19 ديسمبر، 2024 1:09 ص

بعد الانکاث هل سيعتذرون للشعب

بعد الانکاث هل سيعتذرون للشعب

بعد انتهاء الدورة الانتخابية لمجلس النواب العراقي والبالغة أربع سنوات حافلة بالأحداث السياسية البعيدة عن المهام الاساسية التي يجب ان تطغى عليها روح التفاني لخدمة المجتمع وحل معظلاته الاساسية واستمرار ظهور الازمات بشكل مُزمن كالبراكين التي ابعده عن العطاء واقر فيها قوانين غير متناسبة مع الاهمية واهمل أخرى حيوية وتاسست فيه تحالفات غريبة فی کل شیء، كما ان الانشطارات اشتدت بين اعضائه وحملات التسقيط خیمت علی مفاصله وكثرت المؤتمرات الصحفية الدعائیة الغیر المبررة والتسویقیة كانت من علامته المسجلة. والاكثر خطور والاهم هو ضياع الرؤية الوطنية والمشروع الوطني لبناء الدولة العراقية . وبالنتيجة تجسيد واضح في الفشل وضعف الاداء البرلماني. وهذا مصداق لمبدأ مضمونه أن الاجراءات المغلوطة تقود الى نتائج مغلوطة ولو على المدى البعيد وقد اکثر اعضاء المجالس فی غیاب النصاب القانوني وثبت ان مجلس النواب العراقي المنتهي ولایته لا یقل فشلا عن المجالس السابقة في عدم إقرار قوانين مهمة تمس صميم المجتمع وسيادة الدولة ، واقرار قوانين ليست ضرورية وتجاهل تشريعات مهمة تتعلق بالاقتصاد والثروات وقوانين استراتيجية مؤجلة منذ سنوات أبرزها إكمال التعديلات الدستورية، وتشكيل “مجلس الخدمة الاتحادي” المسؤول عن عملية التوظيف في دوائر الدولة، وقانون النفط والغاز الغیر مکتمل والتی علیه ضجة ولغط بسبب النواقص الموجودة فیه و الذي يعتبر المشكلة الأساسية بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، وكذلك بين الحكومة الاتحادية والمحافظات المنتجة للنفط جنوب البلاد . بل المجلس المنتهي ولایته فاق فی عدم اصدار قوانین حیویة ومصیریة تتناسب مع المرحلة كما في المجالس السابقة والتوجه الى القوانين المقدمة التي تخدم مصالحهم وتحقيق مكاسب شخصية لهم بلا مسوغ شرعي على حساب المال العام أو المصلحة العامة عموماً، تضمن لهم ولذويهم السقف الأعلى من الامتيازات والحقوق التي لم يكن تخطر على أذهانهم يوم كانوا في المعارضة السياسية للنظام البائد او خلال تواجدهم خارج المجلس على حساب استنزاف المال العام العراقي .کما الغيابات الكثيرة بين النواب في كل جلسة تعتبر استهانة بالناخبين العراقيين وعرض للمادة 18 من النظام الداخلي للبرلمان الذی ینص “على أن يوجه إنذار خطي للنائب في حال تغيبه لخمس مرات متتالية أو عشرة غير متتالية من دون عذر مشروع، وأن تستقطع نسبة معينة من مكافأة النائب يحددها المجلس، على ان تنشر قوائم الغيابات والحضور في الصحف المحلية لاطلاع الرأي العام”،و يتحمل رئاسة البرلمان مسؤولية ظاهرة الغيابات الكثيرة بين النواب لعدم تنفيذ العقوبات القانونية ضدهم، ولقد بلغ نحو مئة نائب غائب في كل جلسة وهي ظاهرة سلبية منعت من القيام بعمل البرلمان واقرار مشاريع قوانين مهمة . بينما كانت مشاهد استجواب وزراء ومسؤولين في البرلمان شكلية، وهناك نواب طالبوا استجواب المسؤولين في السلطة التنفيذية لأغراض الدعاية الانتخابية فقط .ان کل الدلائل تشیر الی أعضاء مجلس النواب ارتکبوا جريمة الحنث باليمين الدستورية التي أدوها وفق المادة (50) من الدستور العراقي اذ انهم أقسموا على المحافظة على مصالح الشعب والسهر على صيانة الدستور والحريات العامة والخاصة والحرص على تطبيق التشريعات بأمانة وحياد في الوقت الذي تؤكد أفعالهم خلاف ذلك فالخطاب الطائفي المقيت الذي کان يعلو تصريحاتهم وبياناتهم التي تضمن اغلبها التسقيط السياسي وتوجيه الاتهامات ومواقفهم الفئوية والحزبية والتستر على المفسدين والمجرمين ديدن العديد منهم بل ان الغالبية العظمى منهم يجتزأ في خطابه وأدائه الوظيفي ما يتناسب مع ما يريده رئيس الكتلة أو الحزب الذي ينتمي اليه ويبتعد في خطابه عن ملامسة الحاجات الحقيقية للشعب العراقي. ما يتنافى مع العدالة والحيادية والمهنية لا بل التغطية المتعمدة على الفساد المستشري في بعض الوزارات والمؤسسات بغية تقاسم حصيلة تلك الاموال المنهوبة والتي تدر على خزائن الاحزاب وتستعمل في الانتخابات .