23 ديسمبر، 2024 10:41 ص

بعد الانتخابات … الصراع (الشيعي ـ الشيعي) على الأبواب

بعد الانتخابات … الصراع (الشيعي ـ الشيعي) على الأبواب

بعد سقوط النظام السابق اصبح فكرة أن أكون سياسيا أسهل من فكرة أن أكون موظفا بسيطا في دائرة متواضعة والسبب يعود لصعود حفنة من النطيحة والمتردية والنافقة والتالفة والموبوءة ومن كلا المذهبين لبرج السياسية ، الطريف أن المذهبين رشحوا لنا كل الأصناف التي لا تتفق مع المائدة الإسلامية بل وحتى مع المائدة الفلبينية التي ترى في وجبة العشاء من ( الكلاب ) دعوة مهمة للأصدقاء المقربين ، إذ أصبح البرلمان العراقي الجديد مأوى ومرتع لكل فاسد وفاسق ومتسلق ولو بحثنا عن قيمة ( الوطنية  ) في قلوب الحضور وبأحدث الأجهزة لما وجدناها حتى لو كنا نملك حفارة صخر ضوئية تعمل بالحاسوب عن بعد .

ربما السبب الرئيسي يكون في صعود الرعيل الأول من ( العملاء ) لها صدى وأثر في نفوس باعت كل قيمة ابتداءاً من القيمة الأولى فهي واقصد القيمة الأولى نجدها في الذات وبعدها البيت ثم الوطن وكيف نطلب منهم ايجاد قيمة لوطن وهم لا يجدون في ذواتهم قيمة وفضيلة يسيرون وفقا بقوانينها الأخلاقية ، فالكل يتكلم بالدين وبسيرة الصحابة والـــ (البيت) الأطهار الأخيار جميعا فلو سمعناهم ونحن لا نعرف أفعالهم لأصابنا الهول والبكاء خشية وفرحاً لأننا في زمن وجدنا فيه رجال صادقون عاهدوا الله ، ولكن للأسف فرحتنا لم تكتمل بمجرد أن نتذكر افعال أفضلهم فكيف بتصرفات أفشلهم ولنا في هادي العامري مثالاً مقرفاً لساسة الشيعة وفي مشعان الجبوري مثالاً مخزياً لأهل السنة.

واهم من يظن أن المالكي سوف يتخلى عن الولاية الثالثة بسهولة حتى لو أعلن علناً خروجه من فلك ( إيران وأميركا ) فهو لن يتوان في ضرب المرجعية في وقت هو أحرج أن يكون متملقاً متلوناً خانعاً ملمعاً لهم ، ولكنه ضربهم بعرض ( الحائط ) حين أحس بأنهم سائرون على غير هواه وهو مستعد لطرد كل مرجع غير عراقي من العراق بل مستعد لتحريك القضاء ضدهم واعتبارهم الممولون للإرهاب بل الداعمون والمحرضون للإرهاب والذيل مدحت المحمود جاهز وعلى هبة الأستعداد لإيجاد مادة بــ ( جرة قلم ) تدين المرجعية وتعتبرهم ضرراً وآفة يجب التخلص منهم .

الوجوه الشيعية الثلاثة القوية ( نوري ، عمار ، مقتدى ) كما معروف لنا إنهم سائرون طيلة هذا العقد في فلك إيران ( حباً أو خوفاً ) لكن في هذه المرة سيخرجون عن طوع إيران حتى لو لوحت لهم بالعصا الغليظة ولا تنفع مع المالكي منح ( مقتدى والحكيم ) ملايين الدولارات ، فالكل اصبح غنيا متجاوزاً فكرة ( الابتزاز المادي ) ، نعم سابقاً كانوا يبحثون عن أي مبلغ لقاء موقف مناصر أو غير مناصر لهذا أو ذاك ، لكن الآن اصبحوا من عمالقة أثرياء الوطن العربي وبدأت الفكرة السياسية تستهويهم فعلاً وهم مستعدون لشراء منصب رئيس الوزراء بأي ثمن مادي لأنهم يعلموا أن هذا المنصب هو بئر ذهب لا ينضب مع بلد مثل العراق ناهيك عن نشوة الفوز وكسر الخصوم والتي هي أهم حتى من الكرسي نفسه وعليه سوف يكون من الصعب اقناع أي طرف من الأطراف الثلاثة بالتخلي عن كرسي رئاسة الوزراء لصالح احد الأطراف ، وكلا منهم يعتقد أنه الأجدر بهذا المنصب ، فالمالكي يعتبر حزب الدعوة هو الحزب الأكثر تضحية والأفضل ، والمجلس الأعلى يعتقد أنه لم يحصل على الاستحقاق الذي يتناغم مع تضحيات المجلس وخصوصا وهذه الـ ( خصوصا ) في هذه الدورة تجعله أكثر حباً وولعاً وطمعاً بالمنصب بعد أن حقق نتائج لم يحققها المجلس طيلة الفترة المنصرمة ، أما السيد مقتدى فهو يعتقد أن الوقت حان لاستبدال المالكي والانتقام من قيس الخزعلي ( الطفل الخارج عن طوع ) أسم السيد محمد محمد الصدر والمسنود من المالكي وهذا السبب من أهم أسباب كره السيد مقتدى لنوري المالكي ونفس السبب كان (سراً) خبيثاً ناجعاً ادى إلى نجاح نوري المالكي في ضرب التيار من الداخل وإعلاء ( شلة مارقة ) منتخبة من شلة فاسقة ،  فهم لا يختلفون بالكليات بل هناك بعض الجزئيات التي اختلفوا بها تمثلت في حبهم للنفوذ والسلطة وليس حباً بالوطن والمواطنين وشعاراتهم زائفة صورة وأصل .

كما أجزم بالمطلق لا وجود لصراع سني شيعي ( قادم ) فالقادة المحسوبين على أهل السنة تماماً منبطحين لكل قوي من الأسماء الثلاثة أعلاه ولا يشكلون أي خطر يهددهم ، بل على العكس الآن يحاول أي طرف من الثلاثي الشيعي استعطاف أهل السنة ليضمن جبهة هادئة في هذه الفترة يستطيع من خلالهم ضمان عدد الأصوات التي تؤهله لنيل مبتغاه وقادة أهل السنة السياسيون أكثر الرموز الباحثة عن مناصب وسلطة حتى لو كان على ذبح كل سني في العراق.

إذن الصراع ( الشيعي ــ الشيعي ) أقرب علينا من أي صراع محتمل وخوفنا أن يتحول بلحظة شيطانية إلى صراع مسلح ، فالكل قد عزم على القتال حتى الموت لضمان الولاية له وأكثرهم قوة وشراسة وجنون هو المالكي وحزب الدعوة فهم يعتقدون أن خروج الولاية منهم تعني نهاية حزب الدعوة والملاحقة القانونية لهم حتى لو هرب أحدهم إلى آخر الدنيا وعليه فقتالهم الآن قتال حتى الموت ولا مجال للجلوس على مائدة المفاوضات مطلقا إلا بضمان كسب الولاية وبعدها يكون التفاوض على الوزارات سهلاً ويسيراً ، وعليه ستكون الأسابيع والأشهر القادمة مؤلمة بحق الأبرياء ولا يوجد خاسر إلا الشعب بكل الحالات وهذه هي السياسية قذرة في صفاءها ونقاءها وأقذر في سوادها وظلامها .