعد عمر طويل من العمل السياسي المشترك في المعارضة او ضمن التشكيلات الحكومية منذ عام 2003 ، لكن مستجدات التناغم بين السلطة التنفيذية ورئاسة مجلس النواب في زيارات الحلبوصي الداخلية والخارجية ارتكزت على مضمون المنهاج الحكومي الذي تقدمت به وزارة عبد المهدي كنموذج جديد للإصلاح السياسي والاقتصادي، وما يجري اليوم من دفء دبلوماسي عربي واقليمي ودولي في زيارات متعددة الأطراف لبغداد ، او زيارات قام بها صالح لتركيا وقطر، ناهيك عن زيارات الحلبوصي، تؤكد ان هذا الدفء ليس قائما على مناورة انية او مصالح متعارضة بل كبداية لتحقيق ما يمكن للعراق القيام به ضمن الوظائف الاستراتيجية بوصفه ( الموازن الإقليمي) القادر على حلحلة النزاعات وابرام الاتفاقات بالشكل الذي يحقق مصالح دولية وإقليمية ، مهمة ليست سهلة وتحتاج الى دراية ومعرفة بخلفيات متعددة الأطراف .

سبق للعراق وان استضاف في بغداد مفاوضات 5+1 للوصول الى حلول مشتركة لملف إيران النووي، واليوم يمكنه بجدارة إعادة المحاولة لكن هل ثمة افاق دولية لاسيما أمريكية وفرنسية تمكنه من الاتيان بما توافق عليه الارادات الدولية مقابل مواقف إيرانية وإقليمية تتعامل مع مفردات عمل على الأرض بحاجة حلول جذرية لإعادة اعمار العراق وهو يخرج من حطام الحرب مع داعش الإرهابية.

هناك اكثر من راي في هذه الاطروحة، مراقبون يجدون ان مكافأة العراق في ظل هذا التناغم الحكومي التشريعي تتطلب مواقف إقليمية ودولية داعمة بقوة لمشروع مارشال عربي -إقليمي -دولي، ليس وفقا لنموذج اجتماعات الكويت بعنوان “استثمر في العراق” بل تحت مشروع أوسع “ادعم اعمار العراق” ويجدون في هذا التناغم في الأداء الوظيفي لقيادات الدولة ما يمكن ان يحققه لمصلحة الجميع بما يبعد شبح الإرهاب عن المنطقة ويعيد ترتيب الكثير من الأوراق الاستراتيجية المتعارضة بما فيها ورقة الاعتراض الأمريكي على اتفاقية 5+1 للملف النووي الإيراني، وهنا يتجسد الدور العراقي الفعال في إيجاد قاعدة الحوار غير المباشر من بوابة ” الموازن الإقليمي” المشترك .

في المقابل، تعكس الفرضيات أعلاه ظهور سقوف عالية من المطالب لاسيما الإيرانية، مقابل مواقف أمريكية وعربية تتطلب من الترويكا الاوربية العمل على تشذيبها بالشكل المقبول دوليا، وربما يصار الى عقد أكثر من مؤتمر إقليمي او دولي على هامش اجتماعات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب او ضمن اهتمامات الأمم المتحدة لوضع الأسس الجديدة للعلاقات الإقليمية في الشرق الأوسط ما بعد داعش.

لكن ما يتفق عليه المراقبون في عراق اليوم يؤشر الاهتمام الإقليمي والدولي بضرورة العمل الجاد والفعال على احياء السلام الأهلي في هذا البلد ودون وجود تفاهمات إقليمية ودولية، فان الكثير من مفردات منهاج عمل الحكومة الحالية وهي تبدأ بعد الأيام الأخيرة للمائة يوم الأولى من عمرها ولم تنته حتى الان في إقرار الكابينة الوزارية، يحتاج الى أفعال وليس مجرد الامنيات الحلوة لمشاعر دبلوماسية دافئة.