23 ديسمبر، 2024 6:10 ص

بعد العيد.. بناء أخلاقي وقتالي للجيش!

بعد العيد.. بناء أخلاقي وقتالي للجيش!

كيف الان من دون برابرة؟ لقد كانوا نوعا من حل”.. كافافي
مضى العيد.. عيد الفطر المبارك، وجيشنا يقضم المحيط الجغرافي للأنبار، مجتزئا “الفلوجة” نسيج وحدها، والموصل، ريثما يبلغ التحرير الناجز.. إن شاء الله، مستعيدا ثلث العراق الذي إحتلته “داعش” بيسر لا يتناسب مع الإنفاق المبهظ لميزانية الدولة على التدريب والتسليح، فلا خبر جاء ولا…
حلت علينا مرحلة ما بعد صيام رمضان وبهجة العيد، تضعنا أمام المسؤولية الرسمية، لنفض ثوب العراق من عوالق غبار الإحتلال ونجاسة الفساد و… البلاوي التي نعيشها.
تبدو الحكومة.. ممثلة بتشكيلتها الوزارية، التي يرأسها د. حيد العبادي.. عازمة على إزاحة ما تراكم على نوم الدولة، من كابوس خراب متعمد؛ أفرزته المحاصصة، التي يراد منها أن تتكفل المديريات والوزارات بتمويل الأحزاب، ولو بإبتزاز المراجع، وتسليبه من خلال الارهاب الرسمي!
تلك مشاكلنا الداخلية، التي تشظى بموجبها القرار، وتناوءت المواقف، فتيسر على “داعش” إحتلال الموصل والانبار وكان بإمكانها ان تخترق بلدا لا عاصم له، حتى تناخت فصائل المقاومة والحشد الشعبي.
 
براكين تستعر
وجب علينا الإشتغال الجدي؛ لردم الفجوات الفاغرة فاها مثل براكين تستعر بلهيب جهنم، وأول خطوة هي تدعيم مصدات العراق الداخلية والخارجية، ضد أي إحتلال أخلاقي او عسكري.
يتأسس جيش قوي بتحويل نفقات رفاه ودلال وبطر الجيش، الى دورات تدريب؛ تصقل قدرات المتمكن منهم؛ كي يُفرَزُ العاجزون.. ذوو العضلات المائعة والكروش المضحكة، الذين يصلحون منلوجستات فكاهيين أكثر من عسكر مقاتلين.
وجبات غذاء دسمة توزع على سيطرات لا عمل لمنتسبيها، سوى مضايقة المواطنين الشرفاء، وتسهيل مهمة الاعداء، وتقاضي رواتب تفوق التصور، لو كرست للتسليح والبناء العسكري الأمثل، لأستطعنا الدفاع عن وطننا كالآخرين.
بعد التدريب القتالي، يحتاج جيشنا بناءً أخلاقيا، ومن أهم عناصره، تدريبهم على الإحتكام لمبادئ الرجولة، إذا تداعت الأوامر الرسمية، فالولاء لا يحتاج قرارا من مسؤول لمرؤوسيه.
وكل هذا يصب في كون الجهد الدولي المتكلف، المبذول في تحرير الموصل والانبار، مبالغ به، لو قيس مع السهولة التي إستسلم بها الجيش لشيطان الهزيمة، يوم 10 حزيران 2014، ناشرا جناحيه فوق القلوب يهزها داخل الأفئدة!
 
بناؤون ومخربون
تعاظم المخربون وتضاءل البناؤون، من كل حيز وصوب في العراق، وضاقت الدنيا بما رحبت، من حولنا، حتى جاء الإتفاق النووي، بين ايران وأمريكا؛ ليبرد جمرة الشرق الاوسط، المستعرة بالحروب والحصارات والازمات والعقوبات الدولية، على شعوب، جزاءً لشخصيات، هم يغرسونها وبعد إستنفاد المراد منها، يحارون في كيفية إقتلاعها، فيجربون الحرب على شعوبها ومحاصرتهم و… الان بتوقيع الاتفاق، إستنفدت “داعش” مقومات وجودها، وستكف امريكا عن دعمها، وتمتثل السعودية وقطر، للأمر.. لن تخرجا عن الطاعة، محيدتان تحرزاتهما الطائفية، وربما تلتحق تركيا بهما، ويستوي الموضوع.
 
إستواء الأمر
وإذ يستوي الأمر؛ فإن الشرق عموما، والعراق خصوصا، يتوفر على مقومات النماء الحضاري المتسارع، لو منحته الظروف سبيلا لإستثمار وفوراته؛ بالتحرر من الطغاة وشذاذ الآفاق المتدفقين عليه من أصقاع الأرض. تحدوهم شراهتهم للمال والجاه.
بالتخلص من تلك التخرصات كافة او جزئيا؛ يمكننا التخطيط والتنفيذ جيدا، مؤسسين وطنا يرفه أبناءه، ويسعد الاجيال تلاحقا على ارضه.
 
تعميم الخاص
للصيام والعيد من بعده، رؤيا كونية، لو أردنا ان نكون بلدا ذا عمق حضاري، نافذ للأمام.. غير راكس في التخلف للوراء؛ لأن ترويض الذات، صوما عن الغرائز.. لا أكل ولا شرب ولا جنس ولا غيبة ولا نميمة ولا نظرة شازرة من قوي لضعيف.. فما يعيشه الفرد، كافٍ للتطبيق على المجتمع؛ ونعّيد بهزيمة “داعش” وعودة الدولة الى رشدها.. شكلا ومضمونا؛ فترويض الذات، يعيدها الى حظيرة الجمال، ويفيض منها الى المحيط الاجتماعي من حولها.. كل ينذر نفسه لإسعاد الآخرين.. دينيا ووظيفيا وإقتصاديا وسلوكيا.. من المقهى الى قبة مجلس النواب.