18 ديسمبر، 2024 5:15 م

بعد اغتيال محسن فخري زاده ذيول ايران في انتظار غودو

بعد اغتيال محسن فخري زاده ذيول ايران في انتظار غودو

علي الكاش
هل تتذكروا ما قاله وزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك سترو حول ضرب مفاعل تموز النووي في العراق” لقد زودت ايران اسرئيل بالعديد من الصور الجوية للمفاعل النووي العراقي، فدمرت اسرائيل بدورها هذا المفاعل، كان الأمر أقرب الى كونه تعاونا اسرائيليا ايرانيا”.
توزعت ردود الفعل الإيرانية بعد إغتيال العالم النووي محسن فخري زاده في خمس اتجاهات متعارضة:

اولا: موقف مجلس شورى الدولة ومرشد الثورة
صرح رئيس مجلس الشورى الايراني (محمد باقر قاليباف ) بقوله” اللعب من جانب واحد قد انتهى”. وقال مستشار المرشد الايراني لشئون الدفاع (حسين دهقان)” إن رد ايران سيكون ذكيا”، ويبدو ان هناك رد فعل ذكي، وآخر غبي! اعطى مجلس تشخيص النظام مهلة للغرب مدتها شهرين لرفع جميع العقوبات الامريكية على النظام، وبخلف ذلك سيطبقوا قرار البرلمان. الأمر الغريب ان الخامنئي في لقاءه مع الكاظمي قال له ان الجنرال سليماني كان ضيفكم واغتيل في بلادكم، مطالبا برد من قبل الحكومة العراقي عبر طرد القوات الامريكية، نقول للخامنئي وهذا عالمكم النووي اغتيل على أرضكم، فأين ردٌكم؟ ربما أعجب الخامنئي بالمصطلح الجديد لذيوله في لبنان (الصبر الإستراتيجي للنظام الايراني) ووجده البلسم لجرحه.

ثانيا: موقف رئيس الحكومة روحاني
قال الرئيس روحاني ” الشعب الإيراني ومسؤولوه أشجع من عدم الرد على اغتيال الشهيد فخري زادة، الجهات المسؤولة سترد في الوقت المناسب على الإغتيال”. موقف حكومة روحاني قال روحاني في مكالمة له مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان في3/12/2020 ” سننتقم في الوقت المناسب، نحن نعرف الذين ارتكبوا عملية الإغتيال، والطريقة التي استخدموها”. واشارت الحكومة انها غير معنية بقرار البرلمان، لأن الأمر يخص السلطة التنفيذية ومجلس الأمن القومي، وليس البرلمان.
وبعد اتهام السعودية ودول التطبيع جاء تصريح جديد لروحاني ما بعد ترامب” ان ايران مستعدة للتعامل مع جميع جيرانها الخليجيين”.

ثالثا: موقف البرلمان الايراني
صرح مسؤول في البرلمان: بأكثرية مريحة صادق البرلمان الايراني على مشروع يطالب بوقف العمل بالبروتوكول الإضافي، ورفع نسبة التخصيب الى 20% على الفور”. لكن حكومة روحاني رفضت المشروع لأنه ” لا يصب في مصالح البلد العليا”. لأن مثل هذا المشروع سيجعل ايران تتعرض الى المزيد من العقوبات الاقتصادية. الحقيقة ان موقف روحاتي يأتي ضمن سياق توزيع الأدوار، وهي لعبة يجيدها النظام.

