25 فبراير، 2025 9:32 ص

بعد الغاء الاعفاء — اصلاح قطاع الكهرباء متى ؟

بعد الغاء الاعفاء — اصلاح قطاع الكهرباء متى ؟

اصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب،، قرارا بإلغاء الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الكهرباء والغاز من إيران، ضمن حزمة جديدة من العقوبات تستهدف الضغط على طهران , وتضمنت المذكرة مراجعة شاملة لأي تراخيص أو إعفاءات كانت تمنح لإيران تخفيفا اقتصاديا، بما في ذلك الإعفاءات المتعلقة بمشاريع مثل ميناء تشابهار الإيراني، مع التشديد على تصفير صادرات النفط الإيراني، بما في ذلك تلك المتجهة إلى الصين , وأكدت المذكرة، على “اتخاذ خطوات فورية بالتنسيق مع وزارة الخزانة لمنع إيران من استخدام النظام المالي العراقي أو دول الخليج كنقاط شحن للتهرب من العقوبات

يعد العراق، ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية، لكنه يستورد الكهرباء والغاز من إيران بما يتراوح بين ثلث و40% من احتياجاته من الطاقة، بسبب نقص المرافق اللازمة لمعالجته، وعند حدوث أي توقف في التصدير يؤثر مباشرة على تجهيز الطاقة الكهربائية للعديد من المحافظات العراقية، ما يعكس “بدائية” السياسة الغازية وفق متخصصين، الذين أكدوا أن الحل باستثمار الغاز الوطني لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتخلص من مشاكل الغاز المستورد, وكانت الولايات المتحدة قد اعادت مرارا مطالبتها للحكومة العراقية بإنهاء اعتمادها على مصادر الطاقة الإيرانية. وقال متحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية إنّ واشنطن بصدد مراجعة جميع الإعفاءات الحالية من العقوبات التي تقدم لإيران أيّ شكل من أشكال الإغاثة الاقتصادية أو المالية، داعيا بغداد إلى إنهاء الاعتماد على الطاقة الإيرانية في أقرب وقت ممكن

وكانت الإدارة الأميركية في عهد الرئيس السابق جو بايدن قد مددت لعدة فترات متلاحقة إعفاءها للعراق من الالتزام بالعقوبات وذلك لتمكينه من شراء الغاز والكهرباء من إيران على أن يكون ذلك حلا مؤقتا قصير المدى, وأضاعت الحكومات العراقية وقتا ثمينا لحلّ معضلة الكهرباء التي لا تبدو مناسبة بأيّ شكل للبلد الغني بالنفط والذي يُتلف سنويا كميات كبيرة من الغاز المصاحب لاستخراج الخام والتي يتمّ حرقها وكان استغلالها كفيلا بحل مشكلته إلى حدّ كبير، الأمر الذي يحيل مجدّدا على عدم توفّر إرادة سياسية لتحقيق استقلال البلد في مجال الطاقة والعديد من المواد الحيوية الأخرى عن إيران المجاورة, شخصيات نافذة كثيرا ما عرقلت تنفيذ مقترحات لإصلاح القطاع بدعوى عدم جدواها وارتفاع تكلفتها، وذلك بهدف الإبقاء على خيار استيراد الغاز من إيران والذي يستخدم كسلاح للضغط على بغداد , وسيكون مطلوبا من العراق بموجب سياسة ترامب المشدّدة ضد إيران أن يلتزم بحَرْفية العقوبات الأميركية المفروضة عليها وأن يضبط حركة تسريب الدولار إليها لتجنّب لجوء واشنطن إلى وقف المبالغ التي تحولها إليه بشكل منتظم وهو إجراء سيكون له في حال تنفيذه أسوأ الأثر على وضعه الاقتصادي والمالي