وحتی لو اثيرت مسألة المساومات التي تعرض لها البعض من المسؤولین فجرى التغطية عليها والالتفاف عليها بطريقة درامية والعجيب ان المحاكم التي تعد المختصة بالتقصي عن الجرائم قالت كلمتها بتأييد النفي وكأن أمر لم يكن وطغت الصبغة السياسية على عمليات الاستجواب او يجري توصيفها بالسياسية على الرغم من تقديم المِستجوب ادلة وبراهين على قضايا الفساد والخلل الاداري في جلسة الاستجواب. هذه العوامل انعكست بشكل مباشر وغير مباشر على الصورة الكلية لمجلس النواب العراقي وخلقت منها صورة قاتمة لدى افراد المجتمع دفعتهم دائما الى التشكيك في اجراءات المجلس على انها اجراءات هدفها خدمة من هم في السلطة في الدرجة الاساس واداة للتسقيط بين (الكتل السياسية ) و أثر سلبا على درجة مقبولية المجلس لدى الشارع العراقي وبالتالي تشكلت حالة رفض عام للنظام السياسي القائم کذلك فان جل ما صدر عن البرلمان العراقي من قوانين هي مرتبكة بالصياغة ناقصة في البناء التشريعي عاجزة عن مسايرة تطور الحياة اليومية لمؤسسات الدولة متعارضة مع القوانين الأخرى أو مع الدستور صراحة والتي تم الاتفاق علیها سرا وبقیت تلک القوانین التی لها مردود یخدم المواطن فی اروقة المجلس غشتها الاتربة . واضافة الی ان البعض من القوانین تسببت بمشاكل في الحياة العملية أو أدت إلى تمكين الحكومة والسلطة التنفيذية عموماً من هظم حقوق المواطن العراقي وحرياته في الوقت الذي من المفترض ان يكون مجلس النواب حامي الحقوق والحريات الأول أوليس هو من جاء ليعبر عن احتياجاتهم أوليس هم من انتخبوه ليمثلهم ويحميهم من تسلط الحكومة وانحرافها عن مسار العدل في التعامل معهم أوليس كل أعضائه اقسموا اليمين بان يحافظوا على الحريات العامة والخاصة الا ان الواقع يقول عكس ذلك مع الاسف ولا مفر من ان الحقيقة أن مجلس النواب هو الرافعة الأساسية للحياة الديمقراطية، وهو يحتاج إلى منظور تنموي مؤسسي لتطوير الأداء النيابي وحماية الديمقراطية وتجذيرها. ولابد أن يشتمل برنامج تنمية أداء مجلس النواب تطوير أداء اللجان النيابية وتنمية حضورها وإعادة النظر في أنواعها وتخصصها وآلية تشكيلها وموضوعاتها و اذا ما اردنا تأسيس دور رقابي لمجلس النواب لابد من تعزيز هدف بناء الدول العراقية بالدرجة الاساس، ومن ثم تعزيز الثقة بين المكونات السياسية و تفعيل جانب المعارضة في البرلمان لإضفاء المزيد من روح المواطنة على عملها ،.ففي الجولات الأخيرة لمسنا عدم المبالاة وفقدان هيبتها لابل انزوائها عن الحضور لاکمال المدة القانونیة فی ظل الصراعات الشخصیة وغياب روح المسؤولية التي يجب أن تعمق في سلوك الحكومات وفي وعي المواطنين وان ما شهده مجلس النواب خلال الاشهر الماضية يستدعي الشروع بأجراءات اصلاحه وربما تكون الفرصة مؤاتية لذلك في بداية شروع الدورة القادمة وتشكيل حكومة خدمية اكثر مما ان تكون سياسية لكي تكون مسؤولة امام البرلمان وتقدم برنامج حكومي مقبول وخطط سنوية وخمسية وتشكيل لجان فنية متخصصة لمتابعة تطبيقها حول السياسة العامة للبلاد قبل منحها الثقة. وتكون هذه البرامج المعيار في تقييم الاداء و تقديم المقترحات لتصحيح الاداء فيه… فهل سيعتذر اعضاء المجلس امام هذه الحقيقة المرة بعد الانكاث.

أحدث المقالات

أحدث المقالات