رابعا: الحرس الثوري الايراني
قال (حسين سلامي) قائد الحرس الثوري الايراني” ان اغتيال فخري زاده تم بتخطيط وتوجيه من اسرائيل، وان الإنتقام لمقتله بات على جدول أعمال الحرس”. في حين نفى المتحدث الرسمي بإسم الحرس الثوري الإيراني (رمضان شريف) ما ذكرته وسائل اعلام ايرانية “عن تغريدة للقائد العام للحرس الثوري حسين سلامي، بالإنتقام والعقاب الشديد لمن قتل العالم النووي محسن فخري زاده على جدول اعمال الحرس”. وأشاد البعض بما يسمى (الصبر الإستراتيجي) للنظام الايراني.
خامسا: تصريحات ذيول ايران
قال محلل سياسي لبناني. إذا اعترفت اسرائيل بالمسؤولية عن هذه الجريمة، والرئيس الامريكي ترامب أيضا، وإذا ثبت وبدلائل محددة وواضحة ان اسرائيل تقف وراء هذا الجريمة، فأنه من المؤكد فأنها ستجد ردا من ايران”. الغريب في أمر هذا المصدر انه سرب معلومة خطيرة الى اسرائيل وهي ان لا تعترف بأنها المسؤولة عن الإغتيال حتى تتجنب ردة فعل ايرانية. وعدم اعتراف اسرائيل سيبرر لنظام الملالي السكوت عن الموضوع؟ كما انه تناسى اعتراف روحاني بأن اسرائيل تقف وراء عملية الأغتيال.
وقال دبلوماسي ايراني ” ان اسرائيل تريد ان تثبت للمطبعين الجدد انها تستطيع ان تشفي صدورهم، ويشفي غلهم من ايران”. ولكن قبل التطبيع مع اسرائيل تم إغتيال (4) علماء ذرة ايرانيين! فما علاقة التطبيع بالإغتيال؟
لكن الطف تعليق ايراني كان” ان ايران لن تقع في فخ ينصب لها”، يقصد الرد على اسرائيل سيكون فخا لجرٌها الى حرب. بعدها ثم تضاربت مصادر أخرى حملت السعودية والامارات ومجاهدي خلق المسؤولية. وقال ذيل سوري” ان اسرائيل ليست لديها جهوزية للحرب”!
اذن اليست هذه افضل فرصة لأيران ومحور المقاومة للرد على اسرائيل لعدم وجود جهوزية للقوات البرية والجوية الاسرائيلية.
قال محللان لبنانيان من جماعة حزب الله” في مناسبة وفي وقت، يكون ان شاء الله قرب يريد، ان كنتم تعلمون فهم يعلمون، ويرجون من الله ما لا يرجعون”. ورد آخر” كان الرد الايراني ساحقا من قبل الإيرانيين، فهناك قرار من البرلمان، يلزم الحكومة على رفع منسوب تخصيب اليورانيوم الى 20%”. وشاطره معمم من حزب الله ” هذا هو الرد الحاسم والجاسم”. وقال آخر ان ايران لن تستدرج الى مواجهة مباشرة”، وأشاد ذيل آخر” بالصبر والحكمة لدى القيادة الايرانية ومحور امقاومة”. وهناك من اعتبر ان عملية الإغتيال هي من نتاج الحلف الاسرائيلي الامريكي السعودي الجديد. وقال ذيل آخر” نحن نتربص بكم ان يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بإيدينا فتربصوا، إنا معكم متربصون، هذا هو القرار الإلهي الذي تسير عليه الجمهورية الاسلامية ومحورها”.مضيفا: ايران ليست ضعيفة، بل قوية جدا، ولو كانت ايران ضعيفة أمنيا، لكنا شهدنا اكثر من ذلك بكثير”. هذا المحلل لا يعترف بالخلل الأمني الذي صاحب عملية الإغتيال، متناسبا ان (4) علماء ذرة ايرانيين تم اغتيالهم قبل هذا العملية. وتناسى سرقة الأرشيف النووي، واغتيال المقبور سليماني، والرجل الثاني في تنظيم القاعدة ابو محمد المصري، وتفجير منشأة طنز النووية وغيره من الخروقات الأمنية.
وقال ذيل آخر” ان عملية الإنتقام الايراني قد بدأت” لكن كيف؟ وقال آخر” ان اسرائيل والولايات المتحدة تتلقى ضربات في اليمن، اللجان الشعبية في اليمن يستهدفون مواقع حساسة في السعودية، وتسائل بغباء يستحق التقدير: اليس هذا رد؟”. هذا المحلل غرب عن باله ان نظام الملالي يزعم ان لا علاقة له بحرب الحوثيين، ولا يزودهم بالسلاح، وهذه قضية داخلية تخص اليمنيين، أي هم ليسوا بذراع ايراني ولا ينفذوا أجندته، فوقع في فخ نصبه لنفسه. وقال آخر” طلب البرلمان من الحكومة الايرانية الموافقة على الطلب لمضاعفة ميزانية مركز الأبحاث والتطوير في وزارة الدفاع الايرانية، كردٌ أولي على عملية إغتيال فخري زادة”. رد مثير جدا.
