17 نوفمبر، 2024 5:17 م
Search
Close this search box.

بعد الانتخابات ماهو المطلوب ؟!

بعد الانتخابات ماهو المطلوب ؟!

بغض النظرعن كل تلك الصيحات عن ما حصل من تزوير لنتائج الانتخابات وما صدر من قرارات بشأنها من مجلسي النواب والوزراء ،فان الحقيقة التي ينبغي الاعتراف بشأنها انه لن يحصل تغيير كبير على مستوى تسلسلات الكتل الفائزة .. ربما تغيرنتائج اشخاص فيفوز خاسر وينزاح رابح لكن العملية بمجملها تؤشر حجم الخلل الكبير في مجمل العملية السياسية التي ولدت مشلولة بل ميتة سريريا بسبب المحاصصة .. نقول بغض النظر عن كل ما سيحصل فان العقدة الاصعب ستكون عن طبيعة التحالفات والكتلة الاكبر التي سيتعين عليها ترشيح رئيس الوزراء للاربع سنوات المقبلة ومواصفاته والالية التي ستحدد نوعية الاتفاقات لاختيار رئيس الجمهورية و رئيس مجلس النواب والتي لا نظن انها ستخرج بعيداً عن عباءة المحاصصة لاسباب عديدة من ابرزها هذا الفهم البائس والخاطيء لمفهوم التوازن المبني على تقسيم المجتمع وليس توحيده وبالتالي اصرار الكتل على ان يكون لها مناصب ومواقع في السلطات الثلاث وغيرها من مؤسسات الدولة .. فمنذ الاحتلال غابت السمة الوطنية التي تجعل من رئيس الجمهورية او مجلس النواب او مجلس الوزراء للعراقيين جميعا بغض النظر عن قوميته او طائفته .. فقد غيب هذا المفهوم بتعمد وصارت المحاصصة عرف تبني عليه الكتل اتفاقاتها ، واذا اضفنا الى كل ذلك عدم قبول اي كتلة ان تخرج خالية الوفاض من تقسيم المواقع والمسؤوليات فتختار المعارضة، لادركنا كم تبعد الكتل والاحزاب عن الحد الادنى من مفهوم الديمقراطية الذي يتقاطع مع المحاصصة مهما اضفوا عليها من تسميات ..
وفي كل الاحوال فان هاجس الشارع الشعبي سواء المقاطع او المشارك ببصمته بالانتخابات ، هو هل حقاً سنلمس خطوات جدية وفعلية لمحاربة الفساد واعادة جزء ان لم نقل كل الاموال العامة المسروقة ووضع حيتان الفساد في قفص الاتهام لينالوا عقابهم العادل ؟!
المواطنون بفطرتهم يعرفون ان ليس لمجلس النواب او الحكومة عصا سحرية يمكن ان تصلح خراب خمسة عشر عاما بايام .. وهي لن تطلب من رئيس مجلس الوزراء او سواه ان يكون مثل مهاتير محمد في ماليزيا الذي استطاع اعادة 50مليار دولار للخزينة وزج رئيس الوزراء السابق وخمسة وزراء وقضاة وشرطة بالسجن لفسادهم وخلال خمسة ايام فقط .. نحن ندرك اننا في وطن انهكته صراعات دموية راح ضحيتها الابرياء ، لكنهم يطالبون وبشدة ان تشهد الايام الاولى اتخاذ خطوات عملية لمحاربة الفساد تبدأ بالغاء قانون اتحاد البرلمانيين العراقيين سيء الصيت الذي مرربغفلة عن الرأي العام ، كما من حق عوائل الشهداء والنازحين والاطفال الابرياء واليتامى والارامل المطالبة بفتح ملف تسليم الموصل والمحافظات الاخرى الى عصابة داعش الارهابية واطلاق سراح الابرياء من المعتقلين ممن تعفنت اجسادهم في غياهب السجون وبرءتهم محكمة الجنايات العليا ، ناهيك عن ملفات رواتب ومخصصات الوزراء واعضاء مجلس النواب واصحاب الدرجات الخاصة .. نعتقد انها تطلعات شعبية مشروعة ومعقولة بل ان جميع الكتل ضمنتها برامجها الانتخابية !!وما عليها الا ان تفي بوعودها فما عاد للعراقي قدرة تحمل وصبر ليبقى اربع سنوات اخرى يشبع فيها قهر ووعود وشعارات !

ومن المهم ان نمر ولو سريعا على المقاطعة الشعبية الواسعة للانتخابات لمجرد تذكير الكتل السياسية بمدلولاتها العميقة التي من ابرزها انها سئمت المحاصصة والطائفية وضعف القانون والفوضى و الفساد بكل انواعه .. ومهما قيل عن نسبة المقاطعة التي تشير احصاءات منظمات محايدة انها كانت تتراوح بين الـ 80% و75% ، فان الحقيقة التي لايختلف عليها احد ان الشعب رفض الفاسدين فحتى من شارك اختار وجوه وكتل يامل ان تنصف الوطن وتنتشله مما هو فيه ..ومهما حاولت بعض اطراف العملية السياسية التزوير والتلاعب بعدد المصوتين الحقيقي فانها تدرك حجم المقاطعة التي تعني صراحة وعلنا رفض الشعب لممارساتهم وهيمنتهم على المشهد السياسي، لذا نتوقع منها ان تسعى جاهدة لعرقلة واعاقة اي خطوة جدية للتغيير الجذري والعودة الى نفس خطابهم الطائفي البائس لتضليل الشعب واختلاق ازمات مع محاولة تخدير الشارع الغاضب الذي لانتوقع ان يسكت في هذه المرحلة اذا ما تم تجاهل ابسط حقوقه المشروعة .. وقد تكون التظاهرات الشعبية بعد الانتخابات والهتافات المدوية برفض المحاصصة بداية ثورة الفقراء ضد الحرامية من المسؤولي.
اليوم مطلوب من القوى والتيارات السياسية الوطنية واعضاء مجلس النواب غير الملوثين بالفساد ان يعوا الدرس جيداً .. ويستعدوا لمرحلة ما بعد الانتخاب فصبر المواطن هذه المرة لن يكون طويلا . وآن الاوان لرسم مسار جديد للعملية السياسية بعيدأ عن المحاصصة وان نلمس كمواطنين بداية تغيير يعيد للعراق ولشعبه هيبته .. فهل تفهم الطبقة السياسية ذلك ؟!

أحدث المقالات