اتفق الرئيس الامريكي “الديمقراطي” باراك اوباما ومنافسه على الرئاسة “الجمهوري” ميت رومني , اتفقا على ان حماية اسرائيل ودعمها هي على رأس اولويات الحكومة الامريكية القادمة , بل ذهبا بهذه القضية الى حد تغليب مصلحة اسرائيل على مصالح الشعب الامريكي الذي ينتخبهم, وهنا لا اريد الحديث عن مصير فلسطين وشعبها لان الامر كان واضحا للجميع منذ البداية أي منذ اول لحظة توافد فيها اليهود الى فلسطين ومن ثم اعلان دولة اسرائيل , حتى اصبح الجميع يُدرك ان لا هزيمة لاسرائيل قبل هزيمة الولايات المتحدة الامريكية , ولا دولة فلسطينية على اراضي الـ 67 او ما تبقى من الاراضي الفلسطنية قبل موافقة اسرائيل على ذلك . ان الامر الذي اريد الحديث عنه هنا هو اتفاق اوباما ورومني على ان النظام السوري بقيادة بشار الاسد ينبغي ان يزول وان سوريا بهذا النظام انما تهدد وجود اسرائيل , ولم يختلف الرجلان حول سوريا, فبالقدر الذي تعهدا فيه بسقوط الاسد تعهدا بدعم المعارضة السورية وخاصة المسلحة . وقد وصل دعم هذه المعارضة الى حد منحها اسلحة فتاكة وصواريخ “ارض جو” وهنا السؤال الذي ابحث عن اجابة له : اذا كانت امريكا الامس واليوم وبعد اربعة سنوات تعد امن اسرائيل هو امنها وتعتبر نظام الاسد خطرا على اسرائيل ويجب ازالته أي اسقاط نظام الاسد , فهل تريد امريكا نظاما سوريا اشد خطورة على اسرائيل من الاسد !؟ ام انها تبحث عن نظام ( لااقول صديقا لاسرائيل ) بل نظاما لا يهدد اسرائيل !؟ ام انها تريد تدمير سوريا كدولة ووجود جغرافي وسياسي !؟ من الواضح ان امريكا خططت ورسمت شكل سوريا بعد الاسد , ولها في ذلك خيارات عديدة ولها بدائل عديدة فيما لو لم تستطع تحقيق احد خياراتها , ويبدو ان خيار امريكا الاول والمفضّل هو قيام نظام سياسي في سوريا يُشبه النظام السياسي في العراق , أي قيام نظام يعتمد الطائفية والعرقية اللتين يمنعا قيام حكومة قوية قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية كما يحدث في العراق منذ العام 2003 على ان يكون رأس هذه الحكومة (سنّيا) ويعتمد على عمقه العربي الموجود في الخليج والدول العربية الاخرى , كما تعتمد الحكومة العراقية على عمقها الطائفي في ايران , وهنا ستنمو نواة الصراع الطائفي في المنطقة بعد ترسخه في سوريا وعندها تقوم امريكا بحماية الاقليات في سوريا كما تحمي الاقليات في العراق , طبعا ليس حبا ولا احتراما ولا اخلاقا من قبل امريكا بل لادامة المعادلة التي تديم الصراع الذي سيؤمن امن اسرائيل . اما الخيار الامريكي الثاني والذي سوف يؤمن امن اسرائيل ولكن بدرجة اقل فهو تقسيم سوريا الى دويلات ضعيفة ومتصارعة تنهك بعضها البعض وهي في احسن الاحوال لا تهدد امن اسرائيل تهديدا حقيقيا . اما الخيار الثالث والذي لا يختلف عن الثاني فيتمثل ببقاء الحال الراهن على ما هي عليه أي الصراع بين النظام والمعارضة الى امد طويل مما يكفل تدمير ذاتي لسوريا قد يُلغي حتى الدويلات التي يَلدها التقسيم . أي انها ستكون دويلات ولكن بلا اعتراف دولي بها .
بناء على ما تقدم , هل تدرك المعارضة السورية حقيقة ما تريد حليفتها الولايات المتحدة الامريكية – بعد اتفاق اوباما ورومني على ضرورة قيام نظام حكم في سوريا, ان لم يكن صديقا لاسرائيل فانه غير قادر على مقاومتها !؟ هل تدرك المعارضة السورية هذه الحقيقة ؟ واذا كانت تدركها كيف تفسر تحالفها مع عدو يريد لسوريا الهلاك او العوق الابدي !؟ اعرف ان البعض سيقول ان المعارضة ومن وراءها الشعب السوري لم ولن يعتمدوا على امريكا وحلفائها – قطر, السعودية, تركيا , ووو… ولكن الواقع يقول ان هذا الخيار من قبل المعارضة هو خيار وهمي او خيار للاستهلاك الاعلامي , لان المعارضة التي تحكمها قوى الارهاب والتكفير, لن تستطيع الصمود اسبوعا واحدا دون اموال الخليج واسلحة امريكا والعمق التركي والغطاء السياسي والدعم اللوجستي من امريكا والغرب .
بقي من القول : ان المعارضة السورية هي خليط متناقض بكل شيء ولا يجمعها غيرهدف واحد هو اسقاط النظام . وافضل فصائل هو من يريد تغييرالنظام الحاكم ولكن – بوعي تام بحقيقة ما يُراد لسوريا – تغيير لا يمس وحدة وقوة وانتماء سوريا وتوجهها العام . اما اكثر فصائل المعرضة سوءا فهي المعارضة التي تَعرف ما يُحاك لسوريا في واشنطن وتل ابيب وتريد تحقيق ذلك , وما بين المعرضتين نجد معارضة (الاخوان المسلمين) والسلفيين والتكفريين والارهابيين وكل هؤلاء محكومون بعمى العقيدة الدينية التي يستثمرها اصحاب المعارضة الثانية, خدمة لانفسهم ومصالحهم الخاصة التي لن يحصلوا عليها الا بيد امريكية كان قد باركها العم سام في تل ابيب.