تضارب حول طريقة الاغتيال
ما يجب الإنتباه له ان التصريحات الرسمية الايرانية تضاربت حول طريقة اغتيال زادة، وهذا عهدنا بهم، فالبعض ذكر انها ضربة عن بعد، وآخر قال كان الاغتيال عن قرب بإطلاق رصاصات أصابته ثلاثة منها، بعد مقاومة من قبل حراسه الشخصيين، واخرى عبر توجيه الكتروني، وأكدت وكالة فارس القريبة من الحرس الثوري، ان الإغتيال تم برشاش اوتوماتيك، يتم التحكم به عن بعد بالأقمار الصناعية او الريمونت كونترول. وقال (فريدون عباسي) عضو البرلمان الايراني والرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية الايرانية ” ان فخري زادة عاد من شمال ايران الى طهران بسيارة مصفحة مع حراسه الشخصيين، وعلى أطراف ايران وتعرضت العجلة الى ثلاث اطلاقات نارية، فتوقف السيارة لإستطلاع الوضع، وتم اطلاق النار عليهم من قبل رشاش يتحكم بها عن بعد كان مثبتا على سيارة، وليس بواسطة مجموعة من المنفذين كما اعلن سابقا، واصيب زادة بثلاث رصاصات اثنين في الكتف وواحدة في الظهر، وفجرت السيارة التي تحمل الرشاش عن بعد ايضا”. بمعنى انه لا علاقة لمجاهدي خلق وانصارها او اية منظمة ايرانية معارضة في عملية الاغتيال. وقال نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني ( العميد علي فدوي) إن العالم النووي، محسن فخري زاده ” لقي حتفه بواسطة رشاش باستخدام الذكاء الاصطناعي، وذلك وفق تصريح أدلى به لوكالة أنباء محلية بتأريخ 6/12/2020.
بالطبع الغرض من هذه التصريحات، هو عدم الإعتراف بوجود خرق أمني كبير، يفضح النظام أمام شعبه، وذيوله في الخارج، فإيران اليوم في موقف لا تحسد عليه، سيما ان إغتيال قائد كبير في الحرس الثوري الايراني على الحدود العراقية السورية تزامن مع اغتيال زادة. والدليل على ذلك.
أولا: انكرا ولدا محسن فخري زادة في لقاء تلفازي في 5/12/2020 نظرية الرمي عن بعد وبوسطة الأقمار الصناعية.
ثانيا: كانت زوجة محسن فخري زادة، تجلس بجنبه في السيارة خلال عملية الإغتيال ولم تصب برصاصة، وكانت على بعد (25) سم عن زوجته، مما يدل على ان الرمي كان بواسطة أشخاص، تجنبوا إصابة زوجته، ولو كان على بعد فلا يمكن للزوجة أن تنجو. واكد ابنائه ان عملية الإغتيال كانت اشبه بساحة حرب. لكن من هم أطراف الحرب؟ لذلك لا صحه لما قاله علي فدوي، علما ان حراس العالم النووي كانوا(11) شخصا.
مما يدل على الخرق الأمني الكبير، ان زاده تلقى تحذيرات من فريق أمنه الشخصي من مغبة السفر لحضور اجتماع خاص، لكنه أصر على الذهاب.
اما حزب الله اللبناني وذيله العراقي فقد اكدوا ادانتهم للعمل الذي وصفوه بالإرهابي، لكن لا رد ولا تهديد لاسرائيل ولا غيره. الأطرف منه ان تحالف الفتح في العراق لا يرى بأسا من الرد الأيراني على ان لا تشتعل المنطقة!
اما موقف الرئيس الامريكي الجديد بايدن، فقد ذكر ” يصعب القول الى أي مدى سيعقد اغتيال فخري زاده التعامل مع ايران”. بمعنى اية ردة فعل طائشة من ايران، ستزيد من تصلب الرئيس الجديد اتجاهها. ومن الجدير بالتنوية ان قيام مصادر امريكية بتسريب معلومات لإيران بأن اسرائيل هي التي تقف وراء اغتيال زاده، ربما القصد منها، حثها على القيام بعمل عسكري ضد اسرائيل، فتوفر بذلك الغطاء لترامب لتوجيه ضربة عسكرية قاصمة.
هل انتهت الرواية الايرانية عند هذا الحد؟
كلا بالطبع، فالنظام لديه دائما اسطوانات جديدة نب منها اسماعنا، في 11/12/3020 قلب مستشار رئيس البرلمان الايراني (حسين امير عبد اللهيان) ـ حسب بيان ومن وكالة انباء الطلبة الايرانية ـ ظهر المجن عن التصريحات السابقة بقوله” جرى إعتقال بعض المشاركين بإغتيال العالم النووي في البلاد الشهر الماضي”، فأين الرشاش الآلي. واين الرمي عن بعد بواسطة الأقمار الصناعية؟ بالطبع هناك المزيد من الاسطوانات المقبلة.