18 ديسمبر، 2024 6:52 م

بعد تراجعها لسنوات.. سورية تستعيد عافيتها الإقليمية

بعد تراجعها لسنوات.. سورية تستعيد عافيتها الإقليمية

دخلت منطقة الشرق الأوسط الآن ومن البوابة السورية مرحلة إستراتيجية هامة، بعد أن نجحت سورية في تضييق الدائرة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب وأنشطته، وبالمقابل هناك تحركات متسارعة ومكثفة على أكثر من جبهة، وتصريحات عدة لمسئولين دوليين وإقليميين، تشير في جملتها إلى أن المنطقة على أبواب مرحلة جديدة، وأن مرحلة الصراعات والفوضى التي عمت المشرق العربي، في السنوات الأخيرة، قد إستنفذت غاياتها، وأننا نتجه نحو مرحلة التسويات، فزيارة الرئيس الأسد إلي دولة الامارات أسفرت عن تفاهمات جديدة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية خاصة فيما يتعلق بالشأن السوري، يتبعها زيارة وزير الخارجية السوري الى السعودية، ليعلن مرحلة جديدة للعلاقات بين دمشق والرياض بعد أن شكلت الأزمة السورية العقبة الكبرى أمام تطور العلاقات السورية السعودية، كما في العلاقات السورية ودول الخليج.

 

بصورة علنية، الكل يبذل الكثير من الجهود في المشاورات والمباحثات الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي في سورية، لذلك أرى أن هناك تحول كبير بالساحة السورية وتطورات كبيرة تعمل على تضييق الأزمة السورية، خاصة أن عدة دول غربية-عربية بدأت تعيد حساباتها وتغير موقفها من الحكومة السورية، وتتضمن الكثير من المدلولات والمواقف الجديدة والمفاجئات المختلفة، لانها تعكس تغييراً جذرياً في أولويات السياسة الغربية-العربية تجاه سورية.

 

في السياق ذاته، يوجد تحرك إماراتي مصري أردني عراقي لبناني عماني جزائري قوي في إطار المطالبة بعودة سورية إلى الجامعة العربية، وهذا مؤشر إلى أن العديد من الدول العربية ترحب بعودة سورية لبيتها الطبيعي، ما يعطيها قوة أكبر للتعامل مع التحديات التي تواجهها خاصة من القوى الفاعلة في النظام الدولي.

 

إن المتتبع للشأن السياسي يرى أن كل هذه الاتصالات تمهّد لاحتضان عربي لدمشق في المرحلة المقبلة، بعد ان لمس العرب سلبيةَ ابتعادهم عن سورية، غير ان البارز سيكون في زيارة وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله لدمشق لدعوة الرئيس الاسد لحضور القمة العربية التي تستضيفها الرياض في أيار المقبل، إنطلاقاً من حاجتها إلى محور سورية المقاومة، وإعادة دمشق إلى حضنها العربي.

 

وعلى الرغم من أحاديث الرئيس الأمريكي بايدن بشأن حلحلة الملف السوري، فإن الحقيقة مختلفة تماماً، حيث أدخلت قوات الاحتلال الأمريكي قافلة من الشاحنات تحمل دعماً لوجستياً وأسلحة إلى قاعدتها في حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي وذلك في إطار تعزيز احتلالها، بالتالي فأن تواصل قوات الاحتلال الأمريكي نشر عدد من قواتها في مناطق آبار النفط في الجزيرة السورية لسرقة النفط هناك.

 

ومعلوم أن الولايات المتحدة لاتزال تعرقل أي إنجاز لحل الأزمة السورية، كما تحاول منع تقارب أي دولة مع سورية، والجميع يعلم أن الحرب التي تقودها أمريكا ضد داعش مجرد كذبة كبرى، وما ملاحقة “الإرهابيين الإسلاميين”، وشن حرب وقائية في جميع أنحاء العالم، سوى ذريعة لتبرير أجندة عسكرية أمريكية لتحقيق مصالحها.

 

وعليه، نفهم غض أميركا والغرب النظر عن حرب تنظيم داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى، لأنها تدرك أن سورية قادرة على قيادة المنطقة والصراع ضد إسرائيل، لذلك تعمل على تدميرها وإضعافها في المنطقة، وفي هذه اللعبة فإن الشعب السوري على دراية تامة بهذا المخطط الأمريكي، وزراعتها لداعش التكفيري في المنطقة، للوصول إلى الغاية المرجوة، وهي تقسيم سورية طائفياً وإضعافها في المنطقة.

 

وفي النتيجة، سورية إختارت ان تؤسس محوراً جديداً مع روسيا وايران والصين والعراق وحزب الله مقابل المحور الغربي وحلفاؤه من الدول العربية، محور يدعو الى حلول سلمية سياسية لأزمات المنطقة على خلاف المحور الآخر الذي طالما سعى ولا يزال للتدخل عسكريا في دول المنطقة.

 

ببساطة، سورية التي انفتحت أمامها أخيراً الأبواب العربية والإقليمية تجد نفسها تتعافى بعد أن تحولت إلى عاصمة العالم تطرق أبوابها قوى الشرق والغرب وفي إطار ذلك كانت سورية ولا زالت مفتاح السلم والحرب في العالم، هي من ترسم المعادلات، وهي من تقرر التحالفات، وهي من تقود المعارك على الأرض لترسم خارطة المنطقة.

 

بالتالي فإن كل المعطيات على الساحة السورية اليوم، توصلنا لنتيجة لا تقبل الشك، وهي أن الجماعات الجهادية وأخواتها تلاشت وان نهايتها باتت أدنى من حبل الوريد بفضل التطورات الميدانية التي أحرزها الجيش السوري وحلفاؤه على الأرض خلال الأسابيع القليلة الماضية، لذلك ستظل سورية صامدة شامخة بعد أن أغلقت الأبواب بإحكام وأبقت على فتحات إستنزاف الغرب وحلفاؤه، وهنا يمكن القول إن الإرهاب يلفظ آخر أنفاسه، لذلك فإن الأيام المقبلة حاسمة، خاصة في الميدان الذي يميل لمصلحة الجيش السوري الذي حسم أمره في التصدي للعدوان ومواصلة القتال حتى تحقيق النصر الذي يُبنى على نتائجه الكثير في المشهد الإقليمي والدولي، وبذلك أثبتت سورية أنها الوحيدة والقادرة على هزيمة الإرهاب وأنها حائط الصد وصمام الأمان في المنطقة.

 

[email protected]