ومع طول أمد أزمة الكهرباء في العراق وتكرارها منذ سنوات طويلة وتفجيرها موجات غضب شعبي، تكرّرت المطالبات بتقليص الاعتماد على الغاز المستورد من إيران في تشغيل محطات التوليد، وكان من بين المطالبين بذلك خبراء وتقنيون اقترحوا حلولا عملية من بينها استخدام الغاز المصاحب لاستخراج النفط الخام في توليد الطاقة بدل حرقه وإتلافه، وتجديد شبكة نقل الكهرباء المتهالكة بالكامل، لكنّ مثل تلك المقترحات لم تجد طريقها للتنفيذ من قبل الحكومات العراقية المشكّلة أساسا من أحزاب وفصائل شيعية ذات ارتباطات وثيقة بإيران وحريصة على تأمين مصالح طهران وحماية نفوذها في البلد,,ويقول منتقدون للسياسات الحكومية العراقية في مجال الطاقة الكهربائية إنّ شخصيات نافذة من تلك الأحزاب والفصائل كثيرا ما عرقلت تنفيذ مقترحات لإصلاح القطاع بدعوى عدم جدواها وارتفاع تكلفتها، وذلك بهدف الإبقاء على خيار استيراد الغاز من إيران والذي يستخدم من قبل الأخيرة كسلاح للضغط على بغداد في مسائل سياسية وأمنية وأيضا اقتصادية ومالية. ويعاني العراق منذ تسعينات القرن الماضي نقصا في إنتاج الطاقة الكهربائية تظهر حدّته بشكل أوضحفي مواسم ذروة الاستهلاك مطلقة موجات احتجاج شعبي , ولا يعتبر الفكاك السريع من الارتهان للغاز الإيراني مهمة سهلة، ليس فقط بسبب العوائق التقنية والمالية، ولكن أيضا بسبب عوائق ذات طبيعة سياسية تقف وراءها أحزاب وفصائل ذاتنفوذ كبير ومعروف عنها ولاؤها لإيران وحرصها على تأمين مصالح الجمهورية الإسلامية بما في ذلك مساعدتها على الالتفاف على العقوبات الأميركية باستخدام مقدرات الدولة العراقية , ولا يعتبر الفكاك السريع من الارتهان للغاز الإيراني مهمة سهلة، ليس فقط بسبب العوائق التقنية والمالية، ولكن أيضا بسبب عوائق ذات طبيعة سياسية تقف وراءها أحزاب وفصائل ذاتنفوذ كبير ومعروف عنها ولاؤها لإيران وحرصها على تأمين مصالح الجمهورية الإسلامية بما في ذلك مساعدتها على الالتفاف على العقوبات الأميركية باستخدام مقدرات الدولة العراقية

وقد تصدر الحكومة قرارات في اتجاهين، الأول بدء تفعيل قطاع الغاز المصاحب في العراق، والثاني التوجه نحو دول الخليج العربي لتأمين الغاز والتأكيد على الإسراع بخطوط نقل الطاقة الكهربائية مع دولة الجوار، عدا إيران”.من جهته، أشار الباحث في الشأن العراقي عبد الله الركابي، إلى أن “وفود أميركية زارت أكثر من شخصية عراقية مهمة وفاعلة داخل ائتلاف إدارة الدولة خلال الفترة الماضية، ونقلت الرسالة الأميركية الخاصة بمنع استيراد الغاز الإيراني في المستقبل، لكن الشخصيات السياسية العراقية لم تعر أهمية لهذه الرسالة، وحالياً صاروا في موقف صعبأ “الصيف قادم، وأن اليأس الشعبي في أوجه من الطغمةالحاكمة حالياً، وقد تتفجر التظاهرات الشعبية في أي وقت”. وواجه العراق أزمات كبيرة بتوفير الطاقة الكهربائية، بسبب عدم التزام الجانب الإيراني بتصدير كميات الغاز المتعاقد عليها مع العراق، لتشغيل محطاته الكهربائية، إذ جرى قطع كميات الغاز أو تقليل كمياتها المصدرة للعراق مرات عدة في الصيف الماضي، ما أحرج الحكومة العراقية بتوفير الطاقة، وتسبب بموجة تظاهرات وغضب شعبي في عدد من المحافظات

ويعمل العراق على استثمار الغاز المصاحب من عدد من الحقول النفطية في محافظة البصرة في توليد الكهرباء، بمعدل 600 مليون قدم مكعب يومياً، إضافة لاستثمار شركة “غاز البصرة لإنتاج 400 مليون قدم مكعب من الغاز، وإذا تم ذلك فإن العراق سينتهي من مشكلة حرق الغاز المصاحب نهاية عام 2027، ما يمنع خسارة البلاد أكثر من مليار دولار سنوياً إضافة للأضرار البيئية والمناخية ,, جرى طرح جولتين لتراخيص الاستكشاف في البلاد، شملت أكثر من 10 حقول نفطية وغازية شرق البلاد ستوفر ما لا يقل عن 800 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز، أما الجولة الثانية فتتضمن 13 حقلاً وموقعاً تمتد على مساحة تسعة آلاف كيلومتر مربع ضمن مناطق الأنبار ونينوى والنجف، ويتوقع أن يصل إنتاج العراق في تلك الرقع إلى أكثر من 1.5 مليار قدم مكعب من الغاز، الأمر الذي سيمكن بغداد من التصدير إلى الأسواق العالمية,, يتوقع خبراء أن يكون العراق قادراً على تصدير 28 مليون متر مكعب يومياً من الغاز نهاية عام 2027، مبيناً أن هذا الرقم على تواضعه مقارنة بمصدري الغاز في العالم، إلا أنه مرجح للارتفاع بشكل كبير في السنوات اللاحقة بخاصة أن المساحات غير المستكشفة تبلغ 80 في المئة من مساحة البلاد.

ويحاول العراق تقليص اعتماده على الأسواق الخارجية في ما يتعلق باستيراد الغاز لتوليد الكهرباء، إذ ينفق سنوياً قرابة ستة مليارات دولار لاستيراد الغاز من إيران، ما يستنزف إيراداته المالية ويعرضه لأخطار العقوبات الدولية ,, إضافة إلى ذلك، فإن العراق يسعى للاستفادة من الطاقة الشمسية في إنتاج 20 في المئة من حاجته من الكهرباء، إذ تم التعاقد مع شركة “أكوا باور” السعودية لإنجاز مشروع بطاقة واحد غيغاواط في النجف ويخطط لاستثمار عديد من المشاريع في كل من كربلاء وواسط والمثنى، وفي حال تحقق تلك المشاريع فإن العراق سيكون قادراً على توفير قرابة 10 غيغاواط من الطاقة النظيفة تسهم في سد جزء كبير من حاجته من الكهرباء.,,وتعمل بغداد على تسريع عملية الربط الكهربائي مع دول الخليج والأردن، الأمر الذي قد يسهم في حل مشكلة الكهرباء قبل نهاية هذا العقد، إلا أن الأمر يتطلب أيضاً حل مشكلة خطوط النقل والتوزيع وأتمتة نظام الجباية لتحقيق النتائج المرجوة وجعل قطاع الكهرباء مسهماً في دعم الاقتصاد العراقي , وبيتوقع خبراء انه بحلول عام 2027، سيستغنى العراق عن استيراد المشتقات النفطية ويوفر مليارات الدولارات يمكن أن تستخدم لزيادة الاستثمار في هذا القطاع ويتحول العراق من مستورد إلى مصدر لها

نحن مقيلون على صيف عراقي لاهب , ويقف العراق عاجزا عن حل أزمة الكهرباء، فوزارة الكهرباء غير قادرة على تلبية نصف حاجة البلاد من الطاقة الكهربائية في أفضل الظروف المتمثلة بتوفير الغاز الإيراني والوقود الوطني، في حين سيزداد هذا العجز خلال السنوات المقبلة بسبب تضاعف الطلب على الطاقة في نتيجة طبيعية لزيادة السكان وتوسع المدن ,, ويبلغ الطلب الكلي الحالي على الكهرباء في العراق 36 ألف ميغاوات، بينما يبلغ حجم الطاقة المنتجة 26 ألف ميغاوات في حال توفر الغاز الإيراني بشكل كامل، حيث يفترض أن يصل الغاز الإيراني إلى العراق بكمية 50 مليون لتر يوميا.

لا حلول قريبة تلوح في الأفق لمعالجة مشكلة الكهرباء في العراق، فالعراقيون سيعيشون أزمة انقطاع الكهرباء الوطنية طيلة السنوات الخمس المقبلة على أقل تقدير إذا واصلت السلطات المعنية الليل بالنهار من أجل إيجاد البدائل للوقود الخاص بمحطات توليد الكهرباء وإن أخفقت في ذلك فإن الأزمة ستدوم لفترة أطول

أحدث المقالات

أحدث المقالات